اللامنطق في «قواعد الطلاق الـ45»

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

الفكرة هي الأساس بلا شك، لكنها وحدها لا تصنع عملاً ناجحاً، ولا تكفي لتقديم مسلسل كامل متكامل. كيف تُكتب، وتتسع، وتتحول من بذرة إلى نص وأوراق، والأوراق تصبح شخصيات من لحم ودم وحوار حي يحكى ليراه ويسمعه أكبر عدد من الناس، وبأي شكل، وضمن أي إطار يتم تقديم هذا العمل؟ 
حين نأتي بفكرة من الغرب ليتم تنفيذها في الشرق، لا يلتفت بعض صنّاع الدراما إلى مدى تطابق المضمون بتفاصيله الصغيرة والمهمة مع طبيعة مجتمعاتنا، قد تكون الفكرة العامة مقبولة، وتحدث في أي مكان في العالم، مثل الطلاق، والمشاكل العائلية التي تؤدي إليه، أو تتوالى من بعده، ووارد جداً أن تتشابه، أياً كانت جنسية الزوجين، إنما الاختلاف في تفاصيل الحياة الأسرية والاجتماعية، وهي تختلف كثيراً بين مجتمع وآخر وفق اختلاف المعتقدات والعادات؛ لذلك لا نستغرب تحويل المسلسل الأمريكي «دليل الصديقات للطلاق» إلى مسلسل عربي تحول اسمه إلى «قواعد الطلاق ال45»، نسبة إلى عدد حلقاته ال45، إنما نستغرب احتفاظه بروحه ومضمونه الأمريكيين، رغم محاولة مخرجه، مصطفى أبو سيف، ومؤلفاته سارة مراد، فاطمة نبيل، هيا حاتم، ودينا ماهر، تعريبه والتغيير فيه. 
«دليل الصديقات للطلاق» الأمريكي بدأ عرضه عام 2014 وامتد إلى خمسة أجزاء لينتهي في 2018، فهل سيمتد «قواعد الطلاق ال45» مثله إلى أجزاء، كما حصل مع مسلسل «الآنسة فرح» أجنبي الأصل أيضاً؟ 
وفق ما تقوله منصة «شاهد»، يعتبر المسلسل من بين الأكثر مشاهدة لديها، فتتحمس أنت لمشاهدته، وتمنّي النفس ب«تحفة» فنية عائلية درامية، وتنتظر حلقة بعد الأخرى أن يأتي ما يبهرك، ثم تنزل درجة بمستوى آمالك، وترضى بما هو أقل، فإذا بالمضمون يجنح إلى اللامنطق واللاواقع، بالنسبة إلى أي أسرة عربية، لا العلاقات بين الصديقات تكون على هذا النحو، ولا العلاقات بين الأزواج والمطلقين تكون بهذه الأريحية، مثل أن تأتي أم بصديقها الأصغر منها سناً إلى البيت وأمام أعين ابنتها المراهقة، وابنها الصغير، إضافة إلى أنها منفصلة عن زوجها ولم تُطلّق بعد. 
 معالجة مشاكل الطلاق، وإن كانت بشكل «لايت كوميدي» الهدف منه التسلية، لا يمكن أن يلمسنا إذا رأيناه ناطقاً بالمصرية وكل أفكاره غربية، يعني المضمون في وادٍ، وواقع الجمهور بوادٍ آخر. فضلاً عن أن أداء بعض الممثلات مبالغ فيه، خصوصاً إنجي أبو زيد، وسالي شاهين، بينما تجسد إنجي المقدم شخصية البطلة الرئيسية بأداء مقبول، ومثلها هايدي كرم.
 لو نزلت مؤلفات العمل إلى الواقع المصري، أو العربي، لنجحن في تقديم عمل جديد وناجح، وضمن نفس إطار فكرة حياة النساء المطلقات وهن في الأربعين من العمر، وبالروح الخفيفة نفسها، ولتقبّلناه وحاولنا هضم المبالغة في أداء بعض ممثلاته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"