الأزمة الأوكرانية المفتوحة

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

ودّعنا العام المنصرم بسلسلة من الألغام الجيوسياسية بين الشرق والغرب، إضافة إلى فيروس كورونا ومشتقاته، وكنا نأمل أن تخف حدة الأزمات الحالية لكنها على ما يبدو تهدد بالانفجار في جسد النظام الدولي كله المنهك أصلاً بفعل جائحة كورونا. 

 الرواية الغربية الحالية عن غزو وشيك لأوكرانيا بنيت أساساً على سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها الرئيس الروسي بوتين منذ شهور، ويطالب فيها بمنع توسع حلف الأطلسي شرقاً. وسأل بوتين الأمريكيين علناً، ماذا يكون شعوركم لو أننا نشرنا صواريخ في فنزويلا وكوبا؟ بالطبع لا ينظر الأمريكيون بمثل هذا المنظار لأنهم يعتبرون أوكرانيا دولة أوروبية مستقلة لها الخيار في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أيضاً، وهو ما يعتبره بوتين خروجاً عن اتفاق كان أبرمه آخر رئيس سوفييتي جورباتشيف مع الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان بهذا الخصوص. 

 الآن لا ردود غربية على مطالب بوتين وهو يرى في معركته هذه معركة العمر بعد سيطرته على شبه جزيرة القرم. ولعله عندما يحشد مئة ألف جندي على حدود أوكرانيا إضافة إلى العتاد العسكري الذي نقله من سيبيريا يريد إعطاء انطباع بأنه لا يمزح، ويريد تحقيق إنجاز تحت ضجيج الدبابات. وقد أعطى لحلف الناتو درساً عملياً ليس في المناورات التي أجراها العام الماضي ولا بالمناورات الجارية مع بيلاروسيا لكن بتدخله السريع مع دول منظمة الأمن الجماعي التي تضم دول وسط آسيا التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي السابق، بالتدخل العسكري السريع في كازاخستان لمنع محاولة تفكيكها وضربها.

 فنظرية بوتين عندما تدخل في سوريا وصفها بأن سوريا تدخل ضمن الأمن القومي الروسي الجنوبي، فما بالك بأوكرانيا التي تجاوره وله فيها أقلية وأرض روسية الأصل.

 المواقف الأمريكية تروّج الآن بأن روسيا تريد اختلاق عمليات ضد جنودها وحلفائها الروس في أوكرانيا كمبرر لاتهام أوكرانيا ومن ثم غزوها. وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي قالت إن روسيا نشرت عناصر مدربة على المتفجرات لتنفيذ عملية «مموهة» لإيجاد ذريعة لغزو أوكرانيا.

 وجاءت التصريحات كشفاً لخلاصات استخباراتية أمريكية غداة اتهام مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، روسيا ب«الإعداد لخيار اختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا». وصدّقت بريطانيا الرواية الأمريكية، وقال توبياس إلوود، وهو رئيس لجنة الدفاع التابعة لمجلس العموم البريطاني «أخشى أن غزو القوات الروسية بات حتمياً ووشيكاً، ونحن سمحنا بذلك»، وتابع إلوود «يعرف الرئيس بوتين فقط ما الذي سيفعله تالياً، لكن الأسبوع المقبل يبدو محورياً». إلا أن وزيرة خارجية ألمانيا توجهت إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيرها الروسي لافروف للتخفيف من حدة الوضع من منظور أوروبي، وأعلنت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك عن بدء مناقشة خطة مشتركة لحوار روسيا والناتو، مشيرة إلى ضرورة وجود «قواعد مشتركة» لضمان الأمن في أوروبا.

 وأشارت الوزيرة إلى أن برلين ترى إمكانيات لتعزيز التعاون بين ألمانيا وروسيا، وقالت «نحن بحاجة إلى روسيا موثوقة بها، تزود أوروبا بالغاز الذي تحتاج إليه»، وأضافت «من المهم بذل جهود للعودة إلى المفاوضات في إطار«النورمندي» حول تسوية الأزمة الأوكرانية»، في حين كرر لافروف أنه «ينتظر من الغرب أجوبة على مقترحات روسيا بشأن الضمانات الأمنية».

 بالطبع يحاول الألمان العودة إلى المفاوضات، لكن أوروبا وحدها لا تستطيع منح الضمانات الأمنية لروسيا، لأنها بحاجة إلى الإجماع أولاً، والى موافقة العضو الأكبر وهو الولايات المتحدة.. لذلك تبقى الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"