حوكمة النظام الصحي

01:05 صباحا
قراءة دقيقتين

الصحة أساس الحياة، وركيزة لنهضة المجتمعات والدول، وتلك الحقيقة أصبحت واضحة أمام الدول والمنظمات الصحية العالمية والمجتمع المدني والحكومات والقطاع الخاص والأطراف المعنية خلال جائحة «كورونا»، فتلك الأزمة الصحية أوقفت حياة كثير من دول العالم، ودبت الشلل في الأنظمة الاقتصادية والصحية والتعليمية والمالية والسياسية، وأدركت الحكومات العالمية أهمية الاهتمام بالأنظمة الصحية، وزيادة الميزانيات المخصصة لها، وتقوية البنية التحتية، وضرورة العمل التشاركي الدولي، وحوكمة النظام الصحي. 
خلال الجائحة بات المشهد واضحاً فيما يخص الدول التي كانت قادرة على السيطرة وتقديم الرعاية الصحية للجميع بعدالة وتساوٍ، والدول التي كانت هشة أمام أول أزمة صحية، فلم تقدم الدعم الصحي للجميع بعدالة، فاختارت الأولوية للشباب وتركت المسنين يصارعون الموت، ولم يحصل الجميع على اللقاح بنزاهة، والأسوأ من ذلك لم تفصح بعض الدول عن البيانات بشفافية لمنظمة الصحة العالمية والمجتمعات الدولية، وأخفت أعداد الإصابات والوفيات، ما أثر في اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، سواء في الدولة المعنية، أو العالم. 
تلك الحقائق تثير مسألة أهمية حوكمة النظام الصحي، وإعادة النظر في آليات الرقابة على الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة والنامية، فجائحة «كورونا» كشفت الحقائق بأدلة من الميدان الصحي، فثمة دول تصنف بأنها متقدمة وتمتاز بنظام صحي قوي، لكن خلال الأزمة، كانت ضعيفة ولم تتمكن من استيعاب المصابين وتقديم الرعاية الأولية، ولم تكن تملك آلية صحيحة في إدارة النظام الصحي، وهذا ينقلنا إلى نقطة مهمة تتمثل في غياب آليات حوكمة المنظومة الصحية في الدول المتقدمة والنامية. 
ونموذج دولة الإمارات جدير بالمشاركة، خاصة أن الدولة أثبتت قدرتها على إدارة الأزمة بكفاءة وفاعلية، والعلاج واللقاح توافر للجميع بتساوٍ وعدل ومجاناً، ومن ثم التغطية الصحية كانت شاملة للجميع، ولم تتوقف الخدمات الصحية، بل زادت وتيرة التطور بإدخال الذكاء الاصطناعي وتفعيل التطبيب عن بُعد، وتوصيل الأدوية إلى منازل المتعاملين، وافتتاح مستشفيات ميدانية لاستيعاب حالات «كورونا»، وتغير السياسات والاستراتيجيات الصحية بناء على توجيهات منظمة الصحة العالمية. 
والخطوة المتمثلة في تأسيس مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية وفصلها عن وزارة الصحة ووقاية المجتمع جاء لتحقيق المزيد من التقدم، ليختلف دور الوزارة من مقدمة للخدمات إلى الرقابة والإشراف والتنظيم ووضع السياسات والتشريعات والقوانين والوقاية، والاهتمام بمسؤولية حوكمة النظام الصحي، والمؤسسة هي التي تقدّم الخدمة والرعاية الصحية، وهذا الفصل سيسهم في تحسين المنظومة الصحية بالدولة، والتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، وتحقيق ركائز الحوكمة، وهذا ما سنشهده خلال الأعوام القادمة بعد الانتهاء من الفصل تماماً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"