عادي
المؤسسات الدينية على خط المواجهة

الطلاق.. عدو يتربص بالأسرة العربية

23:08 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

دخلت المؤسسات الإسلامية المصرية: الأزهر ووزارة الأواقاف ودار الافتاء، بقوة على خط المشكلات الاجتماعية التى تؤرق مجتمعاتنا العربية، خاصة المصري. وشهدت الفترة الماضية اجتماعات مكثفة لمفتي الديار المصرية د. شوقي علام مع د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ود. محمد الضويني، وكيل الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، لبحث مشكلة الطلاق بعد أن ارتفعت معدلاته، وأصبح يمثل كابوساً اجتماعياً لكثير من الأسر من مختلف المستويات، إذ تشير الإحصاءات إلى وقوع حالة طلاق كل ست ثوان في مصر.. وهناك دراسات وتقارير اجتماعية تؤكد ارتفاع معدلات الطلاق في العديد من البلاد العربية.

والتساؤلات التي تفرض نفسها وطرحتها «الخليج» على عدد من كبار العلماء هي: إلى أي مدى أصبح الطلاق مشكلة تؤرق الأسرة العربية؟ وما رؤية العلماء لأسباب ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمعات العربية عموماً؟ وما البعد الديني في المشكلة؟

يؤكد د. محمد الضويني أن الطلاق أصبح مشكلة في العديد من البلاد العربية، ويجب أن يكون على خريطة اهتمام المؤسسات الاجتماعية والدينية لبحث أسبابه، والتعاون والتنسيق في حملات مواجهته. ويقول: مواجهة مشكلة الطلاق لا تعني حظره ووضع قيود قانونية واجتماعية للحد منه، فقد شرعه الخالق سبحانه ليكون حلاً لمشكلات مستعصية على الحل بين الزوجين، وهو في إطاره الشرعي المنضبط بضوابط وقواعد الشرع من مظاهر السعة والرحمة في الشريعة الإسلامية.

ويضيف: ما ينبغي العمل على تحقيقه والسعي إليه في مواجهة مشكلة الطلاق، هو التوعية بمخاطر التسرع فيه دون وجود ما يستدعيه من المشكلات والأزمات بين الزوجين.

وعن دور المؤسسات الدينية في مواجهة مشكلة الطلاق، يؤكد الضويني أن الوعي الديني مهم لمواجهة المشكلة، وأنه إذا عرف كل من الزوجين حقوقه وواجباته تجاه شريك حياته، وأنه لا حق له في المطالبة بحقوقه قبل أن يؤدي واجباته، لواجهنا كثيراً من أسباب المشكلة ولما وجدنا حالات طلاق كثيرة بسبب الإسفاف بين الزوجين. ويشدد على الدور التوعوي للعلماء والدعاة من خلال المساجد ولجان الفتوى والمواقع الإلكترونية التي انتشرت في هذا العصر، مشيراً إلى دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في هذا الشأن.

تسرع

1

د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، يؤكد دور المؤسسات الدينية لمواجهة كابوس الطلاق الذي يهدد استقرار كثير من الأسر في مجتمعاتنا العربية. ويقول: هناك مؤشرات وتقارير اجتماعية وإحصاءات تؤكد ارتفاع معدلات الطلاق، ومن واجب المؤسسات الدينية بذل كل الجهود لمواجهة كل ما يواجه الأسرة من مخاطر، وأبرزها هذه المشكلة. ومما يؤسف له أن الطلاق يقع الآن في بلادنا العربية لأسباب هشة تؤكد جهل الأزواج والزوجات بتعاليم وتوجيهات الإسلام التي تدعو إلى الصبر والتحمل، وعدم التسرع.

ويوضح أن الإسلام شرع الطلاق حلاً لمشكلات مستعصية بين الزوجين ووصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ب«أبغض الطلاق»، وهذا يعني عدم اللجوء إليه إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح والتوفيق.

