عادي
سلطان هو المعلم الأول والملهم والمستشار والسند

الشيخة جواهر تكتب بمداد الإنسانية «رسائل جوهرية»

23:01 مساء
قراءة 5 دقائق

الشارقة : عثمان حسن
هذا التدرج المتصاعد لفهم جوهر الحياة التي أساسها الإنسان، ولبنتها الأسرة، يرتقي إلى ما يشبه النظرية في فهم سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ورئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في إمارة الشارقة، التي صدر لها مؤخراً عن منشورات القاسمي بالتعاون مع المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس، كتاب «رسائل جوهرية» ويتضمن مقدمة، وعشرة فصول.

تكمن أهمية هذا الكتاب في كون مؤلفته الشيخة جواهر القاسمي ذات دور بارز ومؤثر في الأعمال الإنسانية والخيرية، وفي مجالات كثيرة، مثل رعاية مرضى السرطان ورعاية وحماية الأطفال اللاجئين والأيتام والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما برز دورها في حثها على تأمين التعليم للجميع وخاصة الأطفال، وفي تبنيها لمشاريع مؤثرة تعنى بالأسرة وتمكين المرأة والطفولة، إلى جانب اهتمامها بالتراث الثقافي للإمارات، لإيمانها بأهمية الثقافة ودورها في الارتقاء بالإنسان وتميزه عن باقي المخلوقات، ولكي يتمكن من المساهمة في نهضة المجتمع وتطوّره، وأن يكون كذلك في صورة ما يحدث من تغيرات في عصر السرعة والعولمة.

جاء الكتاب في 525 صفحة، مرتباً في مقدمة وعشرة فصول على النحو التالي: (الأسرة وحلم الاستقرار، سلام يا إنسان، إلى أبنائي وبناتي.. مع التحية، المرأة.. الحضور الأهم، مناهج الحياة «عن العلم والتعلم»، الإمارات وطني، صحتنا، المؤسسات.. وتحديات العمل، الثقافة.. وأجنحة الفنون،وسلطان.. الإنسان أولاً وأخيراً).

ولعل اللافت في هذا الكتاب، هو إدراك سمو الشيخة جواهر القاسمي لأهمية الجوانب الإنسانية في حياة الفرد، فثمة ما يشير إلى ضرورة معرفة الدوافع والحاجات البشرية، وهي حاجات ودوافع لا بد من مراعاتها، وتوجيهها في الإطار الصحيح، حتى يمكن استثمار نتائجها من أجل تحقيق الغايات والأهداف التي سعت سموها لتحقيقها ابتداء من الأسرة وانتهاء بالمجتمع.

فالأمان الاجتماعي الذي يجب أن يتحقق داخل الأسرة، هو شرط ملهم لتحقيق الهدف، فالأب مسؤول والأم مسؤولة، وكلاهما يتحملان مسؤولية التوجيه والإرشاد وتحقيق الأفضل للأبناء، ثم تأتي مسؤولية المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والثقافية الراعية، لتمارس هي الأخرى دورها التوعوي وخلق بيئة أفضل نحو مزيد من التقدم والنجاح في الحياة.

فالأسرة بحسب فهم سموها تحتاج إلى توفر مظلة من الأمان المادي والمعنوي، وهي مظلة يجب أن تركز على عناصر عدة أساسها الحب والانتماء، حتى يشعر الفرد بأهمية أن يكون عضواً فاعلاً في جماعة أكبر وهي المجتمع.

هذا الإطار الاجتماعي سوف يشعر فيه الفرد، بوصفه عنصراً في أسرة صغيرة، بقوة إيجابية تدفعه إلى التفاعل مع الإطار الأوسع وهو إطار اجتماعي سوف يشعر فيه بالألفة والثقة، والاحترام والتقدير.

1

مقاصد نبيلة

ومثل هذه المعاني والأهداف والغايات، نجدها متجسدة في إشارة لافتة في مفتتح الكتاب، حيث يرد على لسان سموها: «كتبت هذه الرسائل بمداد نابع من تداعيات المعاني الرفيعة.. وانتظامات الأفكار الرشيدة.. وهي بجملتها تشكل مصفوفة واحدة.. تتسق في جوهريتها الواحدة وتتنوع في مقاصدها النبيلة».

ولكي يكتمل هذا البناء، كان التدرج مهما أيضاً، فالفصل الأول «الأسرة.. وحلم الاستقرار» هو عتبة رئيسية للتأسيس، وهي غاية لن تتحقق إلا إذا كان حضور الأب فيها إيجابيا، ثم تتتابع الأدوار والمسؤوليات من الأم والأبناء، مع تركيز على ضرورة حل المشكلات الأسرية، ومن ثم تبدأ مسؤولية الثقافة والتعليم، وهي عتبة استراتيجية حيث تقول الشيخة جواهر القاسمي: «قد لا يقدر كثير من الأسر أهمية أن تكون القراءة حالة مرافقة ليومياتنا نحن الكبار، وصغارنا يعتبروننا الأنموذج الذي يقلدونه، ويسيرون على نهجه منذ لحظة نطقهم وما قبلها في المهد وهم يعيشون لحظات التأمل في الحياة».

