عادي
«إس أند بي»: إصدارات الصكوك «ثابتة» خلال 2022

تطبيق المعيار «أيوفي» يخفض إصدار الصكوك في الإمارات 64%

23:43 مساء
قراءة 7 دقائق

دبي: «الخليج»

تعتقد وكالة «إس أند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» بأن حجم إصدارات الصكوك سيظل، في أحسن الأحوال، ثابتاً في عام 2022 في ظل انخفاض السيولة العالمية والإقليمية وزيادة كلفتها، والتعقيدات الإضافية في عملية الإصدار، وتراجع احتياجات التمويل لبعض البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي.

وقالت الوكالة: «نتوقع أن تؤدي فترة ارتفاع أسعار النفط، إلى جانب زيادة الإنتاج وتشديد الرقابة على الإنفاق، إلى انخفاض الاحتياجات التمويلية لبعض البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي». وأضافت: «في ظل قوة سوق العمل، وقراءات التضخم المتسارعة خلال الأشهر القليلة الماضية، وتزايد التوجيهات المستقبلية برفع سعر الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نتوقع الآن رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2022، حيث من المتوقع الإعلان عن أول زيادة في مايو/ أيار. وهذا سيؤدي إلى زيادة مماثلة في أسعار الفائدة من البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي نظراً لارتباط عملتها بالدولار الأمريكي».

وبعيداً عن هذه التوجهات الأوسع نطاقاً، واجه سوق الصكوك فترة اضطراب في عام 2021 بسبب تطبيق المعيار 59 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، حيث انخفض حجم إصدار الصكوك في دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، بنسبة 64%. ويرجع ذلك - جزئياً - إلى التعقيدات الإضافية التي أدخلها هذا المعيار. بالرغم من تطبيق الحلول القانونية، إلا أنه كان للتغيير أثر سلبي في رغبة المُصْدرين والمستثمرين لإصدار الصكوك. يقودنا ذلك، إضافة إلى العوامل التي ذكرناها في بداية تقريرنا، إلى أن نتوقع استقرار حجم إصدار الصكوك ما بين 145-150 مليار دولار في عام 2022.

ولكن، من ناحية إيجابية، نرى أن الفرص التي أوجدها تحول الطاقة في البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي، وزيادة وعي المُصْدرين الإقليميين بالحوكمة البيئية والاجتماعي وحوكمة الشركات، واتساع تطبيق الأتمتة باستخدام حلول التكنولوجيا المالية، من الممكن تدعم نمو سوق الصكوك في المستقبل.

الاستقرار أفضل الأحوال

في عام 2021، بلغ إجمالي إصدارات الصكوك 147.4 مليار دولار، مقابل 148.4 مليار دولار في عام 2020. وتأتي الزيادة في إصدارات عام 2020 مقارنة بالأرقام الواردة في تقاريرنا السابقة من التغييرات في أسعار الصرف وارتفاع حجم الإصدارات في كل من باكستان وإندونيسيا، مقارنة بحجم الإصدارات التي أعلن عنها سابقاً. وفي العام الماضي، استفاد السوق من زيادة الإصدارات من القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية. وعادت عُمان أيضاً إلى السوق بعد إصدارها سندت تقليدية في عام 2020، كما شهدت كل من ماليزيا وتركيا ارتفاعاً في إصدارات الصكوك. وفي المقابل، تراجعت إصدارات الصكوك بشكل ملحوظ في دولة الإمارات العربية المتحدة. ونعتقد أن السبب وراء ذلك هو تطبيق المعيار 59 «لأيوفي».

وارتفعت إصدارات الصكوك المقومة بالعملات الأجنبية بنسبة 10% في عام 2021. ونرى أن هذا النمو كان ناتجاً عن الإصدارات الضخمة في المملكة العربية السعودية، واستمرار نمو الإصدارات في ماليزيا وإندونيسيا - وبدرجة أقل - تركيا، نتيجة لظروف السوق المواتية والسيولة الوفيرة. كما أدى إصدار بعض البنوك الخليجية لأدوات تعزيز رأس المال للاستفادة من الظروف المواتية نفسها، إلى تعزيز النمو أيضاً. في المقابل، شهدت قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة أكبر انخفاض في الإصدارات المقوّمة بالعملات الأجنبية.

أهم العوامل

أولاً: تراجع السيولة وزيادة كلفتها

في ظل قوة سوق العمل، وقراءات التضخم المتسارعة خلال الأشهر القليلة الماضية، وتزايد التوجيهات المستقبلية برفع سعر الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نتوقع الآن رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2022، حيث من المتوقع الإعلان عن أول زيادة في مايو/ أيار. ومن المرجح أن تتبع البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي مثل هذه الخطوة للحفاظ على ربط عملتها بالدولار الأمريكي. وهذا يعني أن السيولة العالمية والإقليمية ستصبح أكثر كلفة.

