حفلات «داوننج ستريت»

01:01 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل أقل من عام، تداولت وسائل الإعلام الفرنسية أخباراً عن ارتياد وزراء في الحكومة مطاعم سرية، في مخالفة لقيود مكافحة «كورونا» التي اقتضت، في تلك الفترة، إغلاق المطاعم والمقاهي. ويومذاك صرح المتحدث باسم الحكومة بأن «من واجب وزراء الحكومة أن يكونوا نموذجيين».
ويبدو أن التحقيقات أظهرت أن هناك مبالغات إعلامية في الأمر، فأغلق الملف، على ما يبدو، بسرعة، ولم تترتب عليه تداعيات سياسية، كتلك التي تواجه اليوم رئيس الحكومة البريطانية، بوريس جونسون، في تصرفات قريبة من هذا، بل إنها تفوقها، حيث اضطر جونسون للاعتذار العلني عن حضوره حفلة خلال فترة الإغلاق الأولى في بريطانيا للحد من انتشار الفيروس.
لم تُقم الحفلة في مطعم سري، على غرار ما جرى في فرنسا، إنما في حديقة مقر رئاسة الوزراء، في «10 داوننج ستريت» في مايو/ أيار من عام 2020، ورغم أنه قال إن الحفلة المذكورة راعت القواعد الضرورية، لكن لم يكن بوسعه تجاهل حقيقة أنه كان عليه أن يدرك كيف سيبدو الأمر بالنسبة إلى الجمهور.
في تلك البلدان لا يلزم أن يقع رئيس الحكومة في إخفاق سياسي جسيم، كي يجد نفسه مطالباً بالاستقالة عن منصبه، وإنما تكفي واقعة من نوع الحفل الذي أقيم في مقر عمل جونسون كي تنهال عليه السهام مطالبة إياه بالتنحي عن رئاسة الوزراء. وطبيعي أن يكون حزب العمال المعارض في مقدمة المطالبين بذلك، فتلك فرصة لا تعوض بالنسبة إلى الحزب الغريم، حيث وصف رئيسه أقوال جونسون بصدد ذلك الحفل بـ«الأكاذيب والأعذار المثيرة للسخرية».
ويفاقم مأزق جونسون أن هذه المطالبة أتت أيضاً من نواب من حزبه، حزب المحافظين، حيث قال أحد هؤلاء النواب إن على جونسون الاستقالة قبل أن تنشر الموظفة الحكومية الرفيعة، سو جراي، تقريرها عن حفلات «داوننج ستريت»، فيما قال النائب وزعيم حزب المحافظين في اسكتلندا «لم يعد ممكناً الدفاع عنه موقف رئيس الوزراء».
ليست المصائب وحدها لا تأتي فرادى. يحدث ذلك مع «الفضائح» أيضاً، فإضافة إلى ذلك اضطر جونسون إلى الاعتذار للملكة إليزابيث الثانية، بعد فضيحة الحفلات التي أقيمت في «داوننج ستريت» عشية جنازة زوجها فيليب، فبينما كانت الملكة تحضر وحيدة حزينة مراسم دفن زوجها، كان فريق رئيس الوزراء يحضر حفلاً بمقره في «داوننج ستريت»، في وقت كان فيه تجمع أفراد من أسر مختلفة داخل أماكن مغلقة محظوراً.
مبكراً الجزم بما إذا كان ذلك سينتهي باستقالة جونسون، لكن وزيرة في حكومته لخصت الأمر بالتالي: «القانون ينطبق على الجميع... بما في ذلك رئيس الوزراء»
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"