عادي

عذب الكلام

22:45 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

الطيُّ والنّشر، ويسمّى اللّفَّ والنشرَ أيضاً، وهو: أن يذكر الشاعرُ أموراً متعددة، ثم يذكر ما لكلّ منها من الصفات المَسوق لها الكلام، من غير تعيين، اعتماداً على ذهن السامع في إرجاع كل صفة إلى موصوفها:

ومنه قول الشاعر:

آراؤهُمْ ووجوهُم وسُيوفُهم

في الحادثاتِ إذا دَجَوْنَ نُجومُ

مِنْها مَعالمُ لِلْهُدى ومَصابِحٌ

تَجْلو الدُّجى والأخْريات رُجومُ

فالآراء معالم للهدى، والوجوهُ مصابح للدّجى، والسيوف رجوم.

دُرر النّظم والنّثر

من حلية الأدب: العِلْمُ نِعْمَ السّميرْ، والعَقْلُ بَشيرٌ بالخَيْرِ يشيرْ. اجتهدْ في طلبِ العُلوم، تَنفردُ بما يرفعُكَ إلى النّجوم. المَجدُ يبذلُ اللُّها، والفضلُ بالأدبِ والنُّهى. مَنْ صادقَ العُلماءَ زَها بَدْرُه، ومَنْ رافقَ السّفهاءَ وهَى قَدْرُه. العلمُ ثمرتُهُ الإنْصاف، والزُّهْدُ نتيجتهُ العَفاف. التّقوى أفضلُ حلّة، والمروءةُ أجلّ خلّة. الحقُّ سيفٌ قاطِع، والحِلمُ دِرْعٌ مانِع. الْزمِ الحِجا فهو ألطفُ سائِس، ولا تَعْدِل عنِ العدلِ فهو أحفظُ حارِس. العقلُ أحسنُ المَواهب، والجهلُ أقبحُ المَصائب.

العقلُ أحسنُ مَعقلٍ فاهْرَع إلى

أبوابهِ العُليا تنلْ كلَّ العُلا

واعلَمْ بأنّ الشّيْءَ يرخصُ كثرةً

والعقلُ إن كثرتْ حواصِلُه غَلا

من رضيَ بالقَدْر، وقيَ شرّ الحَذَر، اليأسُ يعزّ الأصاغِر، والطّمعُ يذلّ الأكابر، حاسبْ نفْسكَ تسْلَم، ولا تقتحمِ الأخطارَ تَنْدَم. منْ سرَّه الفسادُ في الأرْضِ ساءهُ طولُ التعب يوم العَرْض. لا تقل إلا ما يطيبُ عنك نشرُه، ولا تفعلْ إلّا ما يسطّر لكَ أجرُه. السّعيدُ مَن اتّعظَ بماضي أمْسِه، والشَقيُّ منْ ضنَّ بِخبرهِ على نفْسه. لا تغرّنّك صحةُ بدنكَ اليسيرة، فمدّة العمر - وإن طالت - قصيرة.

إذا الرّزْقُ عنكَ نأى فاصْطَبِرْ

ومنهُ اقتنعْ بالّذي قدْ حَصَلْ

ولا تُتْعِبِ النّفسَ في جَلْبهِ

فإنْ كانَ ثمّ نصيبٌ وَصَلْ

من أسرار العربية

فروق لغوية:

الفرقُ بينَ «التسديد» و«التقويم»، أنّ التّسديد، هو التوجيه إلى الصواب، تقول «سدّد السَّهم»، و«سدّد فلاناً إلى الحقّ». أما التقويم، فهو إزالة الاعوجاج. كتقويم الرُّمح، ثم استُعير في معانٍ أخرى، كالقول «قَوّم عملَ ابنه».

وبين «الفَوْزِ» و«الظّفَرِ»، أنّ الفوزَ، هو الخَلاصُ من المكروه، مع الوصول إلى المُبْتغى. والظّفَرَ، هو العلوّ على المناوئ. يُقال: «ظفِر ببُغْيَتِهِ»، وقد يُستعمل في موضعِ الفوز، لكن الفوزَ لا يُستعملُ في موضع الظّفر. فلا يقال «فازَ بِعَدوّه».

هفوة وتصويب

يقولُ بعضُهم: «وجرى اتّفاقٌ بَيْنَ الإدارةِ وبَيْنَ الموظّفين».. وهو خطأ، والصواب «بَيْنَ الإدارةِ والموظّفين»؛ فكلمةُ «بَيْن» ظرْفٌ، يَسْبِقُ الاسمَ، فإذا وَلِيهُ ضَميرٌ، فإنّه يُكرّر، كأنْ تقولَ «بَيْني وبَيْنكَ عَهْدٌ»، أما إذا وَلِيهُ اسمٌ ظاهرٌ، فيُكتفى بحَرفِ العطفِ، كما في المثالِ الأول.

يقول أحمد شوقي:

عُدْ مُنعِماً أَو لا تَعُد

أَودَعتَ سِرَّكَ مَنْ يَصونُهُ

بَيْني وَبَيْنَكَ في الهَوى

سَبَبٌ سَيَجمَعُنا مَتينُهُ

من أمثال العرب

وَقَد ضَلَّ قَومٌ بِأَصنامِهِم

فَأَمّا بِزِقِّ رِياحٍ فَلا

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ

رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى

البيتان لأبي الطيّب، يشدّد فيهما، على أن من لم يعرف قدر نفسه غروراً وإعجاباً وذهاباً بها، خفيت عليه عيوبه، فرأى الناس من عيوبه ما لا يَرى واستقبحوا منه ما استحسن، وإنه لبلاء عظيم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"