الدول النووية تمارس التضليل

01:49 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

إذا كانت الدول الخمس الكبرى النووية (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا والصين )، أعلنت في بيان لها في مطلع الشهر الحالي، تعهدها بالعمل على عدم انتشار الأسلحة النووية، وعدم زيادتها إطلاقاً، وأقرت بأنه «لا يمكن كسب حرب نووية ويجب عدم خوضها إطلاقاً»، وإذا كانت روسيا والولايات المتحدة أكدتا أيضاً في حوارهما بجنيف حول الاستقرار الاستراتيجي أنه «لا يمكن لأي طرف أبداً أن يحقق انتصاراً في أي حرب نووية، ويجب عدم خوضها مطلقاً»، فالسؤال المطروح هو: لماذا إذاً لا يتم نزع سلاح نووي شامل يخلص العالم من مخاوف اندلاع حرب نووية مدمرة، باعتبار أن هذه الأسلحة تشكل تهديداً وجودياً على البشرية؟  ثم لماذا تواصل هذه الدول تحديث وتطوير أسلحتها النووية، وترصد لذلك مليارات الدولارات؟
 هناك تبرير واحد لهذه الدول وغيرها من الدول التي ترفض الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي للعام 1968، مثل الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، أن أسلحتها النووية ل«الردع»، ما يعني أن خطر هذه الأسلحة سوف يظل مسلطاً على العالم، وأن كل كلام عن تعهد بعدم استخدامه هو كلام من قبيل التضليل، ويفتقد المصداقية، لأن مجرد امتلاك سلاح نووي يعني أن هناك إمكانية لاستخدامه في أي وقت يرى أي طرف أنه يتعرض للخطر.
 ولو كانت الدول النووية الرسمية وغير الرسمية صادقة في نواياها بعدم استخدام الأسلحة النووية، لماذا لم توقع على معاهدة حظر الأسلحة النووية التي تبنتها 122 دولة، ودخلت حيز التنفيذ في 22 يناير /كانون الثاني الماضي، وصادقت عليها 51 دولة من بين هذه الدول؟. 
 هذه المعاهدة التي صاغها المجتمع المدني، وحصلت على «جائزة نوبل للسلام»، رحبت بها معظم الدول باستثناء تلك التي تمتلك أسلحة نووية التي إما التزمت الصمت، وإما أعربت عن استيائها، الأمر الذي يثير الريبة تجاه نوايا هذه الدول.
 صحيح أن الولايات المتحدة وروسيا خفضتا ترسانتيهما من الأسلحة النووية في ذروة الحرب الباردة من 70 ألف سلاح إلى 14 ألفاً، يضاف إليها 1200 سلاح آخر لدى الدول النووية الأخرى. ومع ذلك، لا تزال هذه الأسلحة قادرة على تدمير البشرية وكوكب الأرض، لدرجة أن تقارير العلماء تشير إلى أنه يمكن لحرب نووية محدودة بين الهند وباكستان أن تؤدي إلى مجاعة عالمية، قد تتسبب بمقتل نحو ملياري شخص جراء تأثيرها على المناخ العالمي.
 لقد جرب العالم نموذجاً بسيطاً من استخدام السلاح النووي، عندما أقدمت الولايات المتحدة على قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية بقنبلتين نوويتين أدتا إلى مقتل حوالى 150 ألف شخص، إضافة إلى دمار هائل، فكيف إذا ما تم اللجوء إلى الخيار النووي من جانب أية دولة،تحت أية ذريعة كانت، أو نتيجة خطأ ما، مع تطور هذه الأسلحة؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"