عادي
انتصرت على «الجائحة» ولم تتوقف يوماً

مدارس الإمارات تتجاوز «كورونا» بالتعلم عن بعد

00:13 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

على الرغم من استمرار جائحة «كورونا»، وتعدد متحوراته وتداعياته وآثاره، فإن الإمارات قدمت أروع النماذج للعالم في فنون التعامل معها، لاسيما في قطاع التعليم الذي استمر من دون توقف منذ بداية الجائحة.

«التعلم عن بُعد» أداة التمكين لمنابر العلم على مدار عامين من الأزمة الصحية العالمية، وحقق نجاحات متوالية خلال فترة وجيزة، سواء على مستوى التعليم «العام أو الجامعي»، وفق آراء خبراء التعليم الذين أكدوا أن منصات العلم والمعارف، ظلت تعمل بكامل طاقاتها في الإمارات، على الرغم من كل المصاعب والتداعيات والاثار التي جلبها معه الفيروس التاجي.

تربويون أكدوا أن التعلم عن بُعد، أبرز الإيجابيات التي أفرزتها الجائحة التي أزعجت العالم، وأربكت المجتمعات، والإمارات أدارت الأزمة بحكمة فائقة وتصدرت قائمة أفضل الدول التي تعاملت مع الجائحة، ونجحت في تطبيق «التعليم الرقمي»، لتحمي منابر العلم من خطورة التوقف، ومكنت أكثر من مليون ومائتي ألف طالب وطالبة في الدولة من التعليم.

ويرى معلمون أن الجائحة أسهمت في تمكين التعلم عن بُعد، الذي حمل معه سيناريوهات معرفية جديدة فعالة، غيرت وجهة منظومة التعليم، التي احتوت على منصات ذكية، توفر المعارف والعلوم على مدار الساعة، وخطط واستراتيجيات جديدة عززت جودة المخرجات في مختلف مراحل التعليم.

«الخليج» ترصد مع الميدان التربوي النجاحات المتوالية التي حققتها الإمارات عبر تطبيق التعلم عن بُعد، الذي مكن أبناء الدولة من المواطنين والمقيمين من الاستمرار في التعليم، وأصبح لدينا منه مخرجات تعليمية على مدار عامين من عمر الجائحة التي مازالت مستمرة.

مكتسبات ونجاحات

حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم، يرى أن الإمارات انتصرت على «كورونا» بتجربة التعلم عن بُعد، التي حققت مكتسبات تربوية وتعليمية واجتماعية كبيرة، ومكنت مجتمع التعليم من إدراك التغير، وتجاوز هذا النمط التعليمي المعوقات كافة، ليصل العلم إلى أكثر من مليون ومئة ألف طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم، وهم جالسون في البيوت، موضحاً أن الإمارات أبدعت في التعامل مع الجائحة وحولت الصعوبات إلى إنجازات.

وأكد أن منظومة التعليم في الإمارات استفادت من الممكنات وتوظيفها وفق مسارات ممنهجة ومدروسة، إذ استطاعت أن تجتاز الأزمة وتتغلب على تداعياتها، موضحاً أن الجاهزية التي تتمتَّع بها المنظومة التعليمية مكَّنت الإمارات من تجاوز التحديات والصعوبات، بسلامة، والمحافظة على استمرارية التعليم في الدولة.

وأشار إلى قدرة منظومة التعليم في الإمارات على التجاوب مع أزمة جائحة كوفيد 19، نظراً لتوفر البنية التقنية اللازمة بكامل، فضلا عن قدرة المُعلمين على التعامل مع منظومة التعليم عن بُعد، التي طبّقت على الجامعات، وبحمد الله لم يحدث لدينا أي توقف في التعليم بالإمارات حتى الآن، على الرغم من تداعيات الجائحة وآثارها.

وقال إن التعليم عن بُعد مرحلة جديدة من رحلة التعلم المستمرة، إذ ترتكز على التقنية والتعلم الذكي، وأساليب متفردة، تواكب الحداثة، وتسخر التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية، لخدمة الطلبة بعيداً عن العوائق المكانية الزمانية التي تفرضها المستجدات.

