نوادٍ ذكيّة

22:58 مساء
قراءة دقيقتين

د. باسمة يونس

كسرت نوادي الكتاب الذكية حواجز النوادي الشخصية، ليس بمنح الأفراد فرصاً عظيمة، لمشاركة أفكارهم مع كبار المثقفين فقط، بل بجلب المؤلفين للقراء في منازلهم أيضاً. وبدءاً من مدرسة سقراط التي جمعت أعظم الفلاسفة، لمناقشة المفاهيم بطريقة التعلم والحوارات المثيرة للتفكير، والمحفوظة في نصوص بعنوان «حوارات أفلاطون»، أصبحت المجموعات المعاصرة والإلكترونية أكثر انتشاراً، كالمجموعة التي أُسست في 2011 باسم «حول العالم في ثمانين كتاباً» وفهرست ما يقرب من 40 ألف كتاب، وقائمة كتب وأعضاء تزداد كل شهر.

تتميز هذه النوادي بكونها توفر مساحة مفتوحة للجميع، ولم تعد المشاركات فيها محدودة بعدد نسخ الكتب كالسابق، أو مقيدة بالعلاقات المحصورة بين مجموعة من الأفراد المقربين، كما لم تعد أهميتها تلتزم بالهواة، بل يحتاج إليها الخبراء اليوم أكثر من قبل للارتقاء بمهاراتهم.

وتفيد هذه المجموعات لي في الاستمتاع بالقراءة فقط، بل بتوسيع دائرة تجارب ووجهات نظر المشاركين، وإثراء اختياراتهم والإصغاء الى آراء الآخرين، وقراءة النصوص الصعبة والطويلة التي لم يسبق لهم قراءتها، وتحليل النصوص ومقارنتها بنصوص أخرى محلية أو تجارب واقعية،والتحدث عنها أمام الآخرين. كما تلهم القراء بقوائم الكتب التي يقرأها رجال الأعمال والشخصيات العالمية، ومناقشتها عبر الإنترنت، وتتنوع بين الروايات وكتب الخيال العلمي وتنمية الذات والقيادة.

أدّت مجموعات القراءة الخاصة دوراً مهماً في دعم القراءة ونشر الكتب والترويج لها بين المجتمعين لقراءتها، فهي تعبر عن وجود نشاط فعلي واهتمام مجتمعي بالقراءة، وشغف الأفراد بقوة الأدب والفكر والقراءة، لإحداث فرق حقيقي في نوعية حياتهم ومستقبلهم. وتقوم بعض المجموعات بالتخطيط للجلسات وتوسيع الوصول إلى مشتركين أكثر بحيث تصبح القراءة ضرورة لتطويرهم وليست مجرد تسلية.

وتدار هذه المجموعات بنجاح يلهم الآخرين، من أجل تعزيز القراءة كجزء من حياتهم، والتدرب على إنشاء مجموعات قراءة مشتركة وقيادتها نحو النجاح، لا سيما في الأماكن التي تضم فئات مختلفة من الناس الذين يقيمون فيها أو يرتادونها لفترات طويلة كدور الرعاية أو غيرها.

في أول قانون للقراءة أطلقته الامارات يعكس الوعي القيادي أهمية القراءة ودعمها، عبر بنوده التي تدعم هذه المجموعات وتضع أطرا تشريعية وبرامج لحض المؤسسات التعليمية والجهات الحكومية على وضع خطط لتشجيع القراءة، وتوفير مكتبات متطورة بمحتوى محدث من حيث المرافق وما يلزم من خدمة استعارة الكتب وخلافها طوال الأسبوع.

تسهم مبادرات القانون في تحويل القراءة من عادة وهواية، الى مصدر أساسي للمعرفة في حياة كل إنسان؛ فالرواية لم تعد تقرأ للمؤانسة فقط، بل أصبحت مصدراً داعما لمساعدة البشر على فهم العالم، والتفاهم مع الآخرين، ورؤية المستقبل، وقيادة النجاح كما يقول كاتب الخيال العلمي «إليوت بيبر»: إن رجال الأعمال بحاجة إلى قراءة المزيد من الخيال العلمي، لكونه يفتح أمامهم آفاقا نحو المستقبل أكثر مما يمكنهم تخيله.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"