عودة الإرهاب

01:04 صباحا
قراءة دقيقتين

عاد تنظيم «داعش» الإرهابي يبث رسائل دامية، بعد الانهيار المدوّي لدولته المزعومة في 2017، عبر تنفيذ مجموعة من العمليات الكبيرة والمؤثرة، في سوريا والعراق، لكن بمنهجية جديدة تقوم على توجيه الضربات الخاطفة، في حرب عصابات قد تكون الأجدى له بعد تدمير كيانه في كلتا الدولتين، وعدم قدرته على إعادة تنظيم صفوفه بنظام مركزي كما كان في السابق.
 «داعش» الذي يتخذ من الصحراء والقرى النائية ملاذاً ونقطة انطلاق لهجماته وإعادة تعبئة صفوفه، لا يتوانى عن تنفيذ عمليات إجرامية بشكل شبه يومي أسفرت عن قتلى وجرحى، لكن بدأ يبرز مؤخراً عبر هجمات مخططة بشكل محكم، وباستخدام العشرات إن لم يكن المئات من العناصر، كالهجوم على سجن الصناعة في حي غويران في الحسكة السورية، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200، في «أكبر وأعنف» عملية للتنظيم منذ أن سقط قبل نحو خمس سنوات، حيث استطاع الصمود ستة أيام محاولاً تحرير السجناء، ليحول كبرى مدن شمال شرقي سوريا إلى ساحة حرب.
 التنظيم المتطرف اختار هذا الهدف بدقة وعناية، فالسجن يضم بين جنباته 3500 من أسرى التنظيم، بينهم قيادات كبيرة، فالعملية التي أفشلتها القوات الكردية، ففي حال نجحت، كانت ستعزز مكانة التنظيم لدى مناصريه ومريديه، ثم رفد صفوفه بالمزيد من المقاتلين والقادة بعد تحريرهم من السجن، على أمل إعادة بعض ما فقد، خاصة أن لديه قاعدة مالية وبشرية تسمح له بالعودة على نطاق واسع في حال وجد ثغرات أمنية. فالتنظيم حسب مسؤولين أمريكيين يقود ما لا يقل عن 8000 مقاتل في جميع أنحاء العراق وسوريا، هذا فضلاً عن الآلاف غيرهم يعملون كخلايا نائمة، بينما يملك أمولاً تمكنه من الاستمرار طويلاً بفضل ما جناه خلال فترة احتلاله أجزاء من العراق وسوريا، إضافة إلى الفديات وتجارته بالأسلحة راهناً.
 هجمات «داعش» التكتيكية تطورت إلى إمكانية السيطرة على مساحات جغرافية، كاحتلال قرية لهيبان بقضاء الدبس في كركوك شمالي العراقي، في ديسمبر الماضي، وحرق بعض المنازل، قبل أن تستردها قوات البشمركة والقوات العراقية بعد نحو ساعات من الهجوم، ما يؤشر إلى قوته المتصاعدة في مقابل ضعف استخباراتي بحاجة إلى تطوير لقطع الطريق على التنظيم الإرهابي الذي لن يترك فرصة إلا وينقض لاستغلالها في تقوية شوكته ومدّ نفوذه.
 إن مضاعفة الجهود لمنع عودته لا بد أن تكون في مقدمة الأولويات لإنقاذ البلاد من براثنه، كي لا يعيد التاريخ نفسه، بإعادة بسط سيطرته على بعض المناطق من جديد، وهذا يتطلب أيضاً جهوداً مشتركة عبر تعزيز الاتصال بين الاستخبارات الدولية خصوصاً مع سوريا لمنع عمليات التنقل على الحدود.
 التنظيم لن يتوانى عن تطوير قدراته وشنّ هجمات، لكن في المقابل لا بد من استئصال شأفته، على الصعد كافة، سواء كانت أمنية بتعزيز سلطة الدولة والقانون، أو تنموية بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد ومنع خلق بيئات جاذبة له، وإلاّ فإن الأمور ستؤول إلى ما لا يحمد عقباه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"