الأمل والسلام

في الفصل الثاني تركز سموها على بناء الإنسان، لكي يشعر بالتالي بالسلام الذي يتوخاه، حيث تقول: «نحن نبني إنساناً يبحث في ذاته عن مكامن النور والسكينة وحب الحياة والاندفاع نحوها من دون تهور، مساهما في جعل هذه الحياة عنواناً للأمل والسلام».

ويرتقي هذا المفهوم عند الشيخة جواهر ليبلغ مرتبة أعلى حين تكون الغاية هي تحقيق الشراكة الإنسانية، وهي بالتأكيد مسؤولية جماعية، تحقق فهما أشمل للتعاطف الإنساني، وهو شكل من أشكال التعايش الصحيح بين بني البشر.

النموذج

ولكي تتحقق مثل هذه الشروط، فسموّها بوصفها صاحبة مسؤولية كبيرة، وهي أم كذلك، بل تشعر بأمومتها خارج الإطار الضيق للأسرة نحو المجتمع الأوسع وهو الأسرة الإماراتية، فهي تقدم نموذجاً فريداً في التربية، كما هو في الفصل الثالث حيث تقول: «إلى أبنائي وبناتي مع التحية» حيث تقول: «أبنائي وبناتي عليكم أن تضعوا خطواتكم في مكانها الصحيح، وأن تحرصوا على الانضمام إلى فريق عمل يخدم المجتمع والوطن، وأن تجتهدوا في تطوير ذواتكم بمزيد من اكتساب العلوم والمهارات وصقل المواهب الإبداعية التي تمتلكونها».

وتتوالى فصول الكتاب مروراً بالمرأة وحضورها الأهم، وهو حضور يستدعي من الجميع الوقوف معها فهي نصف المجتمع «لنكن مع المرأة.. ليس لأجلها فقط.. بل لأجل المجتمع والمستقبل والتنمية والسلام» ثم تأتي «مناهج الحياة عن العلم والتعلم» وهي بالطبع مناهج كثيرة تبدأ من الصفوف الدراسية، وتمر على أبجديات من فصول التعلم الديني والثقافي والعلمي التي يحسن بالفرد أن يعيها ويستفيد منها، وهي بالضرورة مناهج تستقي من أبجديات الوطن الحنون بقادته وشعبه، الذي يقف متماسكاً مهما بعدت به المسافات بأبنائه، فأساسه هو الإنسان الذي يعيش فيه مع قيمة الانتماء والحب الذي يعكس معاني القوة والانتماء للأرض والهوية.

الحاكم الإنسان

لم تنس الشيخة جواهر القاسمي في غمرة مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية، أن تتذكر قرينها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي خصصت الفصل الأخير من الكتاب للتعريف بإنجازاته، وأكثر من ذلك لترد الفضل لأصحابه، فهو بالنسبة لسموها الملهم الأول وهو السند والمستشار الناصح، حيث تقول: «سلطان القاسمي هو مناصري الأول، وهو الملهم والمستشار والداعم والسند، فقد شجعني في الميادين كلها التي صغتها على مدى عقود من العطاء في خدمة المجتمع المحلي بداية، ومن ثم الانطلاق نحو العالمية»..

وقد أفردت الشيخة جواهر القاسمي هذا الفصل ليتحدث عن صاحب السمو حاكم الشارقة، الرجل الإنسان قبل أن يكون حاكماً، فأشارت لسموه كرجل علم وثقافة، معروف على النطاق العربي والعالمي، فهو في كتابها «سلطان الإنسان» وهو صاحب الفضل في كافة الإنجازات، وهو المعلم، الذي يقتدى بما حققه من مبادرات في شتى في ميادين التعليم، في الصروح الجامعية والأكاديمية، وفي البنى التحتية لكل معالم الثقافة والفنون في الشارقة، وفي غيرها من الدول، وهو الحاكم الذي تنطبع بصماته في كل مكان، فيشع علماً ومعرفة وثقافة، ورأفة بالإنسان وبالأسرة وبالأطفال والنساء والكهول والمعوزين.. وفي هذه اللفتة الكريمة إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، يكتسب هذا الكتاب أهمية استثنائية في إشارته إلى المنبع والأصل، وفي إشاراته الكثيرة إلى التفاصيل التي تحققت على الأرض، معالم تستحق الدهشة والتأمل، فسموه صاحب اليد الطولى في كل إنجاز، كيف لا وهو عاشق الحياة وعاشق المسرح، وهو الحاكم الذي وعى منهاج الإمارات الوطني الذي يهدف إلى زرع القيم من خلال استثمار القدرات الذاتية، وإثبات الذات وتأكيد أن الإنسان الإماراتي مهما كانت رفاهيته كبيرة إلا أنه قادر على الفعل والتأثير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"