الاحتمــــالات فـــي الحـــروب

تقييم اللايقين في السياسة الدولية الحالية
00:43 صباحا
ترجمة وعرض:
نضال إبراهيم
قراءة 8 دقائق
1
1

عن المؤلف

الصورة
1
جيفري أ.فريدمان
أستاذ مساعد في الحكومة بكلية دارتموث. يركز في أبحاثه على الطرق التي تشكل بها المخاطر واللايقين قرارات السياسة عالية المخاطر، لا سيما في مجال الأمن القومي. يكتب في العديد من الدوريات. حصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد في 2013.
  • القادة الكبار للاستراتيجيـات لا يجـرون تقييمـاً دقيقاً لفرص نجاحهم
  • الخبــــــراء يتجنبون مناقشة المخاطر المحيطـة بالخـيارات السياسيـة
  • زيادة التركيز على التقييم يحسن النقاش حول السياسة الخارجية
  • العقيدة الرسمية لتحليل الاستخبارات تشجع على تقييم حالة اللايقين
  • عدم اليقين كان بارزاً في العراق وحرب فيتنام وخليج الخنازير

يحيط الغموض بكل قرار مهم في السياسة الدولية، لكن مع ذلك، هناك دائماً فسحة للاختلاف حول ما تنطوي عليه حالة اللايقين هذه. لا يمكن لأحد أن يتوقع بثقة اندلاع الصراع المسلح، أو التنبؤ بالركود الاقتصادي، أو توقع الهجمات الإرهابية، أو تقدير المخاطر الأخرى التي تشكل خيارات السياسة الخارجية في الولايات المتحدة. يناقش الكتاب تقييم هذا الالتباس الحاصل واللايقين المرتبط بالسياسات القائمة.

يعتقد العديد من المراقبين والمفكرين أنه من الأفضل إبقاء مناقشات السياسة الخارجية مركزة على الحقائق فهي، في أفضل الأحوال، مضيعة للوقت لمناقشة الأحكام غير المؤكدة التي غالباً ما تكون خاطئة. يوضح جيفري فريدمان في كتابه هذا كيف يحاول مسؤولو السياسة الخارجية في كثير من الأحيان تجنب التحدي المتمثل في تقييم حالة اللايقين، ويجادل بأن هذا السلوك يقوض عملية صنع القرار عالية المخاطر. يعتمد الكتاب على مزيج مبتكر من الأدلة التاريخية والتجريبية، ويوضّح كيف يمكن لمحللي السياسة الخارجية تقييم اللايقين بطريقة متماسكة نظرياً وذات مغزى تجريبي ويمكن الدفاع عنها سياسياً، وتكون مفيدة عملياً، وأحياناً ضرورية منطقياً لاتخاذ خيارات سليمة. يتعارض هذا الكلام مع الشكوك المنتشرة حول قيمة التفكير الاحتمالي في السياسة الدولية، ويظهر كيف أن زيادة التركيز على تقييم اللايقين يمكن أن يحسن تقريباً أي نقاش حول السياسة الخارجية.
 مع معاينة واضحة للمنطق وعلم النفس والسياسة في تقييم اللايقين، يقدّم الكتاب أسساً جديدة لفهم أحد أكثر العناصر إثارة للجدل في خطاب السياسة الخارجية. يدعم الكتاب هذه الحجة من خلال معاينة الحلقات الحاسمة في تاريخ سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة، مثل التخطيط الاستراتيجي في فيتنام، وتقييمات برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية، والبحث عن أسامة بن لادن. يعتمد الكتاب أيضاً على مجموعة متنوعة من الأدلة الكمية، بما في ذلك قاعدة بيانات تحتوي على ما يقرب من مليون توقّع جيوسياسي، ودراسات تجريبية تضم مئات من المتخصصين في الأمن القومي.

