احذر قوة العاطفة

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

تمر علينا الكثير من المشاعر الجياشة في المواقف العصيبة، وسواء أكانت مواقف حزينة أم سعيدة، فإن المشاعر التي تصبح ماثلة تكون لها الكلمة العليا، وكأنها حالة تسيطر علينا، وبسببها قد تنتج عنا قرارات أو نحسم مواضيع كان الأجدر والأفضل التمهل والتأني حتى تزول وتنتهي، تمهيداً لإنهائها أو للفصل فيها. ونسمع بين وقت وآخر نصيحة من المختصين وأهل الخبرة تحث على التمهل والتريث، وعدم الاستعجال وإصدار قرارات أو تبني مواضيع مصيرية وحاسمة في حالات العاطفة أو المشاعر الجياشة؛ خشية أن تكون هذه القرارات متأثرة بتلك المشاعر، وتكون الكلمة العليا للعاطفة وليس للعقل. ونعرف أنه في بعض مواقف الحياة يتم تغليب العاطفة على العقل، ومن هنا تحدث جملة من المشاكل، وتنتج الكثير من المعوقات والصعوبات، فالقرارات المصيرية والمهمة عندما تصدر وفق العاطفة وتكون متأثرة بالمشاعر والأحاسيس، ولا تُدرس بشكل جيد ودقيق، تكون بعيدة عن الواقعية، ونتائجها مؤلمة أو ليست في المستوى المطلوب أو ليست وفق الغاية المراد تحقيقها.
وهذا طبيعي؛ كون العاطفة حالة نفسية عابرة تمر بالإنسان، ولا تستمر طويلاً، أما العقل فهو يعتمد على الأسس والمعايير والمعلومات، وينتج لك القرار بعد مرحلة من التفكير؛ لذا تكون عادة قراراته ناجحة ودقيقة، خاصة مع تلائم المعلومات ودقتها. يقول المؤلف الشهير مارك توين: «البعض يصدق الكذبة إذا كانت من شخص يحبه، والبعض يكذب الحقيقة إذا كانت من إنسان يكرهه، وهنا تطغى العواطف على الحقيقة». هذه المقولة لا تجانب الواقع الذي نعيشه؛ حيث للعاطفة قوة ناعمة على الكثير من الناس، تؤثر في قراراتهم ورؤيتهم الصحيحة، والمشكلة التي يجب التنبه لها أن قوة العاطفة تتداخل في كثير من الجوانب الحياتية، مثل: التعليم، التربية، المجتمع، العلاقات...إلخ. على سبيل المثال، نجدها ماثلة بشكل فج وكبير، في مجال تربية الأطفال، فبعض الآباء والأمهات، يغدقون الرعاية والحب والحنان على أطفالهم دون النظر لجوانب تربوية أخرى مهمة يجب أن يتعلمها الطفل وينمو وفقها. هذه العاطفة الجياشة لأطفالنا تحد من التربية القويمة المبنية على أسس صحيحة، أطفالنا في أمسّ الحاجة إليها. والعقل يقول: علينا أن نربي ونعلم ونؤسس أطفالنا على مواجهة التحديات، لبناء مستقبل مشرق لهم، وهذا لن يحدث بالحماية المبالغ فيها، ولا بالعاطفة التي تغمر الطفل بالدلال، وعدم تحمل المسؤولية.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"