ويشدد هاشم على أهمية التوعية الدينية والاجتماعية من خلال علماء الإسلام، وأن يتعاون معهم خبراء شؤون الأسرة لتوجيه الأزواج والزوجات إلى الحقوق والواجبات المتبادلة، وكيفية التعامل مع ما يطرأ على حياتهم من أمور تؤدي إلى الخلاف.

ويطالب العالم الأزهري الكبير كل زوجين مختلفين وبينهما مشكلات بضرورة الالتزام بأخلاقيات الإسلام في التعامل خلال مرحلة الخلاف والشقاق، وعدم صدور إساءة من أي طرف منهما تجاه الآخر، لأن فرص عودتهما لاستئناف حياتهما الزوجية أكثر من فرض الطلاق، ولا ينبغي إفساد جهود عودة المودة والرحمة بين الطرفين.

ويرى أن من أكثر الأخطاء التي ينبه الطرفين إليها في التعامل مع ما يعكر صفو العلاقة الزوجية هو التسرع، فكل زوجة ترى في سلوك زوجها ما لا يعجبها تطلب الطلاق، وقد تكون هي المخطئة، أو المتهورة، أو لا تعرف أن الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر وتضحيات كثيرة. ويقول: الإسلام حريص على استمرار العلاقة الزوجية، ويضع قيوداً كثيرة في طريق الطلاق، لما يترتب عليه في الأغلب من تداعيات خطيرة على الطرفين، وعلى الأبناء.

ولذلك فالإسلام يطلب من كلا الزوجين أن يستشعر مسؤوليته نحو الآخر، ونحو أولاده، والمعاشرة بالمعروف والتعامل بإحسان.

جدية

1

يرى د.محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة القاهرة، أن استهانة كثير من الأزواج والزوجات بالطلاق يرجع لقصور الوعي الديني والاجتماعي بمخاطره وتداعياته. ويقول: ينبغي التعامل بجدية مع الخلافات والمشاحنات التي تهدد استقرارنا الأسري والاجتماعي، وإعادة الوعي الإسلامي إلى كثير من الأسر.

ويضيف: تفاقم المشكلات الزوجية، وغياب الهدي الإسلامي في التعامل معها، جعلا من الطلاق مشكلة تهدد استقرارنا الأسري والاجتماعي، والمواجهة الفاعلة تكون بنشر الوعي الديني والاجتماعي بمخاطره وتداعياته، وينبغي نشر الثقافة الدينية بالواجبات الزوجية المتبادلة خاصة في ظل انشغال كل طرف من طرفي العلاقة الزوجية بحقوقه وإهمال واجباته.

ويأسف غنايم لكون معظم حالات الطلاق التي تشهدها بلادنا العربية لا تستند إلى مبررات شرعية مقنعة؛ إذ تترك الخلافات الزوجية البسيطة تتفاقم لتكبر وتترك رواسب سلبية في نفوس كل من الزوج والزوجة، وهو ما يؤدي إلى الفراق. ويقول: يجب أن يدرك كل زوجين أن الطلاق بدون دواع ودوافع قوية وضرورية حرام شرعاً. ورغم أنه كان من حق الرجل أن يطلق زوجته فإنه إن فعل ذلك بدون أسباب تستدعية كان آثماً ويلحق به غضب الله وعقابه، لأنه ظالم لتلك الزوجة التي أحبته وارتضته زوجاً لها.

وينصح بالتروي ووزن الأمور بميزان الشرع والعقل والمصلحة العامة للأسرة خاصة لو أن بين الزوجين أولاداً يحتاجونل رعايتهما معاً، كما ينصح أسرتي الزوجين وأقاربهما بالتدخل السريع لإنهاء كل خلاف يظهر على السطح، وأن يكون منهج الإسلام وتعاليمه وآدابه هادياً لكل من يتدخل. ويذكّر غنايم الأزواج والزوجات خاصة الذين يفكرون في الطلاق بأن الزواج نعمة يجب الحفاظ عليها، وأن الطلاق جحود بها، ما لم يصل الخلاف بين الزوجين إلى طريق مسدود يصعب معه الإصلاح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"