1

 تعليقات لتحسين القرارات السياسية
 يختلف هذا الكتاب أيضاً عن الدراسات السابقة في كيفية تعامله مع العلاقة بين الشرح والوصف. عادةً ما تعطي الدراسات الأكاديمية للسياسة الدولية الأولوية للوظيفة التفسيرية للعلوم الاجتماعية، حيث يركز المؤلفون على بناء نموذج وصفي للعالم يساعد القراء على فهم سبب تصرف الدول والقادة بطرق محيرة. يوجّه معظمهم تحليلاتهم حول الأسئلة النظرية والتجريبية التي تعتبر مهمة لشرح السلوك المرصود. على الرغم من أن مثل هذه الدراسات يمكن أن تولد رؤى ذات صلة بالسياسات، إلا أن هذه الأفكار غالباً ما تكون ثانوية بالنسبة للأهداف الوصفية للباحثين. في الواقع، فإن بعض الأفكار الأكثر بروزاً التي تنتجها هذه الدراسات هي أنه لا يوجد سوى القليل نسبياً الذي يمكننا القيام به لتحسين السلوك الإشكالي، إما لأن مسؤولي السياسة الخارجية لديهم حوافز قوية للتصرف بطريقة مضرّة أو لأن خياراتهم تتشكل من خلال قوى هيكلية خارج سيطرتهم. هذا الكتاب، على النقيض من ذلك، يعطي الأولوية للقيمة الإلزامية للعلوم الاجتماعية. يهدف إلى فهم ما يستلزمه اتخاذ القرار السليم من حيث المبدأ ومدى قربنا من هذا المعيار في الممارسة. 
 لخدمة هذه الأهداف، تركز الفصول في الكتاب على الأسئلة النظرية والتجريبية التي تعتبر مهمة لفهم كيفية تحسين تحليل السياسة الخارجية واتخاذ القرار وليس فقط لشرح الوضع الحالي في هذا المجال. ومع ذلك، كما هو الحال مع معظم العلوم الاجتماعية، تتداخل الأهداف في الكتاب. من خلال إظهار كيف يبالغ المؤلفون والممارسون في كثير من الأحيان في العقبات التي تحول دون تقييم اللايقين في السياسة الدولية، تكشف الفصول التالية عن عدد الجوانب الرئيسية في هذا الموضوع التي لا يزال يتم فهمها وإساءة فهمها.
 في الوقت الذي يركّز فيه الكتاب على تقييم اللايقين في السياسة الدولية وبينما معظم أمثلته مستمدة من سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة، على وجه الخصوص، فإن الموضوعات الأساسية للكتاب ذات صلة بأي مجال يحتوي على اتخاذ القرارات عالية المخاطر. يمكن تعميم مناقشة قيمة تقييم الاحتمالية في معظم مجالات السياسة العامة، وفي الواقع يحدث هذا الأمر على امتداد الحياة اليومية. فمثلاً تتطلب القرارات الطبية، على سبيل المثال، تقييم اللايقين المحيط بالتشخيصات المثيرة للجدل أو خيارات العلاج. ومع ذلك، يمكن للأطباء، مثل محللي السياسة الخارجية، أن يترددوا في وصف اللايقين عند التحدث مع مرضاهم. «بموجب القانون، يُطلب من بعض الوكالات الحكومية تحديد الدرجة التي يتوقعون عندها أن تقلل اللوائح المقترحة من احتمالية النتائج غير المواتية. وجد بعض النقاد أن هذه الممارسة ستكون سخيفة وقد تأتي بنتائج عكسية. كما أنه لأكثر من عقد من الزمان، انخرط علماء المناخ في نقاش قوي حول الأساليب المناسبة لإبلاغ الجمهور باللايقين فيما يتعلق بتوقعات الاحترار العالمي وارتفاع مستوى سطح البحر والقضايا البيئية الأخرى».
 يقول المؤلف: «النتائج التجريبية من أحد المجالات لا تنطبق دائماً على المجالات الأخرى. ومع ذلك، يمكن أن يمتد الإطار المفاهيمي للكتاب والمنهجية التجريبية إلى أي مجال تقريباً من مجالات اتخاذ القرارات عالية المخاطر»، مضيفاً: «وإلى الحد الذي يُفهم فيه عادةً أن السياسة الدولية معقدة وموضوعية بشكل خاص، يجب أن يشكل هذا المجال درجة عالية من الصعوبة لتحسين جودة ودقة التفكير الاحتمالي».
 احتمالات موضوعية خلال رسم السياسات
