تعد دراسة تاريخ العلاقات الدولية، واحدة من أهم الدراسات، خاصة المتشابكة منها في ما بين الدول الاستعمارية الكبرى، وإن كانت إحدى تلك الدول دولة صغيرة صعدت من القاع إلى منصة الدول الاستعمارية الكبرى، فاليابان واحدة من تلك الدول الصغيرة، التي استطاعت أن تشهد تطوراً كبيراً خلال فترة زمنية وجيزة نسبياً، لم تتجاوز الأربعة عقود، جعلتها تحتل مكانة مرموقة بين الدول الكبرى في مطلع القرن العشرين، بعد أن كانت بالأمس القريب على وجه التحديد في نهاية القرن التاسع عشر، واحدة من الدول الآسيوية الفقيرة المتخلفة في شتى النواحي الاقتصادية والسياسية، والأكثر من ذلك أنها أجبرت الدول الكبرى على الاعتراف بها كدولة من الدرجة الأولى، ومن بين تلك الدول كانت الولايات المتحدة التي اعترفت باليابان كدولة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، تحسب لها الدول الأخرى حسابات خاصة.
وقد تناول د. حمادة الشافعي في كتابه «صراع قوى المحيط حول الصين» الصراع الأمريكي الياباني حول الصين خلال الفترة من 1931 إلى 1945 وتمثل هذه الفترة جذور العلاقة بين طرفين من أهم أطراف الصراع الدائر بين القوى الكبرى في المنطقة، ومثلت وقود النار التي أشعلتها القوى الدولية الكبرى في منطقة الشرق الأقصى في بداية القرن المنقضي، حيث شهدت صعود الطبقة العسكرية اليابانية، وسيطرتها على مقاليد الحكم في اليابان، ومن ثم بدأت في التطلع إلى إتمام حلمها التوسعي بتكوين إمبراطورية يابانية على أنقاض الدول الاستعمارية الغربية، في منطقة الشرق الأقصى، حيث وجدت السبيل في ذلك هو تحقيق حل التوسع داخل الأراضي الصينية، والسعي نحو إتمام المشروع الياباني الكبير الذي ظل يراودها منذ انقضاء أعمال مؤتمر الصلح في باريس، بالتوسع والسيطرة على كافة الأراضي الواقعة تحت السيطرة الغربية في الشرق الأقصى، وإقامة إمبراطورية يابانية في كافة الأراضي الآسيوية إلا أن ذلك قد اصطدم بالموقف الأمريكي الذي رأى في التوسع الياباني خطراً كبيراً يهدد المصالح، بل والوجود الأمريكي في المحيط الهادي والشرق الأقصى والصين بصفة خاصة، ما دفع الولايات المتحدة للعمل على إجهاض هذا المشروع الياباني ودحر الطبقة العسكرية الحاكمة في اليابان.
تكمن أهمية الموضوع في كونه واحداً من الموضوعات الشائكة في تاريخ العلاقات الدولية خاصة علاقة الولايات المتحدة تجاه أحد أهم دول مناطق النفوذ الاستعماري في الشرق الأقصى.
