فرصة أمام العراق

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

فتح البرلمان العراقي بانتخاب محمد الحلبوسي رئيساً له الباب أمام المضي قدماً في استئناف العملية الديمقراطية بتشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للعراق. فانتخاب الحلبوسي كان نتيجة توافق التيار الصدري مع المكونين السني والكردي، على الرغم من اعتراض «الإطار التنسيقي» الشيعي، ومحاولته نسف جلسة البرلمان.

 هذا التوافق الثلاثي من المنتظر أن يتواصل، لتشكيل الكتلة الأكبر التي بإمكانها تشكيل الحكومة، وبالتالي انتخاب رئيس الجمهورية. وفي حال تحقق ذلك، فإن التيار الصدري (73) نائباً سيكون مؤهلاً لتشكيلها، بانتظار أن يحسم المكون الكردي أمره، باختيار مرشحه لرئاسة الجمهورية؛ حيث تجري مفاوضات بين حزب الاتحاد الوطني بقيادة الطالباني، والحزب الديمقراطي بقيادة البرزاني، لاختيار شخصية مقبولة لهذا المنصب؛ إذ إن الاتحاد الوطني يصّر على التجديد للرئيس الحالي برهم صالح في حين يرى الحزب الديمقراطي ضرورة اختيار مرشح محايد. ووسط هذا الجدال تقدم رزكار محمد، القاضي الذي تولى محاكمة الرئيس السابق صدام حسين كمرشح كردي للرئاسة، وطالب الأحزاب الكردية بدعمه. يذكر أن القاضي المذكور استقال من محاكمة صدام حسين، بسبب «الضغوظ والأجواء المشحونة في المحاكمة، بسبب أطراف سياسية وحاكمة».

 ويشترط للترشح لمنصب رئيس الجمهورية وفق الدستور العراقي «أن يكون الشخص عراقياً بالولادة، ومن أبوين عراقيين، وكامل الأهلية، وأتم الأربعين سنة من عمره، وله سمعة حسنة وخبرة سياسية، ومن المشهود له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن».

 وبانتظار أن تحسم الأحزاب الكردية موقفها، يواصل التيار الصدري لقاءاته مع مختلف الكتل النيابية، لتشكيل «الكتلة الأكبر» التي ستكلف بتشكيل الحكومة التي يصّر رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر على أن تكون «حكومة أغلبية وطنية»، وليست حكومة توافقية كما جرت العادة؛ وذلك من منطلق أن الحكومات السابقة كانت تتم وفق المحاصصة الطائفية التي أدت إلى تفلت الوضع الأمني، وانتشار الفساد، وتصاعد الأزمات الاجتماعية؛ لذلك فهو يرى أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون «حكومة القانون» لا مكان فيها «للطائفية والعرقية»، مشيراً إلى أن «بابنا مفتوح لبعض ما زلنا نُحسن الظن بهم»، في إشارة واضحة إلى المكونات الشيعية الأخرى، وخصوصاً تلك المنضوية في «الإطار التنسيقي» التي خسرت الانتخابات الأخيرة.

 إذا ما تمكن التيار الصدري من تشكيل «الكتلة الأكبر» من خلال تكرار تحالفه مع المكونين السنيين والمكونين الكرديين والذي انتهى باختيار الحلبوسي، فإن هناك فرصة حقيقية، لصناعة قرار سياسي جديد في العراق في المرحلة المقبلة، ينهي عهود المحاصصة السياسية، ويسهم في إطلاق عملية ديمقراطية تستكمل خطواتها بإخراج العراق من قمقم الطائفية الذي كبّل مسيرته منذ احتلاله عام 2003.

 إن الوصول إلى هذا الهدف مرهون بوعي كل القوى العراقية بأن منطق الغلبة والقوة لن يخرج العراق من أزماته المستعصية، ولا بد بالتالي من القبول بالإرادة الشعبية وخياراتها التي حددت من هي القوى السياسية التي عليها أن تقود المرحلة المقبلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"