 يصف المؤلف في مقدمته شكوكاً واسعة النطاق بشأن قيمة تقييم اللايقين في السياسة الدولية. يقول: «يجادل «اللاأدريون» بأن تقييمات اللايقين في السياسة الدولية لا يمكن الاعتماد عليها إلى حد لا يمكن أن تكون مفيدة في تشكيل قرارات السياسة الخارجية الرئيسية. يجادل «الرافضون» بأن محاولة تقييم حالة اللايقين في السياسة الدولية يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، حيث تحيط تحليلات السياسة الخارجية بأوهام الصرامة أو تعريض محللي السياسة الخارجية لانتقادات مفرطة. يدعي «المتشائمون» أن محللي السياسة الخارجية وصناع القرار لديهم دوافع موضوعية لتجنب تقييم حالة اللايقين. يوضح المؤلف كيف دفعت هذه الأفكار العديد من الخبراء والممارسين والمحللين إلى تجنب إجراء مناقشات متأنية حول المخاطر المحيطة بخيارات السياسة الخارجية الرئيسية، ويصف كيف يظهر هذا النفور من التفكير الاحتمالي في العديد من القضايا البارزة، مثل قرار الرئيس كينيدي التصريح بغزو خليج الخنازير وقرار الرئيس أوباما بمداهمة مجمع أسامة بن لادن في أبوت آباد، باكستان.
 يصف الفصل الأول بعنوان «تشريح تقييم الاحتمالية» كيف يتجنب محللو السياسة الخارجية في كثير من الأحيان تقييم اللايقين بطريقة تدعم اتخاذ القرار السليم. يقول المؤلف:«يمكن أن يتخذ هذا النفور من التفكير الاحتمالي ثلاثة أشكال: الأحكام غير الدقيقة التي لا تؤسس معنى واضحاً؛ أحكام الاحتمال النسبي، التي تؤطر تقييمات اللايقين مقابل خطوط الأساس غير المحددة؛ والتكييف، وهي ممارسة تحدد الافتراضات التي يجب أن تصمد حتى يكون البيان صحيحاً، ولكنها لا تقول شيئاً عن احتمال أن يكون الاستنتاج صحيحاً بالفعل». يوضح الفصل كيف أن العقيدة الرسمية لتحليل الاستخبارات والتخطيط العسكري تشجع محللي السياسة الخارجية على تقييم حالة اللايقين بهذه الطرق الإشكالية. ثم يُظهر كيف شكلت هذه الأساليب الإشكالية لتقييم اللايقين أعلى مستويات صنع القرار في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام، مع التركيز على كيفية صياغة القادة الكبار للاستراتيجيات العسكرية دون إجراء تقييم دقيق لفرص نجاحهم.
 يستكشف الفصل الثاني بعنوان«الاحتمالية الموضوعية والسياسة الدولية» الأسس النظرية لتقييم اللايقين في السياسة الدولية. ويبدأ بتوضيح أن جميع التقييمات المهمة لحالة اللايقين في السياسة الدولية تقريباً موضوعية. يوضح القسم الثاني من الفصل كيف يمكن الاعتقاد بأن هذه الأحكام الموضوعية لا معنى لها، لكن هذه الحجة تحمل آثاراً منطقية لا يمكن لأي محلل سياسة خارجية قبولها. يوضح الفصل كيف يمكن للإطار النظري أن يساعد في حل المشكلات التحليلية الصعبة، مع التركيز بشكل خاص على المناقشات بين محللي المخابرات الأمريكية حول فرص أن أسامة بن لادن كان يعيش في أبوت آباد، باكستان، في ربيع عام 2011.
 يحلل الفصل الثالث بعنوان «قيمة الدقة في تقييم الاحتمالية» قاعدة بيانات تحتوي على ما يقرب من مليون توقع جيوسياسي. يعلق المؤلف بالقول:«تظهر هذه البيانات أن محللي السياسة الخارجية فعالون بشكل مدهش في تقدير الاحتمالات الموضوعية. إذ تنقل الفروق الدقيقة في تقديرات الاحتمالية معلومات مفيدة حول السياسة العالمية، وليس تفاصيل عشوائية». يوضح الفصل أن التعبيرات النوعية الشائعة عن اللايقين (بما في ذلك التعبيرات الموصى باستخدامها حالياً في التحليل الاستخباراتي والتخطيط العسكري) تقلل بشكل منهجي من قيمة خطاب السياسة الخارجية. ويرى أنه «لا يبدو أن قدرة محللي السياسة الخارجية على تحقيق «عودة إلى الدقة» في تقييم الاحتمالية تعتمد على أسئلة سهلة أو آفاق زمنية قصيرة أو سمات معرفية خاصة. بدلاً من ذلك، يبدو أن قيمة الدقة في تقييم الاحتمالية هي مهارة قابلة للتعميم يمكن لمحللي السياسة الخارجية صقلها من خلال التدريب والجهد والخبرة».

