عادي
تناغم هارموني فريد وساحر

الحرف العربي يتحاور بصرياً مع التشكيل

23:14 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: عثمان حسن
تتضمن مشاركات الدورة الجديدة من مهرجان الفنون الإسلامية، تجارب آسرة في تشكيل الحرف العربي، والفنانون في هذه التجربة التعبيرية والجمالية، يقدّمون اتجاهاً جديداً في تشكيل الحرف العربي، حيث يتصدر الحرف اللوحة، بوصفه مفردة تشكيلية قائمة بذاتها.

رغم هذا الاتجاه الجديد والمعاصر- في تشكيل الحرف، فإنه يستثمر ببراعة من قبل الفنانين، ليمنح اللوحة قيمة بصرية وروحية، يمكن استشفاف مدلولاتها من قراءة المنتج الحروفي بوجه عام، وما تحاول أن تقدمه الأعمال المشاركة من لغة بصرية، تتناغم مع روح الثقافة الإسلامية.

جوهر

لا بد من التأكيد، ونحن نتحدث عن التجربة الحروفية في مهرجان الفنون الإسلامية، أنها تجارب تشترك في سرد قصة جمال الحرف العربي، بوصفه يشكل لغة خاصة بمضامين جمالية ورمزية، تلفت لب المشاهد نحو أصالة الحرف، ورغم انتمائها –أي الحروفية- للمدارس الحديثة في التشكيل، وما تقدّمه من تجربة ساحرة، فإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن منظومتها القيمية، التي تمتاز أيضاً بالفرادة والتنوع.

تجليات

في معرضه الخطي «تجليات» يحكي السوري جلال المحارب، قصة جمال الحرف العربي، من خلال مزج الخط باللون، هنا، تقع عين المشاهد على تجربة حروفية وتشكيلية، تبرز تشكيل الحرف، بأبهى صورة تخلق أجواء من التناغم الروحي والبصري من خلال لوحات إبداعية ساحرة.

وجلال المحارب يقدم لوحات مبهرة في الحروفيات المعاصرة، وتتجلى فيها رؤية فنية معاصرة، حيث يشكل اللون ركنا أساسياً في اللوحة، التي يقرأها المشاهد، وكأنها تعبر عن تداخل هارموني جمالي ممتع وجذاب.

في تجربة أخرى لا تقل جمالاً، يرتقي الحرف العربي ليعبر عن جماليات تعبيرية وروحية من خلال مسحة اللون، التي يوظفها وسام الصايغ في معرضه «صلة، حرف وخزف»، هنا يظهر الحرف وكأنه يعبر عن جماليات خاصة ذات مدلول لغوي وفني وتشكيلي آسر.

ولوسام الصايغ، تجربة تستحق المشاهدة، فاستخدامه للحرف، يبرز الطاقات الجمالية لهذا الحرف على سطح اللوحة، فيظهر كمكون رئيسي في بعده الجمالي، كما يظهر براعة الأسلوب الفني في سعيه لطرح رؤية فنية قوامها تداخل الخط مع اللون، واستثمار أقصى ما يوفره الفضاء التشكيلي والبصري.

الحرف مزخرفاً

في تجربة حروفية من نوع آخر، تدرك الفنانة التركية بتول ديمير أهمية اقتران الحرف مع الزخرفة الإسلامية في تقديم منظور جمالي يفيد في تناسق وتناغم أبعاد اللوحة، والحرف عند بتول ديمير، يستثمر قواعد كتابة هذا الحرف، كما يستثمر تلك الانحناءات في نهايات الحروف مع استثمار البعد الزخرفي الملون الذي يقدم منظوراً تشكيلياً يدمج بين التراث والمعاصرة على نحو لافت.

واستخدام الزخرفة مع الخط، يفيد في تقديم جماليات الشكل، من توازن، وتناظر، وتقابل، كما يفيد في تقديم رؤية بصرية، استطاعت ديمير أن توزعها على سطح أعمالها في المهرجان، فظهرت متسقة ومتناغمة مع مفاهيم الطرح الإسلامي.

ابتهالات

منذ تجاربه القديمة في الحروفية، يتميز الفنان خليفة الشيمي بغنائية فنية خاصة ذات بعد روحي في كل ما يقدم من أعمال حروفية، تظهر قداسة الحرف العربي، مقروناً بمعالجة بصرية لونية، تميز خلالها الشيمي بأسلوبه الخاص، ففي إحدى لوحاته المعروضة في رواق جمعية الإمارات للفنون التشكيلية ضمن «الفنون الإسلامية» وهي بعنوان: «ابتهالات» يشي العنوان بالبعد الروحي أو الصوفي، كعتبة أولى تقدم منظوراً جمالياً وروحياً تحتفي بالأزرق وتدرجات البني، والتجربة الحروفية لخليفة الشيمي هي تجربة متميزة لجهة ما تقدمه من تناغم هارموني وبصري لافت.

رؤى فنية

يؤكد الخطاط والحروفي السعودي ناصر الموسى، أن الحرف العربي طيع وقابل للتشكيل، ويمكن تقديم أعمال إبداعية نصية، ليس الهدف منها قراءة المحتوى الأدبي فقط، بل التحاور معها بصرياً، بحيث نتلمس مواطن الجمال في هذه التشكيلات، وتعد أيضاً هوية، وليست كل الهوية بل هي جزء من الهوية العربية، بمعنى أننا نتكل على الحرف العربي للتعبير عن هويتنا، وفتح الطريق للفنانين الذين يتخذون من هذا الميدان مجالاً للتشكيل أو مجالاً للإبداع أو التعبير عن أحاسيس وخواطر وأفكار ورؤى وفكر وثقافة.. فالحرف قابل للتشكيل والتحاور من قبل أي فنان عربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"