عادي

ارتفاع قياسي.. مؤشر السلع العالمي يقفز 7.5% 

23:02 مساء
قراءة 6 دقائق
موظف ينظر إلى مجمع تكرير النفط في كارتاخينا ريبسول إس إيه في إسبانيا. (بلومبيرج)
دبي: «الخليج»

شهد مؤشر بلومبيرج للسلع الفوريّة، الذي يتتبّع أداء 24 من العقود الآجلة خلال الشهر القريب، ارتفاعاً قياسياً هذا الأسبوع بنسبة 7.5% هذا الشهر، متفوقاً على مؤشر إم إس سي آي العالمي بعد تراجعه بحوالي 9% خلال نفس الفترة. ويُعزى هذا بصورةٍ رئيسية إلى ارتفاع الضغوط التضخمية في جميع أنحاء العالم وانخفاض الإمدادات المسؤولة عن دعم السلع، مع تأثّر السندات والأسهم بزيادة معدلات التضخم وأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي لأعلى مستوياتها منذ السبعينيات.
بحسب التقرير الأسبوعي لـ«ساكسو بنك»، واصل قطاع الطاقة تحقيق مكاسب قوية لأسبوع آخر، مع عودة سعر برميل خام برنت إلى 90 دولار واضطرابات سوق الغاز، في حين شهد سوق المعادن الثمينة عدة انتكاسات؛ كان أشدّها تحقيق تداولات الذهب والفضة أسوء أداء أسبوعي لهما منذ شهر نوفمبر الماضي. ويأتي هذا بعد تصريح رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، عقب الاجتماع الأخير للجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة، عن عزم البنك المركزي تخفيض معدلات التضخّم بعد بلوغها أعلى المستويات منذ أربعة عقود، من خلال رفع أسعار الفائدة واتخاذ تدابير التشديد الكمي.
وساهمت تصريحات باول بتعزيز توقعات السوق حول رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خمس مرات بدلاً من أربع مرات في 2022، مع ازدياد المخاوف من ارتفاعها بعد الاجتماع المقرر في مارس إلى 50 نقطة أساس. كما تأثر الدولار بهذه التوقعات المتقلّبة ليحقق أعلى ارتفاع منذ يونيو الماضي، ما دفع عائدات سندات الخزينة الأمريكية للتصاعد على طول المنحنى.

سلال الأسهم الرئيسية 

وطور ساكسو بنك خلال العام الماضي العديد من سلال الأسهم الرئيسية التي تتابع أداء أسهم مختارة ضمن قطاعات أو معايير محددة. ويبيّن رئيس استراتيجية الأسهم ومبتكر سلال الأسهم لدينا هنا أهمية تركيز المستثمرين عند تأسيس محافظهم على فكرة بقاء معدلات التضخّم بالتأكيد أعلى ممّا كانت عليه خلال السنوات الـ 30 الأخيرة، وذلك في ظلّ تركيز الاحتياطي الفدرالي الأمريكي على رفع معدلات الفائدة. وساهمت التغيّرات الأخيرة حتى الآن بارتفاع أسعار الفائدة في عدد من القطاعات الحيوية، بدءاً من أسهم الفقاعة والأدوية من الجيل التالي والتجارة الإلكترونية ووصولاً إلى التحوّل الأخضر والألعاب والمدفوعات. وتُعدّ التوقعات بحدوث ارتفاع كبير في أسعار الفائدة القاسم المشترك بين هذه القطاعات، ما أدى لارتفاع تقييمات الأسهم بصورة شديدة.
وبإمكان الانكشاف على عقود السلع تخفيف وطأة الضغوط التي سببها تركيز الاحتياطي الفدرالي في ديسمبر الماضي على التضخّم وأسعار الفائدة، بعد الأزمة الأخيرة التي عصفت بأسهم النمو.
من ناحيةٍ أخرى، تراجعت تداولات المعادن الثمينة مترافقةً مع انتعاش الدولار وارتفاع عائدات السندات عقب اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، في حين هبطت تداولات الفضة والذهب بعد تسجيلها أداءً قوياً منتصف الشهر، ما جعلها عرضةً للتصحيح في ظلّ توجّه العديد من العقود طويلة الأجل التي أنشئت مؤخراً نحو الحد من المخاطر. وأصدرنا بعد اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة يوم الأربعاء تحديثاً يبرّر تفاؤلنا الإيجابي متوسط المدى حول تداولات المعادن الثمينة لعام 2022 وما بعده، ولم تؤثر التراجعات الأخيرة على هذا التفاؤل بالرغم من أنها بيّنت أهمية التحلّي بالصبر، بناءً على العوامل التالية:

