عادي

الهشاشة.. نقص تدريجي في معدل الكتلة العظمية

22:36 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يبدو الهيكل العظمي لجسم الإنسان صلباً وبلا حياة من الخارج، ولكنه في الداخل نسيج حي يخضع لعملية من الهدم والبناء خلال مراحل العمر، وتزيد معدلات صحة العظام وبنائها الأمثل في الطفولة والشباب، حيث يصل معدل الكتلة العظمية لأعلى مستوى في سن الثلاثين وتحتفظ بثباتها حتى الأربعين، وتعود بعد ذلك للتناقص وسرعة الهدم، ويطلق على هذه الحالة «هشاشة العظام»، وهي تصيب الرجال في عمر متأخر بعد سن الخمسين، وتستهدف النساء في وقت أبكر، عندما تنحسر الكتلة العظمية بشكل سريع خلال 5 إلى 7 سنوات الأولى بعد انقطاع الحيض، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذه المشكلة وطرق الوقاية والعلاج.

يقول الدكتور أحمد فواز أخصائي جراحة العظام إن حدوث نقص في الكتلة العظمية أو في كثافة العظام يعرضها للإصابة بالهشاشة وتكون سهلة الكسر، وتعتبر هذه المشكلة أكثر الأمراض الروماتيزمية شيوعاً بين الرجال، وتصيب النساء بعد التقدم في العمر وانقطاع الدورة الشهرية، ولها أنواع مختلفة ومتعددة، كالآتي:

* الهشاشة الأولية التي تحدث بسبب التقدم في العمر واضطرابات الهرمونات، ولها نوعان: الأول يصيب النساء بسبب انقطاع الطمث والنقص المفاجئ في مستوى هرمون الإستروجين، أما النوع الثاني فيستهدف الرجال والسيدات عادة بعد عمر الستين أو السبعين.

* الهشاشة الثانوية التي تحدث بسبب بعض الأمراض مثل: الغدة الدرقية أو زيادة إفراز الغدة الجار درقية، أو بعض الأورام، أو مشكلات الجهاز الهضمي التي تؤثر في امتصاص الغذاء والكالسيوم، الفشل الكلوي، أو نتيجة تناول بعض أنواع العقاقير.

أعراض الإصابة

يوضح د.أحمد أن هشاشة العظام من أكثر المشكلات شيوعاً بين كبار السن، ويطلق عليه «المرض الصامت»، حيث إن المصاب لا يعاني أي أعراض حتى يتعرض بشكل مفاجئ إلى كسر في العظام، وعادة ما يحدث في منطقة الحوض أو الرسغ أو الفقرات، ويزيد خطر الإصابة بين السيدات اللواتي يقل وزنهن عن 58 كيلوجراماً وذوات الكتلة العظمية الصغيرة، والأشخاص الذين يعانون الأمراض المزمنة وتتم معالجتهم بالأدوية التي تحتوي على مادة الكورتيزون لفترات طويلة، وأصحاب البشرة البيضاء والجنس الآسيوي، وقليلو الحركة والمدخنون.

فحوص واختبارات

يذكر د. أحمد أن تشخيص هشاشة العظام يتم عن طريق مجموعة من الإجراءات، وأهمها قياس كثافة العظام بالأشعة، وفي الغالب تكون النتيجة أقل من ( 2.5-)، وينصح الطبيب عند التأكد من الإصابة بضرورة الالتزام بالتغذية السليمة وممارسة الرياضة، والحصول علي كمية كافية من فيتامين «د» والكالسيوم، والتعرض للشمس يومياً قبل العاشرة صباحاً أو بعد الثالثة عصراً، كما يوصى للكبار بمعدل 1000- 1200 ملجم من الكالسيوم يومياً و 600 إلى 1000 وحدة دولية من فيتامين «د».

هدم وبناء

يشير الدكتور وليد قائد أخصائي جراحة العظام إلى أن العظام نسيج حي في حالة تجدد مستمر، حيث تنحل الأنسجة القديمة وتستبدل بنسيج عظمي جديد، ودائماً ما تكون نسبه البناء أكبر من نسبة الهدم في مرحلة الطفولة، وتبدأ في النقص التدريجي بداية من عمر الثلاثين.

وكلما تقدم العمر تقل كثافة العظام، كما يزيد معدل الخطر مع وجود مشكلات أخرى كاضطرابات الهرمونات عند النساء، وجراحات الجهاز الهضمي أو إزالة جزء من المعدة أو الأمعاء، أو العلاج طويل المدى بأدوية الكورتيكوستريدات، والأمراض المزمنة كالكلى والكبد، والسرطان، والتهاب المفاصل الروماتويدي.

