خلل في وضع الأولويات

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

هناك قطاع واسع من الناس يشتكي بشكل دائم من معضلة ضيق الوقت، وأن المهام الحياتية باتت كثيرة ولا يمكن إنهاؤها، ومثل هذه الشكوى مستمرة ونسمعها بين وقت وآخر، بل إن ضيق الوقت بات بمثابة المبرر لأي تأخير في إنجاز الأعمال والعذر الجاهز لأي تقصير يحدث في بيئة العمل. وهناك من تحدث عن هذه الشكاوى ويعتبرها غير منطقية وغير صحيحة، لأنه مع تزايد المهام تطورت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، وباتت تقدم تسهيلات ثورية في مجالات العمل، ويعزون أسباب الشكوى من ضيق الوقت لمشكلة أخرى تتعلق بالتنظيم وترتيب الأولويات. وعلى مستوى المدراء ورؤساء العمل، تعزى مثل هذه الشكوى إلى احتكارهم وعدم تفويض البعض من صلاحياتهم ومهام العمل لفريق الموظفين الذين يعملون تحت إداراتهم، فهم يقومون بجميع الأعمال، لذا من الطبيعي أن يكون هناك ضيق في الوقت. إذاً المشكلة هي عدم استغلال التقنية الحديثة أوعدم تفويض وتكليف الموظفين ببعض المهام والأعمال للقيام بها.
 هناك جانب آخر مضاد أوعكس تماماً لهذه الشكوى من ضيق الوقت، وهي الشكوى من الفراغ أو من اتساع الوقت، وهذه الشكوى قد لا تكون بصوت مرتفع كتلك أو لا تكون واضحة والحديث فيها متكرر مثل شكوى ضيق الوقت، لكنها موجودة وملاحظة خاصة عندما تتبع جدول أحد المقربين منك، فتجد أن معظم أوقاته يقضيها في سكون وفيما يضيعها رغم أنها ثمينة، وقد تكون مشكلة الفراغ أخطر من شكوى ضيق الوقت، لأن في ضيق الوقت عملاً وإنجازاً، والشكوى هنا تتعلق بمواصلة العمل، لكن الفراغ أخطر عندما يكون سلبياً وفيه خمول واستكانة وجمود وعدم فعالية، ودون شك أنه ممارسة ستقود إلى الفشل والتراجع. والمؤلف الكندي والدكتور أوستن ألبرت ماردن يقول: «إن حياة معظم الناس من الممكن أن تبنى أو تهدم في أوقات فراغهم»، وفي العادة من يشكون من الفراغ لا يستغلونه الاستغلال الأمثل في تطوير مهاراتهم وقدراتهم وزيادة معارفهم، ولو أنهم توجهوا هذا التوجه لما كانت هناك شكوى من الفراغ. 
دون شك أن الشكوى من ضيق الوقت أو من الفراغ، نتاج لخلل في التخطيط، وخلل في وضع الأولويات الحياتية في مكانها الصحيح وفي الوقت الأمثل.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"