بداية صعبة

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

مع بدء الجولة الأولى من المفاوضات الروسية - الأمريكية في جنيف حول أوكرانيا، وقبيل الانتقال إلى بروكسل لاستكمال المفاوضات مع حلف الأطلسي (الناتو)، بدا أن الجانبين يدخلان المفاوضات من طرفي نقيض، وإصرار على عدم تقديم تنازلات، وهذه هي طبيعة المفاوضات التي تنطلق من أسس صراعية على النفوذ والمصالح، طالما أن منطق القوة هو الذي يتحكم في مسارها.
 عشية المفاوضات جرى عشاء عمل استمر لساعتين جمع رئيس الوفد الروسي سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية، وويندي شيرمان رئيسة الوفد الأمريكي نائبة وزير الخارجية، خرج على أثره ريابكوف ليعلن أن المحادثات «كانت معقدة.. لا يمكن أن تكون سهلة»، لكنه وصف المحادثات بأنها كانت «جدّية»، في حين أكدت شيرمان «دعم الولايات المتحدة للمبادئ الدولية، المتعلقة بالسيادة والسلامة الإقليمية ولحرية الدول ذات السيادة في اختيار تحالفاتها» في إشارة إلى حق أوكرانيا في علاقاتها مع الدول الغربية وحلف الأطلسي.
 هذه المواقف المتعارضة تشير إلى أن المفاوضات سوف تكون صعبة ومعقدة، خصوصاً أن الجانبين وقبيل بدء المفاوضات أطلقا تصريحات ومواقف نارية، حيث استبعدت موسكو تقديم «أي تنازل» يتعلق بأوكرانيا، وقال ريابكوف «خاب ظننا بالإشارات الصادرة قبل أيام من واشنطن وبروكسل»، حيث حذر أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبرج من «وجود خطر فعلي لاندلاع نزاع جديد»، مشيراً إلى أن موسكو تطرح «شروطاً غير مقبولة»، وتكثف «التهديدات في حال عدم قبولها»، في حين قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن «من الصعب جداً إحراز تقدم فعلي مع مسدس موجّه إلى رأس أوكرانيا».
 السفير الأمريكي السابق في كييف جون هيرست يرى أن الانتشار العسكري الروسي على حدود أوكرانيا «خدعة كبيرة» من بوتين للحصول على تنازلات، حيث تتهم الدول الغربية روسيا بحشد حوالى مئة ألف جندي استعداداً لغزو أوكرانيا، في حين تؤكد موسكو أنها لا تعتزم القيام بأي هجوم، وتتهم الدول الغربية ب«فبركة» هذه المعلومات.
 يمكن اعتبار هذه المفاوضات بمثابة اختبار قوة بين الجانبين، مثل المفاوضات التي تجري تحت النار لانتزاع أكبر قدر من التنازلات.
 التطورات الأخيرة في أوكرانيا تعني بالنسبة لروسيا أن مصالحها الجيواستراتيجية في المنطقة باتت تحت التهديد، وأنه قد تكون مضطرة لسلوك غير طريق المفاوضات إذا لم تعالج مخاوفها الأمنية بعدم توسع «الناتو» شرقاً، وعدم تحويل دول أوروبا الشرقية منصة لتهديد مصالحها وأمنها. 
هذا يضع الطرفين أمام مسؤولياتهم في التخلي عن منطق الهيمنة والغطرسة وتخفيف وطأة الصقور و«الرؤوس الحامية» على القرارات السياسية، من خلال الاقتناع بأن هناك مصالح مشتركة بتعزيز الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم تقتضي الاتفاق على تنازلات متبادلة ومضمونة وفي إطار اتفاقات ملزمة مثل تأكيد حياد أوكرانيا وعدم التوسع شرقاً مقابل عدم نشر قوات روسية إضافية في بيلاروسيا وكاليننجراد والقرم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"