حرفية عالية

فيما أكد الخبير الدكتور وافي الحاج، أن الإمارات تعاملت مع جائحة «كورونا»، بحرفية عالية، في مختلف القطاعات، لاسيما التعليم، حيث طبقت التعلم عن بُعد، الذي يستحوذ على عدد من الإيجابيات، تضم المرونة، والانضباط الذاتي، وإدارة الوقت، وحس المسؤولية، وتطوير مهارات الطلاب الفكرية، وزيادة الدافعية نحو التعليم، وجودة المخرجات، بما يواكب المتغيرات، وتنوع مصادر التعلم، والاعتماد على النفس، وعدم الحاجة للانتقال، والكلفة الأقل.

وأفاد بأن التعلم عن بُعد يعد صورة واقعية للتعليم المستقبلي، الذي يدعو الطلبة للتعلم خارج الغرف الصفية المتعارف عليها، مدعومين بأجهزة مختلفة، مستمعين لمعلمين من اختيارهم، مع تنوع المهارات والقدرات الطلابية، موضحين أن هناك عشرة اتجاهات تحكم مستقبل التعليم في الوقت الراهن ومستقبلا، تتمثل في: تنوع الوقت والمكان، والقدرة على التعلم «الذاتي»، وحرية الاختيار في المحتوى التعليمي ومن يدرسه، والتعلم القائم على المشاريع، والخبرة الميدانية، وتفسير البيانات، وتغير مفهوم الامتحانات، ومركزية الطالب ليكون أكثر استقلالية، والإرشاد والتوجيه كأداة فاعلة مستدامة، والرقمنة التعلمية القائمة على المفاهيم.

أداة فاعلة

وقالت التربوية خلود فهمي إن التعلم عن بُعد بات أداة فاعلة لتطوير مهارات القرن الحادي والعشرين لدى الطلبة، موضحة أن التجربة في الإمارات حققت نجاحاً باهراً، وعكست أهمية التكنولوجيا، وتوظيفها في حياتنا اليومية، إذ تم استثمار تكنولوجيا المعارف والعلوم، في مختلف المواد للصفوف كافة، عبر أفضل المنصّات والتطبيقات، ما أسهم في نجاح التجربة في معظم المدارس، فضلاً عن المستويات العالية التي جسدت قدرة أولياء الأمور على المشاركة في تعليم، وتأهيل الأجيال لعصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.

وقالت إن نظام التعليم عن بُعد يشهد إقبالاً كبيراً في مختلف الدول التي ركزت على تطبيقه، إذ إن هناك تجارب مر بها منذ عام 1887، التي تتبلور في تجربة مراكز التعلم الليلية، بالمراسلة البريدية، التي تعتمد على إرسال المواد التعليمية، من المعلم إلى المتعلم بدون تفاعل بينهما، فضلا عن تجربة التعلم عبر المذياع أو الوسائل المسموعة والتلفاز، التي تشكل وسائط تعليمية أكثر تطوراً وحداثة، حيث يتم الارتكاز في عملية التعليم والتعلم على عناصر الصوت والصورة والحركة.

الإمارات الأفضل

وأكد المعلمون: بهاء عزت ومحمد عبد الله وإبراهيم بدوي وزبيدة مراد ورشا حمدان، أن أبناء الامارات يعدون الافضل حظاً من غيرهم في العالم في استمرار عملية التعليم والتعلم، إذ إن الجائحة عصف بأحلام أكثر من 1.6 مليار طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم، لعدم قدرتهم على الذهاب للمدارس والجامعات، التي اغلقت بسبب تداعيات تفشي فيروس «كورونا».

وقالوا إن عملية التعلم الرقمي تركز على رفد الطالب بالمحتوى المعرفي والتطبيقي، بجودة وكفاءة عبر الحصص والتطبيقات، مشيرين إلى أن نجاح التعلم عن بُعد، ارتكز على الجاهزية المسبقة، التي لعبت دوراً مهماً في إنجازاته، ولكن تبقى أهمية الاحتياجات للتطوير، للتغلب على التحديات والصعوبات.