نتوقع أيضاً تراجع احتياجات التمويل في بعض البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط مقارنة بالمستويات المتدنية خلال فترة الجائحة، والذي إلى جانب زيادة الإنتاج وتشديد الرقابة على الإنفاق، سيؤدي إلى انخفاض أو استقرار الاحتياجات التمويلية لبعض البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي. ومع ذلك، لا نزال نعتقد أن تنفيذ مشاريع التحول الاقتصادي، مثل رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، سيؤدي إلى بعض الفرص لإصدار الصكوك.

ثانياً: التعقيدات المتزايدة

إن تطبيق المعيار 59 لأيوفي سيواصل تأثيره في حجم الإصدارات، على الرغم من إجراء الإصلاحات القانونية. ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع مخاطر الأصول المتبقية للمستثمرين والتحديات المتعلقة بتوافر الأصول غير المرهونة في الميزانيات العمومية للمُصْدرين إلى تراجع الرغبة في الصكوك. ولا ينطبق المعيار 59 فقط على المُصْدرين المقيمين في الدول التي اعتمدت معايير أيوفي، ولكن أيضاً على الدول التي تستهدف المستثمرين من هذه الدول. وحتى الآن، تبنت 20 دولة معايير «أيوفي» الشرعية، جزئياً أو كلياً، إضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، ومعظمهم من الدول الرئيسية في صناعة التمويل الإسلامي، بالرغم من أنه من الجدير ملاحظة أن بعض الدول الأساسية الكبرى في التمويل الإسلامي ليست جزءاً من القائمة. وهذا قد يؤدي إلى تفاقم الاختلافات في الهياكل المستخدمة في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، وإلى الانحراف عن الهدف الأكبر وهو الوصول إلى قطاع تمويل إسلامي أكثر تكاملاً.

وتطور الجائحة يمكن أن يشكل أيضاً مصدر خطر لسوق الصكوك. وتعتقد وكالة «إس أند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية»، أن متحور «أوميكرون» هو بمثابة تذكير صارخ بأن جائحة «كوفيد-19» لن تنتهي قريباً. وهناك حالة من عدم اليقين تحيط بقابلية انتقاله وشدته وفعالية اللقاحات الحالية ضده. وتشير الدلائل المبكرة إلى قابلية أسرع لانتقال العدوى، ما دفع العديد من الدول إلى إعادة فرض تدابير التباعد الاجتماعي وقيود السفر الدولية. وخلال الأسابيع المقبلة، نتوقع الحصول على المزيد من النتائج، وستُظهر الاختبارات مدى الخطر الذي يمثله لتمكيننا من إجراء تقييم أدق للمخاطر التي يتعرض لها الائتمان. ومن وجهة نظرنا، يثبت ظهور متحور «أوميكرون» مرة أخرى أن هناك حاجة إلى المزيد من الجهود المنسقة والحاسمة لتطعيم سكان العالم لمنع ظهور متحورات جديدة أكثر خطورة.

ما هي المخاطر الجديدة لمعيار أيوفي 59؟

تتم هيكلة العديد من الصكوك الهجينة من خلال مزيج من الأصول والسلع الملموسة. وغيّر المعيار 59 المتطلبات الخاصة بميزة مهمة للمعاملات ضرورية للامتثال للشريعة، وهي نسبة الأصول الملموسة. وقبل اعتماد المعيار، كان مطلوباً أن يكون لدى المُصْدر نسبة لا تقل عن 51% من الأصول الملموسة، و49% كحد أقصى من السلع عند بدء المعاملة. وكان الحفاظ على هذه النسبة، طوال فترة المعاملة، على أساس بذل أفضل الجهود واتخاذ إجراءات تصحيحية في حال حدوث خرق غير واضح. ومع اعتماد المعيار رقم 59، أصبح الحفاظ على نسبة أصول ملموسة بنسبة 51% مطلباً قانونياً طوال عمر المعاملة، حيث تم توضيح إجراءات معالجة الخرق. ومن وجهة نظرنا، فإن الامتثال للمعيار 59 يخلق أو يزيد من ثلاثة مخاطر رئيسية.

ثالثاً: التعرض لمخاطر الأصول المتبقية

بالنسبة إلى بعض الهياكل، تتزايد المخاطر حيث يصبح وقوع خسارة جزئية (إضافة إلى وقوع خسارة كلية)، خطراً متزايداً. وفي الواقع، إذا كان هناك معاملة تضم عدة أصول، وتعرض أصل أو أكثر من بينها لخسارة كلية، يمكن خرق نسبة الأصول الملموسة، وقد لا يتم تعويض المستثمرين بالكامل عن استثماراتهم من دون الرجوع إلى الجهة الراعية.

