نهاية الوباء

01:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

ما يزال العالم يزيد من إجراءاته، للوقاية والحد من انتشار المتحور الجديد من فيروس كورونا (أوميكرون). وعلى الرغم من ارتفاع أرقام الإصابات بالفيروس فإن أعراض المرض لا تستدعي  في أغلب الأحيان  النقل للمستشفيات، كما أن أرقام الوفيات بشكل عام نتيجة الإصابة بوباء «كورونا» في تراجع مطرد.
 أما زيادة أعداد المصابين بشكل كبير، فمرده في الأغلب إلى تطور وسائل الفحص والاختبار والتوسع فيها في أغلب دول العالم عمّا كان عليه الوضع حين بدأ الوباء قبل عامين. وعلى الرغم من الإثارة الإعلامية للأرقام في العناوين، وبعض تصريحات السياسيين، لحث شعوبهم على عدم التخلي عن الحذر وإجراءات الوقاية فإن الوباء بدأ بالفعل يفقد زخمه بشكل واضح.
* أولاً، لأن العالم أصبح مؤهلاً أكثر لمواجهته مع إنتاج اللقاحات المختلفة، والتوسع في التطعيم بها، وأيضاً تطوير أدوية علاج مضادة للفيروسات.
* ثانياً، لأن الطفرات المتتالية في الفيروس، تجعل المتحورات الجديدة أقل خطراً من حيث الإصابة الشديدة التي تستدعي النقل للمستشفى، وقد تؤدي إلى الوفاة. ونتيجة لتلك العوامل كلها، يمكن القول باطمئنان الآن إن البشرية قاربت على الوصول إلى وضع «مناعة القطيع» الذي تندر عليه البعض حين طُرح المصطلح في بداية الوباء العام قبل الماضي.
 في مقابلة قبل أيام مع شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، قال البروفيسور أندرو هايوارد من كلية لندن الجامعية: إنه لن يكون هناك متحور أقوى من أوميكرون الحالي؛ إذ يحتاج أي متحور كي يصمد مشكلاً وباءً أن تكون الطفرات الجديدة في حمضه النووي الأحادي كثيرة ومعقدة بالشكل الذي يجعله أكثر قدرة على الانتشار، وأكثر ضرراً من المتحورات السابقة. وهو رأي يجمل كل ما هو متاح، علمياً، حول تطور الفيروس حتى الآن. أما ما عدا ذلك فمغالاة غير علمية، لأسباب مختلفة.
 لا يعني ذلك أن فيروس «كورونا» سيختفي فجأة، فالأرجح أن الفيروس سيظل موجوداً لكنه سيكون من الضعف بحيث لا يشكل وباء عالمياً كما هو الحال في العامين الأخيرين. وسيكون من السهل على العالم التعايش معه، كفيروسات أخرى كثيرة تنشط في مواسم معينة مسببة بعض الأعراض متابينة القوة، لكن في النهاية يسهل التعامل معها. وربما يصبح مثل فيروسات من العائلة نفسها (التاجية) تصيب الجهاز التنفسي مثل فيروسات الإنفلونزا ونزلات البرد وغيرها. وربما يطور العلم لقاحاً سنوياً كهذا الذي نتلقاه قبل فصل الشتاء سنوياً للتطعيم ضد الإنفلونزا.
 لكن ما هو شبه مؤكد أن وباء كورونا بوضعه الذي غيّر حياتنا في العامين الأخيرين سينتهي ربما بمنتصف هذا العام. وحين أعرب الملياردير الأمريكي بيل جيتس عن تفاؤله المماثل الشهر الماضي، لم يلق العالم لذلك بالاً واهتماماً لأنه بدا كتفاؤل وسط ارتفاع أعداد الإصابات التي تحتل عناوين الأخبار. كما أن الكثير من العلماء البريطانيين خلصوا إلى أن نهاية الوباء وشيكة فعلاً.
بالطبع سنشهد ظهور متحورات جديدة، فهذا طبع الفيروسات أن تتحور دائماً، لكن كثرة الطفرات في التركيب الوراثي لشريط الحمض النووي الأحادي ربما يؤدي إلى ضعف فاعليته كمسبب للأمراض. 
 وربما يعزز هذا النظرية الأولية للأطباء والعلماء في بداية الوباء حين كان من الصعب فهم كيف يؤدي فيروس يصيب الجهاز التنفسي إلى فشل كل أعضاء الجسم الحيوية والوفاة. ذلك التفسير الذي كان يعني أن رد فعل الجسم على المهاجم الغريب هو السبب في الفشل الحيوي العام، لأن عاصفة من نوع معين من خلايا الدم البيضاء (سايتوكين) تغمر دم الإنسان، وتعطل وظائف الأعضاء الحيوية في الجسم.
ولعل تلك هي الفائدة الأكبر من اللقاحات والتوسع في إعطائها لملايين البشر. فاللقاح لا يحمي الجسم من الإصابة، وربما حتى لا يكون ما أدى إلى تكوينه من أجسام مضادة في الجسم كافياً لمقاومة الفيروس تماماً حين الإصابة به. 
 مرة أخرى، هذا التفاؤل بأن هذا العام هو عام نهاية الوباء ليس من قبيل «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وإن كان لا غضاضة في ذلك. إنما هو تفاؤل مبني على مقدمات حقيقية وتقديرات علمية نثق بها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

يشتغل في الإعلام منذ ثلاثة عقود، وعمل في الصحافة المطبوعة والإذاعة والتلفزيون والصحافة الرقمية في عدد من المؤسسات الإعلامية منها البي بي سي وتلفزيون دبي وسكاي نيوز وصحيفة الخيلج. وساهم بانتظام بمقالات وتحليلات للعديد من المنشورات باللغتين العربية والإنجليزية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"