عادي
لوالدها الأثر الكبير في تكوينها الثقافي والفني

الشيخة حور.. عاشقة الفن والأصالة

00:21 صباحا
قراءة 5 دقائق
1
1
1
1
1

إعداد: إيمان عبدالله آل علي

هنا نسرد تفاصيل قصة الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، والتي بدأ عشقها للفن والأصالة والثقافة مبكراً؛ حيث امتزجت بالمخزون النوعي والثراء المعرفي الذي تقدمه إمارة الشارقة، وتجسدت على أرض الواقع بعد إنشاء مؤسسة الشارقة للفنون، واحتضنت وجهات نظر ثقافية مختلفة، لتشكل رمزاً وامتداداً لصورة فنية تعكس ثقافة الإمارة وتحكي قصصاً وتعكس فكراً وتلهم شعراً.

قدمت الشيخة حور، خلال رحلتها الثقافية والفنية، نظرة تحمل الكثير من الأفكار المتنوعة، ولقاءات فنية لتفعيل الحوار بين الفنانين والجمهور والاستفادة من كل وجهات النظر، وتقدير عمق المواهب الفنية في الإمارات، والاعتزاز بالتاريخ والإنتاج الثقافي في الدولة، عبر المعارض الفنية، ودعم الفنانين، وتوفير الفرصة لهم لكي يبدعوا، وذلك باستقطاب الأفكار الجديدة التي تستطيع أن تجمع مختلف فئات الجمهور، وتدعم التواصل والتلاقي بينهم.

كان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الأثر الكبير في تكوينها الثقافي والفني، وفي تجذر اهتماماتها الفنية والإبداعية، فالقاصي والدّاني يعرف الدور الكبير الذي أدته الشارقة بوصفها إمارة الثقافة والإبداع التي أصبحت قبلة للفنانين والمبدعين في كل مكان، وأصبحت نموذجاً ريادياً أثر على الواقع الثقافي عربياً ودولياً، أما اهتمامات سموه الشخصية كرجل ثقافة وفكر وفن وأدب فقد تشربتها الشيخة حور على يديه منذ أن أبصرت النور، ومنذ أن أدركت ضوء الشارقة الذي يفيض على الأرض كلها. 

والشيخة حور إحدى الشخصيات القوية والمؤثرة والرئيسية في المشهد الثقافي بالشارقة، وتم تكريمها مؤخراً في فئة الإبداع الثقافي ضمن 10 رواد عرب ملهمين لأجيال المستقبل بأعمالهم وإنجازاتهم في مجالات متنوعة، وهي معروفة بشغفها بالحفاظ على المباني التراثية في الشارقة وهويتها التاريخية، وقد عملت الشيخة مع العديد من الفنانين والمؤرخين والنقاد والقيمين على مدى السنوات العديدة الماضية، ولديها مشاركة قوية في المشهد الإبداعي للإمارات العربية المتحدة، وعُيّنت الشيخة حور القاسمي، مديرة إبداعية لعلامة «قاسمي» التي تتخد لندن مقراً لها. 

مأسسة الفن 

عشقها للفنون بدأ مبكراً منذ الطفولة الأولى، فقد ترعرت في إمارة الثقافة والفنون، وكانت باحثة عن الجمال، ترسخ قاعدة المسؤولية المجتمعية عبر الانفتاح بين الثقافة العالمية وبين صناعة الثقافة المحلية؛ حيث يمثل الفن بجميع أنواعه المختلفة منهجاً لتأصيل المعرفة بأشكاله المتنوعة، جامعة اللغة المشتركة بين حضارات العالم، وذلك بخطوة جادة تجسدت في مأسسة الفن، عبر تأسيس مؤسسة الشارقة للفنون، لتعميق دورها كداعم ومحفز لأهمية الفن في الشارقة، والإمارات العربية المتحدة، إقليمياً ودولياً. 

مع شغفها بدعم التجريب والابتكار في الفنون، قامت القاسمي بشكل مستمر بتوسيع نطاق المؤسسة على مدى تاريخها الذي يمتد لأكثر من عشر سنوات لتشمل المعارض الكبرى التي قامت بجولات عالمية، بالإضافة إلى برنامج إقامة الفنانين والقيمين في الفن البصري والسينمائي والموسيقي، ودعم التكليفات ومنح الإنتاج للفنانين الناشئين، إلى جانب مجموعة واسعة من البرامج التعليمية للأطفال والكبار في الشارقة. 

