عادي

الأصابع على الزناد.. والعين على الحل الدبلوماسي

22:16 مساء
قراءة 4 دقائق
syasi114

كتب - بنيمين زرزور:

كل مؤشرات الأزمة الراهنة بين الغرب وروسيا تؤكد أن جميع الأطراف لا ترى الحل في التصعيد وترغب ضمناً في تجنب المواجهة العسكرية، بينما تعلو نبرة الخطاب في أزمة قد تنفجر في أي لحظة.

أظهرت روسيا استعداداتها العسكرية الاحترازية عند الحدود الأوكرانية تحسباً لمآلات غير متوقعة في تطور الأزمة مع الغرب، حتى أن بريطانيا اتهمتها بالعمل على تنصيب رئيس جديد في كييف يعمل لمصلحتها. وبينما تجلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عائلات العاملين في سفاراتها هناك، يعقد قادة «الناتو» اجتماع طوارئ، ويرسل تعزيزات إلى أوروبا الشرقية، ووضعت واشنطن 8500 جندي في حالة طوارئ، وسمحت بنقل شحنات أسلحة قتالية لأوكرانيا، ومع ذلك، لا يبدو أن هذه التطورات تتجاوز سقف التهويش الهادف لدفع كل طرف خصمه للقبول بالجلوس على مائدة المفاوضات مجدداً.

وقد استؤنفت الجهود الدبلوماسية فعلاً، لأن كل الأطراف على يقين بأن الحل ليس في الحرب. والتقى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في جنيف قبل أيام لمناقشة الوضع الأمني ​​في أوروبا الشرقية.

وكانت الاجتماعات العديدة بين الروس والجهات الفاعلة عبر الأطلسي، على مدى الأسبوعين الماضيين، أسفرت عن القليل من النتائج، ولم تحقق تقدماً، لكنها تتماشى مع سقف التوقعات التي وضعها اللاعبون الرئيسيون قبل المحادثات، والتعقيدات التاريخية والجذور الطويلة للقضايا قيد المناقشة.

استمرار الحوار

بعد جلسات الحوار الاستراتيجي الثنائي بين الولايات المتحدة وروسيا، ومجلس الناتو وروسيا، ومنظمة التعاون والأمن وروسيا، اقتنع الجميع بأن المهم، بل الأهم، هو الاتفاق على أن المحادثات يجب أن تستمر. وترافق ذلك مع تحذير الروس من «التباطؤ اللامتناهي في الرد على مطالبهم». بينما رأت الولايات المتحدة أنه إذا اختارت روسيا الانسحاب من المفاوضات، فسوف يعني ذلك أنها تقول صراحة إنها «لم تكن جادة أبداً» بشأن الحلول الدبلوماسية. وهكذا ألقى كل جانب مسؤولية التهدئة على الجانب الآخر.

لكن الاتفاق على مواصلة الحديث مهم. وبغضّ النظر عن الإجراءات السياسية الوقائية، فإن الحاجة إلى هذه المحادثات تظهر بسهولة على خلفية النشاط العسكري المتزايد على الحدود الأوكرانية. ويشعر البعض بخيبة أمل بشأن عدم وجود إجراءات متفق عليها لتهدئة التوترات على الحدود؛ على العكس من ذلك، أعلنت القوات الروسية عن إجراء مناورات بالذخيرة الحية بعد يوم من الاجتماع الثنائي. ومع ذلك، من دون المبالغة في تقدير تأثيرها، لا ينبغي لأحد أن يستبعد الآثار المحتملة لخفض التصعيد في المحادثات نفسها.

بلينكن ولافروف

من المؤكد أن اللجوء للقوة لا يزال ممكناً. ولكن هناك أيضاً احتمال أن تكون المقترحات الروسية الخاصة بضمانات الأمن، تكتيك تفاوضي. فقد لاحظ نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، أن الولايات المتحدة قد أخذت مقترحاتهم «بجدية بالغة ودرستها بعمق»، ثم أعرب في وقت لاحق من الأسبوع، عن أسفه لرفض الغرب للعناصر الأساسية في النص باعتبارها غير مقبولة.