وأفادوا بأن التعلم عن بُعد كان رهاناً رابحاً لاستمرار التعليم بشكل يضمن أمن وسلامة وصحة الجميع في الميدان التربوي، عبر سيناريوهات متنوعة رسمت صوراً جديدة لتعليم الابناء، فضلاً عن البروتوكولات التي وجدت لحماية منابر العلم، والتصدى لأي تداعيات أو تحديات.

أدوار جديدة

أما أولياء الأمور: سهام ذكي وعلياء حسنين وميساء عبد الله وعلي حسان ومظهر مختار وسعيد علي، فأكدوا أن منظومة التعلم عن بُعد أفرزت أدواراً جديدة فاعلة للآباء والامهات في عملية تعليم أبنائهم، إذ إنها لم تكن موجودة من قبل، لاسيما أن المنظومة تمتاز بخصائص تربوية متقدمة قادرة على تقييم مستويات الطلبة، نظرا لاعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتكيفة مع احتياجات المتعلمين التعليمية والتربوية، ما يسهم في سد الفجوات المعرفية، وتقديم تجربة تعليمية ريادية.

وأكدوا أن بوابة التعلم الذكي، وما تضمنته من منصات داعمة، تعد دروعاً معرفية لا تعيق تقدمها ظروف مكانية أو زمانية، إذ مكنت التعليم الحكومي والخاص من المواد التعليمية في جميع المراحل، وأفرزت نواتج إيجابية لافتة، منذ اندلاع أزمة كورونا.

الشرارة الأولى

الدكتورة ريم الغول، قالت إن الإمارات ركزت منذ اندلاع الشرارة الأولى لأزمة كورونا على تحصين مجتمع التعليم بإجراءات احترازية وبروتوكولات صحية خاصة، بمؤسسات التعليم (العام والجامعي)، التي يجب أن تتبعها لتحقيق بيئة تعليمية آمنة وصحية ومحفزة للتعلم عند تشغيل المنشآت التعليمية أثناء الجائحة.

وكان من أبرز المشاهد الإيجابية التي رصدناها خلال الجائحة تلك التي نراها في تزاحم الحلول المقدمة، لحماية منابر العلم، منذ تفشي فيروس «كورونا»، إذ تحولت تطبيقات ذكية إلى منصات تعليمية في عصر الفيروس التاجي، وشهدت شركات التقنية وحلول التعليم رواجاً كبيراً في مجتمع التعليم، تفاعلا مع المبادرات وحلول التعلم الجديدة.

وكان لمنصة «مدرسة» دور فاعل في توفير التعليم لملايين الطلبة، إذ أتاحت المنصة التي تعد واحده من مبادرات مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، 5 آلاف درس تعليمي بالفيديو، للطلبة من رياض الأطفال حتى الصفّ الثاني عشر، وفق أرقى المعايير والضوابط الفنية في اختيار المواد العلمية، وتعريبها، ومواءمتها مع مناهج الدول العربية، وقدمت خدماتها التعليمية لأكثر من 50 مليون طالب.

5 سلبيات قابلة للعلاج

أفاد عدد من المختصين بأن هناك 5 سلبيات شائعة في نظام التعليم الافتراضي، ولكن يمكن معالجتها، منها عدم وجود تفاعل بين الطالب والمعلم، صعوبة تطبيقه في بعض التخصصات، لاسيما العملية والعلمية القائمة على التجارب والابحاث، مع وجود صعوبة في الالتزام، وعدم التواصل مع زملاء الدراسة، وغياب روح المنافسة التعليمية.

ليس نمطاً جديداً

لم يكن التعلم عن بُعد نمطاً تعليمياً جديداً كما يعتقد بعضهم، إذ إن بدايته كانت في بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية في أواخر السبعينات، التي كانت ترسل مواد تعليمية مختلفة عبر البريد للطالب، تشمل الكتب، شرائط التسجيل وشرائط الفيديو، كما كان الطالب بدوره يرسل فروضه الدراسية باستخدام الطريقة نفسها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"