عادي

تعرف إلى أشهر أم في الأدب

20:00 مساء
قراءة 3 دقائق
3

الشارقة: «الخليج»

أن تصاغ رواية مؤثرة بأحداثها الإنسانية وتكون «الأم» هي بطلتها، والعنصر الرئيسي الذي يحرك الأحداث، وتستقي منه حبكة الرواية غايتها، في وقوفها مع الناس البسطاء، فهذا بكل تأكيد شأن رواية «الأم» للكاتب الروسي الشهير مكسيم غوركي (1868 – 1936)، الذي دشن بهذا العمل أشهر رواية أدبية عالمية كتبت عن الأم.. في عام 1906، فكانت بذلك أهم عمل رائد للواقعية الاجتماعية الروسية.

لم يكن موضوع اهتمام مكسيم غوركي بالناس البسطاء والمهمشين في وطنه مقتصراً على هذه الرواية فحسب، بل كان البسطاء في الغالب هم المحور الأهم في معظم أعماله، وحتى في رواياته التي حملت سيرته الذاتية.

في الرواية هناك بيلاجيا «الأم» التي تظهر منهكة، وتعاني كثيراً من زوجها المخمور الذي يعنفها دائماً، وهناك ابنها «بافيل» الذي بعد أن تعلم القراءة، أصبح رفيقاً للناس البسطاء في سعيهم لتغيير واقع الحال، إذن نحن حياة بائسة تعيشها بيلاجيا، التي يستخدمها غوركي لترمز إلى البروليتاريا المقهورة وغير المتعلمة، تمهيداً لتمرير المستوى الثاني الذي يمثل الصحوة أو اليقظة، بعد أن تتخلص الأم من سطوة وقسوة وعنف الأب، ليرسم لها غوركي دوراً إنسانياً، فيه قدر كبير من الوعي.

«بافيل» نفسه يختلف عن أقرانه، فهو مهتم بقراءة الكتب وتثقيف نفسه، فيرسم لنفسه دوراً محورياً في تثقيف الناس البسطاء، وهو دور توعوي يعرف بافيل من خلاله هؤلاء الناس على أبسط حقوقهم في الحياة، وإذا كانت الأم تتعامل في البداية بحذر مع أفكار ابنها بافيل، فإنها في نهاية المطاف، تؤمن بما يقوم به، مدفوعة بمشاعر الأمومة، وذلك على الرغم من كونها غير متعلمة، ويصبح بالتالي لها دور كبير في مجريات الأحداث، من هنا نفهم كيف أن غوركي جعلها «البطل» الحقيقي في الرواية.

يزداد إعجاب الأم بابنها «بافيل» حين يقنعها بأن ما يريده حقاً في هذه الحياة، وما يبتغيه من وراء تثقيف نفسه والإقبال على القراءة، إنما هو معرفة الحقيقة، كما جاء في الرواية: «إن على المرء، يا أماه، أن يتعلم حتى يتمكن من تعليم الآخرين».. وفي الرواية ثمة مواقف كثيرة يبادر إليها «بافيل» تثير دهشة الأم، ومن بينها أخلاقه الطيبة وانفتاحه على الآخرين، وحسن اختياره لرفاقه وأصدقائه، وأكثر من ذلك إعجاب الأم بالفكرة الرئيسية التي تدور حولها النقاشات التي كانت تجري بين «بافيل» وأصدقائه، وفيها قدر كبير من القيم الإنسانية والمثل العليا.

بدأ غوركي الكتابة في الرابعة والعشرين من عمره، وأنجز هذا العمل المهم «الأم» وهو في السابعة والثلاثين، والطريف أنه كتبها وهو في المنفى في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين عاد إلى بلده نشرها بعد سنتين في مجلة أسبوعية.

تُرجمت الرواية إلى العديد من اللغات، وتم تحويلها إلى عمل مسرحي على يد أبرز كتاب المسرح الألماني بيرتولت بريخت في عام 1932، كما اهتم بهذه الرواية السينمائي الروسي بودوفكين، الذي حولها إلى فيلم بذات الاسم «الأم» ووصف بأنه من أبرز أفلام المرحلة السوفييتية الأولى.

تستند الرواية إلى أحداث حقيقية لأناس لهم صلة قرابة بمكسيم غوركي، فهي مستلهمة من حياة الأم «آنا زالوموفا» وابنها «بيوتر زالوموف».

وصفت الكاتبة الأمريكية فرانسين جراي الرواية بأنها «النموذج الأدبي لتصوير الأدب الاشتراكي الواقعي للمرأة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"