الفالتون من العقاب الشعبي والدولي

01:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

للشر ملامح موحدة وأسماء متعددة، أياً كان زمانه ومكانه، وفي زماننا يسعى الشر لأن تكون أفعاله متجاوزة للحدود ومهددة لأكبر قطاع من البشر، ولم يعد صنّاعه يكتفون بمساحة جغرافية ينشرون فيها الخراب والدمار والفقر والعنف، ويسيطرون على أهلها بالخوف والقهر والذعر، بل أصبحوا يتطلعون للخروج بخرابهم إلى أكبر مساحة ممكنة، والانتقال به من الجوار، وإلى ما بعد الجوار. 
 جماعات التطرف والإرهاب، أهدافها واحدة وإن اختلفت مسمياتها، يستهدفون أمن وأمان البشر واستقرار الدول، يتسللون عبر بوابة الدين لخداع الناس وتضليلهم بالعزف على وتر المشاعر الروحية. والمأرب دنيوي رخيص، وسلطوي متجبر، ويتساوى في ذلك من أراد لنفسه أن يكون، «حزب الله»، أو «أنصار الله»، أو «أنصار السنة»، أو «أنصار بيت المقدس»، أو «الإخوان»، أو «داعش»، أو «القاعدة»، أو غير ذلك من ورثة «الخوارج» و«الحشاشين».
 ورغم أن التاريخ البعيد لم يعط فرصة لجماعات التطرف لأن تتمدد، لا زمانياً ولا مكانياً، وأن التاريخ المعاصر قد وجّه ضربات متتالية لأكبر جماعات العنف، لتثور عليها الشعوب وتقتلعها من مواقع القرار بعد أن اكتشفت زيفها وضلالها وفشلها وعجزها، إلا أن بعض هذه الجماعات لا يزال فالتاً من العقاب الشعبي، ولا زال يصول ويجول ناشراً الخراب والدمار والفقر، ومن بين هذه الجماعات ميليشيات الحوثي الإرهابية. 
 إن جماعة الحوثي تكذب وتخادع وتقتل الأبرياء وتجند الأطفال وتلقي بهم وقوداً في معاركها الخاسرة، وتختطف الدولة من أهلها وتروع القبائل. هذه الجماعة انطلقت في صعدة باليمن منذ عام 1994 على أنها جماعة دينية دعوية، ثم ما لبثت أن تحولت إلى جماعة مسلحة عام 2004 لتعيش فصولاً من التصارع مع الحكومة اليمنية حتى كانت الانتفاضة ضد علي عبدالله صالح، ورغم أنه تحالف معها لاستعادة نظامه بعد سقوطه إلا أنهم غدروا به ونقضوا عهدهم واستولوا على العاصمة وكادوا يستولون على اليمن لولا تصدي تحالف دعم الشرعية لهم. 
 السعودية والإمارات والحكومة اليمنية، بادرت مراراً لنشر السلام على أرض اليمن وفتحت كل الأبواب لإنجاح المبادرات الأممية لإنقاذ الشعب اليمني من براثن الحرب والجوع والفقر والمرض، وفي المقابل تعنت الحوثي وجاوز المدى، وبعد أن نشر الخراب والدمار على أرض بلاده توهم القدرة على التخريب في السعودية ثم الإمارات، ولم تردعه لا عقيدة دينية، ولا التزام دنيوي ولا قانون دولي. 
 الاعتداءات الحوثية الإرهابية على مواقع مدنية في الإمارات، كانت نموذجاً على إرهاب هذه الجماعة، لكن الإمارات كانت بالمرصاد لإحباط مؤامرتها الدنيئة. 
 لقد أثبت الحوثي بذلك أنه فاقد للقيم والمبادئ والأخلاق، وأيضاً فاقد للوعي السياسي، ولو كان لديه قليل من الفهم لتجنب الاقتراب من الإمارات، ولأدرك أن الاعتداء على الإمارات هو اعتداء على القيم الإنسانية وعلى الأصالة وعلى المبادئ، والاعتداء عليها هو اعتداء على النموذج الذي يحظى بتقدير العالم وباحترام ساسة الشرق والغرب، وهو اعتداء على الحلم والأمل للشباب والأجيال الجديدة حول العالم، وهو استفزاز لكل ساعٍ إلى غد أفضل للإنسانية. 
 العالم انتفض ضد الاعتداء الحوثي على الإمارات، ووقف صفاً واحداً في وجه هذه الهمجية الإرهابية. الموقف كان واحداً وكلمات الإدانة متقاربة بين الدول والمنظمات الأممية والإقليمية. والغضب نفسه حملته كلمات القادة الذين حرصوا على التعبير بألسنتهم عن غضبهم من الفعل الحوثي الخسيس.
 نعم، العالم توحد في وجه الهمجية الحوثية، إنما ذلك لم يعد كافياً، كما لم يعد يكفي إدانة أعمال واستنكار سلوكات هذه الجماعة وكل من على شاكلتها، بل لا بد من أفعال وتجاوز مرحلة الأقوال، بمحاصرة هذه الجماعات، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ووضعها على قوائم الإرهاب العالمي، وإذا لم تؤت هذه الإجراءات أكلها فلتتم ملاحقتها عسكرياً من خلال تحالف دولي. 
 لو تخيلنا الحياة من دون جماعة الحوثي وأخواتها، فستكون الحياة أفضل، وأقل خراباً وفقراً ومرضاً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"