السياحة الثقافية

لا تقف إمارة الشارقة عند حدود معينة في الثقافة والجمال والفن، فقد باتت السياحة الثقافية قائمة ونشطة في عاصمة الثقافة، وتعمل الشيخة حور على تلك الاستراتيجية واضحة الأطر إيماناً منها بالثقافة، باعتبارات النقلة النوعية التي تحدثها الثقافة في المجتمعات، عبر إنشاء بنى تحتية لأضخم الوجهات والمقاصد الفنية، لتعزيز مفاهيم السياحة الثقافية، واستمرار مؤسسة الشارقة للفنون في تأسيس ملتقيات ومهرجانات تستدعي مع التراكمية صناعة فنان مبدع ومستثمر للثقافة ودمج الثقافة في المشاهدات اليومية والزيارات الميدانية لمؤسسات الثقافة والفنون والمعارض التي لا تتوقف على مدار العام، والتي تؤدي إلى تعزيز الوعي بالتنوع الفني، وتوظيف التكنولوجيا في ذلك لتحقيق أهداف الشارقة الثقافية والفنية، وتنتقل من مرحلة البيئة الحاضنة والمنتجة للثقافة إلى بيئة مصدرة للتطور المعرفي علمياً وعملياً.

 مقيمة للبينالي

الروح الفنية في سموها لا تقف عند حدود في الشارقة إمارة الثقافة والفنون، والفنان عادة لا يستطيع التوقف عن المشاركة المجتمعية والفنية بمختلف طرقها، فهي بالنسبة له، أكبر من مجرد مسؤولية، هي ثقافة تعنى بالجمال، والتلاقي الوجداني مع ذات الفنان والآخر، وفي عام 2003، شاركت القاسمي في تقييم بينالي الشارقة 6، واستمرت منذ ذلك الحين كمدير للبينالي. وترسّخ بينالي الشارقة منذ ذلك الوقت كمنصة دولية للفنانين المعاصرين والقيمين والمنتجين الثقافيين.

وقد أدت إسهاماتها البارزة في حقل الفنون إلى انتخابها رئيسة لرابطة البينالي الدولية عام 2017، وهو موعد نقل مقر رابطة البينالي الدولية إلى الشارقة. واستكمالاً لدورها في مؤسسة الشارقة للفنون، تعمل القاسمي أيضاً كرئيس لمعهد إفريقيا، ورئيس مجلس إدارة ترينالي الشارقة للعمارة الذي انطلقت دورته الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. كما عملت القاسمي كقيّم لبينالي لاهور الثاني أوائل عام 2020، والذي أقيم في جميع أنحاء مدينة لاهور بباكستان.

ثقافة بصرية 

عزَّزت الشيخة حور، المشهد الفني الإماراتي الذي نراه اليوم، ويعتبر غنياً بكامل تفاصيله وتياراته الإبداعية ومدارسه الفنية، والبينالي يعدّ إحدى أهم التظاهرات التي استطاعت أن تؤثر على رسم ملامح هذا المشهد، وتعمق من أهميته وقدرته على التفاعل مع التجارب الفنية في الخارج، ولعل هذا يعود إلى ما قدمه البينالي خلال مسيرته من تجارب جديدة، وقدرته على خلق حوار ثقافي بين الفنان المحلي وسائر الفنانين حول العالم، الذين عرضوا في الشارقة عبر منصة البينالي، إلى جانب ما يمثله البينالي كمختبر للبحث والتجريب واستقطاب التجارب النوعية محلياً وعربياً ودولياً، وكل ذلك تحت إدارة الشيخة حور. 

تعميم صورة الفن 

عززت الشيخة حور فكرة العروض الخارجية، والتي تتيح إمكانية التفاعل الخلاق بين الجمهور والعمل الفني بطريقة جديدة، وتجعل من الفن القيمة الأقرب إلى الناس أينما وجدوا، كما أنها تشير إلى أنّ فهمنا للفنون قد تغير في شكله ومضمونه، فإلى جانب العروض في الأماكن المخصصة والمتاحف وصالات العرض، هناك العديد من الأعمال التي غادرت الجدران لتمثل أمام المتلقي في الساحات والأماكن العامة وفي الهواء الطلق. 

تلاقي الثقافات 

بفضل جهود الشيخة حور بنت سلطان، فإن بينالي الشارقة يشكل نقطة تلاقي الثقافات والحضارات من خلال أعمال تتوزع بين ما هو إماراتي وعربي وعالمي، فلا شك أن البينالي هو إحدى تلك الفعاليات التي تحفل بها الشارقة وتعمل على ذلك، فالخطاب الثقافي والرؤية الاستراتيجية تعمل على ذلك انطلاقاً من المنظومة الثقافية المتكاملة التي يمثلها مشروع الشارقة، والبينالي يحاول أن يبني هذه الجسور مع الثقافات والحضارات الأخرى كافة، بحيث يكون بوابة مشرعة على المنتج الثقافي النوعي على المستويات المحلية والعربية والعالمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"