وبعد المحادثات أكد بلينكن ولافروف أن الولايات المتحدة قالت إنها سترسل ردوداً مكتوبة على مطالب روسيا الأمنية خلال أسبوع بعد التشاور مع الحلفاء والشركاء.

وحتى لو لم تكن المقترحات جديدة، فإن توضيح روسيا لمطالبها في شكل شامل يؤكد اعترافها بهشاشة المشهد الأمني ​​الحالي. فقد سمحت المفاوضات، الأسبوع قبل الماضي، للولايات المتحدة وحلفاء «الناتو» بالتفاعل بشكل مباشر مع هذه المخاوف، والرد بالمثل من خلال مشاركة مخاوفهم.

هنا لا ينبغي التقليل من أهمية الوصول إلى مرحلة «الفهم الأفضل وتبادل الأولويات»، كما قالت نائبة وزير الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، وحتى في هذه اللحظة المتأخرة من الزمن، فإن تحديد ما يسمى ب «الخطوط الحمراء» في المحادثات يمكن أن يحدد المعايير لما يمكن أن يكون قابلاً للتفاوض ومجدياً، بما في ذلك حجم التدريبات العسكرية، ونشر أنظمة الصواريخ.

ويحول هذا الفهم المتبادل الأطراف دون تجاوز «الخطوط الحمراء» عن غير قصد على الأرض، ما قد يؤدي إلى نزع فتيل الأزمة. فقد أشارت شيرمان إلى أن إحدى المشكلات المتعلقة بنشاط القوات الروسية تتمثل في عدم إخطار واشنطن حول التدريبات والمناورات؛ رغم أن الروس أثاروا في الماضي القريب مخاوف مماثلة بشأن التدريبات الأمريكية.

ويعكس إدراج الروس ضمن قائمة مقترحاتهم الالتزام باستخدام آليات تشاور، وتبادل التقييمات طواعية وبانتظام، وإبلاغ بعضهم بعضاً عن التدريبات والمناورات العسكرية، وتحسين الأدوات الخاصة بمنع الأنشطة العسكرية الخطرة في أعالي البحار، بلا شك، المخاوف المشتركة بشأن التصعيد غير المقصود. ويبدو أن التقييم المنهجي لمجموعة أدوات الوقاية من الأزمات، كان طريقة مجدية لتنشيط مجلس الناتو وروسيا.

كما آتت الاجتماعات أكلها لجهة الجمع بين اللاعبين الرئيسيين في الأزمة الأوكرانية على وجه التحديد، وفي القارة الأوروبية على نطاق أوسع. وفي حين أشار وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إلى «النتائج غير المرضية للجهود الدبلوماسية الكبيرة على مدى أسبوع»، يجب أن يُنظر إلى توسيع روسيا مشاركتها إلى ما بعد حوار الاستقرار الاستراتيجي الثنائي مع الولايات المتحدة، على أنه خطوة إيجابية وضرورية من منظور الحد من المخاطر على نطاق أوسع ووقف التصعيد.

ومن الجدير بالذكر أن الأنشطة موضع التركيز هي أنشطة مألوفة. وتشمل نشر أنظمة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ووضع أنظمة الدفاع الصاروخي، وتركيز القوات المسلحة، وحجم ونطاق التدريبات العسكرية، وغيرها. وفي الواقع، تمثل المحادثات تذكيراً واضحاً بأهمية اتفاقيات الحد من الأسلحة التي كان من الممكن أن توفر قدراً أكبر من الشفافية حول هذه الأنشطة المثيرة للقلق، وتذكيراً بهشاشة هذه الاتفاقات، التي وضعت على الرف في ظروف السياق الاستراتيجي الأهم.

ومع ذلك، لا ينبغي اعتبار الافتقار إلى نتائج ملموسة حتى الآن، علامة على عدم جدوى المحادثات، بل هو تأكيد للعمل الدبلوماسي الطويل والشاق اللازم لمنع الانزلاق ومعالجة محاور عدم الثقة بين القوى العظمى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"