رابعاً: تغيير ترتيب المستثمر في سيناريو التصفية

يؤثر المعيار 59 أيضاً في اللغة المتعلقة بالتعويض الذي تقدمه عادة الجهة الراعية للصكوك ككيان مستقل، في حال إخلاله في أي من التزاماته التعاقدية. وهذا قد يجعل دائني الصكوك أقرب إلى دائنين ثانويين، حيث قد لا يُنظر إلى الالتزامات التعاقدية على أنها تحمل تصنيف الالتزامات المالية نفسه.

خامساً: زيادة مخاطر السيولة للمُصْدرين والمستثمرين

يخلق المعيار 59 سيناريوهات محتملة جديدة للتصفية المبكرة للصكوك. وإذا كان المُصْدر ليس لديه أصول غير مرهونة وغير كافية في ميزانيته العمومية، فهناك مخاطر دفع مسبق للأصول الأساسية، أو في حال وقوع خسارة جزئية، فقد يكون هناك تعجيل للصكوك وسدادها قبل استحقاقها. وبالنسبة إلى بعض المُصْدرين، قد يشكل هذا مشكلة، لأنه يتطلب تخطيطاً للسيولة.

وعلى مدار العام الماضي، شهدنا عدداً قليلاً من إصدارات صكوك الاستدامة. فقد أصدر البنك الإسلامي للتنمية صكوكاً بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي، وصرّح بأن عائداتها ستستخدم في تمويل مشاريع خضراء (10%) ومشاريع للتنمية الاجتماعية (90%). كما أصدرت ماليزيا صكوكاً بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك إصدارات من فئة الصكوك المستدامة بقيمة 800 مليون دولار أمريكي، حيث تجاوز حجم الاكتتاب عليها 6.4 مرة.

وبحسب تقارير سيتم استخدام العائدات في تمويل المشاريع الاجتماعية والخضراء المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وعلاوة على ذلك، أصدرت إندونيسيا صكوكاً خضراء بقيمة 750 مليون دولار أمريكي كجزء من إصدارها البالغ 3 مليارات دولار أمريكي في عام 2021، وفي يناير/ كانون الثاني 2022 أصدر البنك الأهلي السعودي صكوكاً مستدامة بقيمة 750 مليون دولار أمريكي.

الصكوك الخضراء

تمثل الصكوك الخضراء مجالاً آخر تكثر فيه الفرص، وفقاً لتقارير، بسبب تحول الطاقة في العديد من الدول الأساسية للتمويل الإسلامي وطموحات بعضها في مجال صناعة السيارات الكهربائية. وقد تجذب هذه الأنواع من الأدوات المستثمرين، نظراً لتزايد الوعي بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في المنطقة. ومع ذلك، نعتقد أن الصكوك الخضراء ستساهم بشكل تدريجي فقط في نمو السوق، لأنها تظل أكثر تعقيداً وتستغرق وقتاً أطول من الأدوات التقليدية.

الصكوك الرقمية يمكن أن تؤدي إلى عملية إصدار أكثر سلاسة

يمكن أن توفر الصكوك الرقمية طريقة أسرع وأقل كلفة للاستفادة من أسواق التمويل الإسلامي بسبب العدد المحدود من الوسطاء المعنيين. وقد تشمل الفوائد أيضاً تعزيز الأمان وإمكانية التتبع ونزاهة المعاملة، ما قد يعزز الامتثال للشريعة. ومع ذلك، فإن هذا يفترض توافر تكنولوجيا يمكن الاعتماد عليها ووجود أطر قانونية جاهزة للتكيف مع هذه الأدوات. كما يفترض وجود مستندات قانونية قياسية يمكن استخدامها كنموذج لإصدار الصكوك. ونلاحظ أن السوق المالية الإسلامية الدولية قد نشرت بالفعل مستندات قانونية معيارية لصكوك الإجارة والمضاربة من الشريحة الأولى. ويمكن أن يؤدي تقليل مقدار الوقت والكلفة ومتطلبات الحد الأدنى من الإصدار إلى فتح سوق الصكوك لشريحة أوسع من المُصْدرين. وسيواصل المستثمرون في الصكوك الرقمية تحمّل المخاطر التقليدية (بما في ذلك مخاطر سوق الائتمان والسيولة). كما أنهم سيتعرضون لمخاطر تشغيلية أكبر ناجمة عن الاستقرار التكنولوجي والمخاطر الإلكترونية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"