1

 تبديد الأوهام
 يستكشف الفصل الرابع بعنوان «تبديد أوهام الصرامة» سيكولوجية تقييم اللايقين في السياسة الدولية، ويقدم سلسلة من التجارب الاستقصائية التي تختبر مخاوف مهمة حول المدى الذي يمكن أن يؤدي فيه التفكير الاحتمالي الشفاف إلى تشوه جودة تحليل السياسة الخارجية واتخاذ القرار. يقول المؤلف:»إن أهم هذه المخاوف هو الفكرة القائلة بأن التقييمات الواضحة لحالة اللايقين تخلق أوهاماً تجعل القادة غير حساسين للمخاطر. على عكس هذا التأكيد، يشير الدليل التجريبي في الفصل إلى أن اختيارات صانعي القرار حساسة للاختلافات الدقيقة في التفكير الاحتمالي، وأن جعل هذا المنطق أكثر شفافية يشجع صانعي القرار على توخي مزيد من الحذر عند تعريض الأرواح والموارد للخطر. تضم هذه التجارب المئات من المتخصصين الحقيقيين في الأمن القومي وآلاف المستجيبين من غير النخبة».
 يستكشف المؤلف في الفصل الخامس بعنوان«سياسة اللايقين واللوم» سياسات تقييم اللايقين في الشؤون الدولية، ولا سيما من خلال الفكرة القائلة بأن تقييمات الاحتمالية الواضحة تعرض محللي السياسة الخارجية لانتقادات مفرطة. على الرغم من أن هذه الفكرة منتشرة بين الممارسين للعلاقات الدولية، إلا أن هناك الكثير من الأسباب للاعتقاد بأن العكس هو الصحيح. إذا كان خطاب السياسة الخارجية مستقطباً حقاً كما يقال، فإن ترك الأحكام الرئيسية غامضة قد يزيد في الواقع من كشف اللوم من خلال منح النقاد الفرصة لإصدار تصريحات غامضة تبدو أكثر خطأ مما هي عليه في الواقع. يدعم هذا الفصل هذا الادعاء من خلال تمشيط الأدلة التجريبية في مراجعة تاريخية لإخفاقات استخباراتية متصورة مثل غزو خليج الخنازير، وحرب يوم الغفران، وتقييمات برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية.
 وفي الفصل السادس بعنوان «التحليل والقرار»، يرى المؤلف كيف يمكن لصناع القرار دمج تقييمات اللايقين في خيارات السياسة الخارجية عالية المخاطر. يبدأ من خلال وصف أداة تحليلية بسيطة تسمى تحليل التعادل، والتي يمكن للقادة من خلالها استخدام تقييمات احتمالية صريحة كنقطة ضغط لتحديد ما إذا كان القرار المحفوف بالمخاطر يستحق العناء أم لا. ثم يشرح الفصل كيف أن الاستدلال الاحتمالي الشفاف مهم بشكل خاص لتقييم التقدم الاستراتيجي. في بعض الحالات، قد يكون من المستحيل في الواقع إصدار أحكام صارمة حول المدى الذي تحرز فيه السياسات الخارجية تقدماً مقبولاً دون تقييم الاحتمالات الموضوعية بالتفصيل.
 يتطرق الفصل الختامي من الكتاب بعنوان«وضع الاحتمالية في مقدمة ومركز خطاب السياسة الخارجية» إلى مناقشة الفرص العملية لتحسين تقييمات اللايقين في مناقشات السياسة الخارجية، ويركز على قيمة إنشاء معايير تضع التفكير الاحتمالي في مقدمة ومركز مناقشات السياسة الخارجية. يقول المؤلف:«هناك ثلاث طرق رئيسية لمتابعة هذا الهدف: يمكن لمنظمات السياسة الخارجية تحسين المعايير التحليلية الرسمية لتقييم اللايقين؛ يمكن لصناع القرار تشجيع محللي السياسة الخارجية بنشاط على تقييم اللايقين بطرق واضحة ومنظمة؛ ويمكن للنقاد الضغط على خصومهم لوصف حالة اللايقين التي تحيط بمقترحات السياسة المثيرة للجدل. هذه الديناميكية الأخيرة مهمة بشكل خاص، لأنها تظهر أن هدف تحسين تقييمات اللايقين في السياسة الدولية ليس مجرد قضية للمسؤولين الحكوميين؛ إنها أيضاً مسألة كيف يمكن للخبراء والصحفيين والمحللين رفع معايير الخطاب العام».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن المترجم

نضال إبراهيم

كتب مشابهة

1
داون سي ميرفي
1
مايكل كريبون
بوتين وشي جين بينغ
ريتشارد ساكوا
1
هاين دي هاس

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

المزيد من الكتب والكتاب

1
ميريام لانج وماري ماناهان وبرينو برينجل
جنود في كشمير
فرحان م. تشاك
لاجئون سوريون في تركيا
لميس علمي عبد العاطي
1
ديزيريه ليم
1
جيمي دريبر
1
جورج ج. فيث
1
باسكال بيانشيني وندونجو سامبا سيلا وليو زيليج
1
جيريمي غارليك