  • ازدياد التوجه نحو الذهب باعتباره وسيلة حماية وتحوّط ضد التضخّم في ظل تزايد تقلّبات أسواق الأسهم وسعي السوق للتكيّف مع ارتفاع أسعار الفائدة. 
  • أظهر الذهب، قبل التصريح الأخير للجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة، مرونةً قوية تجاه ارتفاع العائدات الحقيقية، ما دفع المستثمرين للتركيز على تحويط محافظهم الاستثمارية لمواجهة تباطؤ النمو، الذي بدوره أدى إلى انخفاض تقييمات أسواق الأسهم. وشهدت إجمالي الحيازات في الصناديق المتداولة في البورصة، والمدعومة بالسبائك، أعلى ارتفاع لها منذ سبتمبر عام 2020 لتصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر عند 3083 طن.
  • سيؤدي أي ارتفاع بالطلب على بعض أبرز مؤشرات السلع في العالم، والتي يشكل الذهب بين 5% إلى 15% من انكشافها، إلى ارتفاع الطلب على الذهب نفسه تلقائياً كما لوحظ مؤخراً.

تحديات أخرى 

وسيواجه السوق، في ظل هذه العوامل المحتملة والمشجّعة، تحديات أخرى تتعلق بالبيع من الصناديق التي تعتمد على الزخم، والتي قد يتأثر بعضها بتداعيات انتعاش الدولار. كما قد يؤدي رأس السنة الصينية إلى انخفاض الطلب بعد تزايد معدلات الشراء بقوة في الفترة الأخيرة.
وتدهورت النظرة الفنية قصيرة المدى بفعل تراجع تداولات الذهب السنوية دون المتوسط المتحرك البسيط لمدة 200 يوماً، والذي يبلغ حالياً 1805 دولار. وقد يؤدي الانخفاض إلى عتبة الـ 1782 دولار في 7 يناير أو ما دونها إلى استمرار التراجع حتى الوصول إلى 1755 دولار والاستقرار بالنهاية عند حاجز الـ 1730 دولار، في حين قد يساهم الارتفاع فوق حاجز الـ 1805 دولار بانتعاش حركة الشراء.

أسعار الفضة 

كما واصلت أسعار الفضة ارتفاعها قبل اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة، لتبلغ مستوى مقاومة قوي عند المتوسط المتحرك البسيط لـ 200 يوم يصل حالياً إلى 24.55 دولار. وشهد هذا التوجه تراجعاً حاداً هذا الأسبوع دفع بالأسعار إلى الاستقرار عند مستوى الدعم البالغ 22 دولاراً، ما قد يؤدي إلى مزيدٍ من الهبوط حتى بلوغ قاع مزدوج عند 21.40 دولار.
وشهد مؤشر بلومبرج الزراعي ارتفاعاً مستمراً بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات ونصف، مدفوعاً بالمكاسب الرئيسية لفول الصويا الذي بلغ أعلى معدلاته منذ يونيو، على خلفية التراجع بإمدادات الزيوت النباتية عالمياً وانخفاض المحاصيل في أمريكا الجنوبية عن المعدلات المتوقّعة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الوقود الأحفوري الذي يعزز التوجّه نحو أنواع الوقود الحيوي والقائم على محاصيل مثل زيت فول الصويا.