مضاعفات ومخاطر

يلفت د. وليد إلى أن الهشاشة يمكن أن تتسبب في العديد من المضاعفات، والأكثر شيوعاً هي كسور العظام، وخاصة التي تصيب العمود الفقري والورك، ويمكن أن تحدث هذه الإصابات دون التعرض للسقوط نتيجة ضعف أنسجة العظام، ما يؤدي إلى الشعور بآلام الظهر، ونقص في طول القامة وانحناء العمود الفقري للأمام. وتعتمد طرق الوقاية من الهشاشة على التغذية السليمة والانتظام في ممارسة الرياضة، وضرورة الحفاظ على صحة العظام، عن طريق الكالسيوم المتوفر في الحليب ومشتقاته، وتناول السلمون والخضراوات الورقية ذات اللون الأخضر الداكن، كما يساهم فيتامين «د» في امتصاص الكالسيوم، ويمكن الحصول على جزء منه خلال التعرض لأشعة الشمس.

معدن الكالسيوم

تذكر الدكتورة نور هشام طبيبة الصحة العامة أن هناك العديد من الفيتامينات والمكملات الغذائية التي تعمل على الوقاية من الإصابة بالهشاشة، ويعتبر الكالسيوم من أهم المعادن التي تساعد في بناء العظام، ويجب تناول كميات كافية بحسب العمر حتى تساهم في منع تطور المرض، وهو يوجد في العديد من الأطعمة، مثل: منتجات الألبان كالزبادي والجبن والحليب، والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة وأنواع متنوعة من البقوليات، وبعض الأسماك كالسردين والسلمون والفواكه كالبرتقال والمكسرات كاللوز.

فيتامين «د»

تبين د. نور أن فيتامين «د» هو أحد العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم لبناء العظام والحفاظ على صحتها، حيث إن الجسم لا يمكنه امتصاص معدن الكالسيوم المكوّن الرئيسي للعظام، إلا في وجود فيتامين «د»، وفي حال نقص المعدل يمكن الحصول عليه عن طريق تناول الحبوب تحت إشراف الطبيب، ويعد التعرض للشمس لفترات قصيرة من أهم المصادر الطبيعية لفيتامين «د»، مع الانتباه لتجنب الحرارة المرتفعة خلال أوقات الظهيرة، ويمكن تناول الأطعمة المدعمة بهذا الفيتامين مثل: الحليب المعزز، والحبوب الكاملة.

الأحماض الدهنية

تشير د. نور إلى أن الأحماض الدهنية مثل: الأوميغا 3 تساعد بشكل كبير في الحفاظ على صحة العظام، وتعتبر الأسماك من أبرز المصادر الطبيعية التي يمكن الحصول عليها لهذه الأحماض، كالسلمون والتونة والسردين وزيت السمك، وبعض الزيوت النباتية مثل زيت بذور الكتان، وزيت فول الصويا وزيت الزيتون، والمكسرات كالجوز واللوز، والأغذية المدعمة التي تشمل البيض، ومشتقات اللبن، والحليب، وكذلك المكملات الغذائية التي تؤخذ عن طريق الحبوب والكبسولات.

المغنيسيوم والبوتاسيوم

توضح د. نور أن المغنيسيوم والبوتاسيوم من المعادن الضرورية التي تساهم في الحفاظ على توازن فيتامين «د» ومعدن الكالسيوم في الجسم عن طريق معادلة الحمض، التي تمنع سحب الكالسيوم من العظام، ويمكن الحصول على المغنيسيوم والبوتاسيوم من خلال تناول حبوب المكملات الغذائية أو من مصادر طبيعية مثل البطاطا الحلوة، والتين، والمكسرات واللوز، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة.

فيتامين «ك»

تلفت د. نور إلى أن فيتامين «ك» من الفيتامينات الأساسية التي تعمل بشكل مثالي مع الكالسيوم على تقوية العظام، ولا ينبغي الحصول على جرعات كبيرة تتعدى الكمية الموصى بها من فيتامين «ك» بمعدل 150 ميكرو جراماً يومياً، ويمكن أن يتداخل هذا الفيتامين أيضاً مع بعض الأدوية المسؤولة عن سيولة الدم، لذا ينصح الخبراء في مجال الرعاية الطبية والصحية بضرورة استشارة الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة.

مستويات الهرمون

تلعب اضطرابات الهرمونات في الجسم دوراً هاماً في الإصابة بهشاشة العظام، ومن هذه الحالات انخفاض هرمون الإستروجين لدى السيدات بعد انقطاع الحيض، كما يتسبب علاج قصور هرمون الغدة الدرقية أو فرط الإنتاج في فقدان العظم، وترتبط أيضاً الهشاشة بزيادة نشاط الغدة الجار درقية والغدد الكظرية.

كما تشير بعض النظريات إلى أن علاجات سرطان البروستاتا التي تقلل من مستويات هرمون التستوستيرون تؤدي إلى الهشاشة عند الرجال، وتكون علاجات سرطان الثدي التي تنقص من مستويات هرمون الإستروجين سبباً في مسارعة الإصابة بفقدان العظام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"