«شتي يا بيروت».. الثأر بوجهين

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

مسلسل عنوانه العريض «الألم»، يجمع فيه الكاتب بلال شحادات أوجاع إنسان اليوم، هذا الهارب من جحيم وانتقام في سوريا علّه يجد الأمان في لبنان، وذاك العالق في جحيم وانتقام من نوع آخر وهو في مدينته بيروت. قصص تلتقي شخصياتها على تقاطع طريق واحد، طريق البحث عن منفذ للعيش بسلام وكرامة.

«شتي يا بيروت» الذي يذاع على «شاهد» إخراج إيلي السمعان، إنتاج «الصباح إخوان»، دراما الثأر بوجهين: وجه الطمع في المال بين أولاد العم والذي يولد أحقاداً بين الإخوة أيضاً، عبد الله الذي يجسّده باقتدار عابد فهد من جهة، مقابل أخيه عبد القادر (إيهاب شعبان)، وابن عمه منّاع (رامز الأسود) وشقيقته يم (لين غرة) من الجهة الأخرى. والوجه الآخر للثأر هو ثأر المظلومين من الظالمين ومن ضربات الحياة المتوالية.

 طبيعي أن يشكل الثأر دائرة انتقام لا تنتهي، قد تجرف معها الصالح والطالح، لكن وسط كل ظلمة شعاع نور يضيء فيمنح المشاهدين الأمل بضرورة متابعة الثلاثين حلقة ليشفى الغليل ويشعر المرء بشيء من الإنصاف والعدل.

الثأر بين أولاد العم يقضي على كل شيء حتى الحب، لا خير في علاقة تبنى بين يم وابن عمها عبد القادر مشروطة بالانتقام والقتل. الضحايا كثر في هذه القصص الاجتماعية التي تتلاقى شخصياتها بحبكة سلسة، لكن فرص النجاة مفتوحة أمام من اضطر إلى السير في طريق الخطأ والخطيئة وفي داخله بذور خير تأبى ألا تنمو وتزهر، مثل عبدالله، ونور التي جسدتها بتألق شديد ينم عن نضج في التمثيل زينة مكي. كذلك برعت إلسا زغيب بدور شقيقتها أماني، الطيبة المقهورة الصبورة، والتي تعرف كيف تنتفض عندما طفح الكيل لتلفظ القهر والإذلال من زوجها توفيق (عبدو شاهين بأفضل أداء للرجل عديم الأخلاق والضمير، لدرجة أنك تنتظر بفارغ الصبر أن تأتي لحظة الانتقام منه).

من ملامح الخير والنقاء في المسلسل، الطفل المصاب بمتلازمة «داون» حسن مرعي، مجسداً دور أيوب ابن عبدالله، كل معاني البراءة وسط جحيم الثأر والأحقاد بين أفراد العائلة.

طبعاً يسلط المسلسل الضوء على الهجرة غير الشرعية على الحدود بين لبنان وسوريا، وتهريب البشر براً وبحراً باعتبار أنه «عمل خير» لإنقاذهم من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها في سوريا إلى «حياة أفضل» في دول أخرى.

يحاول المسلسل الانتصار للمرأة التي قهرتها الظروف من خلال أماني وقصة الحب الصامتة في البداية بينها وبين عبدالله، وشقيقتها نور التي تعرف الحب مع عاصي الشاب السياسي الذي يدافع عنها في وجه المجتمع.

لولا المبالغات في هذا الجزء، ولولا مط الحلقات رغماً عمّا يحتمله النص كي تصل إلى الثلاثين، لأشبعنا المسلسل واستمتعنا بحلقات أقل وجرعات مكثفة من الإتقان في التمثيل وفي رص الأحداث دون تكرار مشاهد ولقطات يتم التركيز فيها على الوجوه بلا داعٍ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"