عقود القمح 

كما ازدادت تقلّبات العقود الآجلة للقمح، ولا سيما عقود القمح عالي البروتين في باريس، في ظل المخاوف التي تشغل السوق حيال آثار التوترات المتزايدة بين روسيا وأوكرانيا على الإمدادات، نظراً لكونهما من أكبر دول تصدير القمح. وفي ضوء الطلب الكبير من دول مثل مصر وتركيا والجزائر والصين، يمكن لأي اضطراب أن يحدث ارتفاعاً آخر في الأسعار.
وبينما يساهم ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري بزيادة الطلب على الوقود الحيوي، تبقى إمكانية انخفاض الإنتاج هذا الصيف نتيجة ارتفاع تكاليف الأسمدة مشكلةً إضافية، ما يعزز احتمال استمرار تضخم المواد الغذائية الأعلى منذ 14 عاماً. في حين تقود أزمة الطاقة العاصفة بالقارة الأوروبية مباشرة نحو أزمة كبيرة في الأسمدة، يعقبها ارتفاع كبير في الأسعار ونقص في الموارد، ما قد يجبر المزارعين على تقليل استخدام المواد المغذّية، وبالتالي تخفيض الإنتاج أو تحميل المستهلكين أعباء التكاليف الباهظة، في مشهد يجعل من أوروبا القارة الأكثر تضرراً من تخفيض إنتاج معامل الأسمدة الناجم عن الارتفاع الكبير في تكاليف الغاز، الذي يمثّل عنصراً أساسياً في عملية الإنتاج.
وتواصل تداولات النفط الخام ارتفاعها لأكثر من شهر، مع وصول خام برنت إلى 90 دولار مسجلاً أعلى مستوى لتداولاته منذ 7 سنوات، مدعوماً بالأنباء الأخيرة حول المخاطر الجيوسياسية التي قد تسببها الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ما يسبّب شح العرض في السوق، حيث تعجز سلاسل الإمداد عن تلبية الطلب الذي لم يشهد سوى تأثير محدود لارتفاع حالات الإصابة بمتحوّر أوميكرون حول العالم.
وتعتزم مجموعة أوبك بلس عقد اجتماعها الأسبوع القادم لتحديد أهداف الإنتاج لشهر مارس، في حين يخيّم على السوق قلق من عجز المجموعة عن تحقيق أهدافها، بالرغم من عزمها رفع وتيرة الإنتاج. وشهدنا على مدى الأشهر الماضية خللاً في تحقيق الامتثال لدى المجموعة، لا سيما مع عدم الوفاء بمعدل الزيادات الشهرية بواقع 400 ألف برميل يومياً، خصيصاً بسبب المشاكل في نيجيريا وأنغولا، لكن التحديات الأخيرة التي تواجه الإنتاج منعت عدة دول أخرى، منها روسيا، من النجاح في تحقيق أهدافها. ونتوقع أن تعمد المجموعة إلى اقتراح زيادة الإنتاج أيضاً في مارس بواقع 400 ألف برميل يومياً، إلا أن المتداولين سيركزون كالمعتاد على المستويات الفعلية للإنتاج.
ويُستبعد أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته خلال وقت قريب، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط على المخزونات الاحتياطية المتاحة، والتي تنخفض بشكل شهري لتزيد من مخاطر ارتفاع الأسعار. ويدعم هذا التوجه نظرتنا المتفائلة بارتفاع الأسعار في سوق النفط على المدى الطويل، لا سيما وأنّها ستكون على موعد مع انخفاض في الاستثمارات على مدى أعوام عديدة، بالتزامن مع تحويل كبرى شركات النفط لنفقاتها الرأسمالية المُخفّضة أصلاً نحو إنتاج أنواع الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. ويُعد الإعلان المرتقب من كبرى شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية عن تحقيق مكاسب بمثابة دليلٍ على ذلك، حيث يبحث السوق عن إشارات على زيادة في الإنتاج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"