المنظمة الدولية وعدم الالتزام

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما يفشل المجتمع الدولي، ممثلاً في الجمعية العامة ومجلس الأمن، في حل أية أزمة عالمية، فإنها تتحول مع الوقت إلى أزمة إقليمية ودولية، تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتصبح بالتالي عصية على الحل، وتؤدي إما إلى حروب إقليمية، وإما إلى اقتتال داخلي.

 والأمثلة عدة، ماضياً وحاضراً، مثل الصراع العربي - الإسرائيلي، وأزمات أفغانستان، وكشمير، وكوريا، وليبيا، والوضع في كل من اليمن وسوريا. 

 هذه مجرد أمثلة على فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن في التوصل إلى حلول لهذه الأزمات المتفجرة، ما يُفقد هاتين المؤسستين الدوليتين قيمة الأسس التي قامتا عليها عام 1945.

 تقول ديباجة ميثاق الأمم المتحدة إن في مقدمة غايات المنظمة الدولية «أنْ ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب»، و«أنْ نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدوليين»، وقد «قررنا أن نوحد جهودنا لتحقيق هذا الغرض».

 ومن أهم مبادئ وأهداف الأمم المتحدة، الالتزام بالقرارات التي تصدر عنها، إذ تقول الفقرة الثانية من ميثاقها «يُعد مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات والاتفاقات الدولية من أهم مبادئ الأمم المتحدة».

 إن هذا النص الواضح يتناقض بالمطلق مع سلوك معظم الدول، خصوصاً الدول الكبرى التي تمارس الازدواجية في مواقفها. 

كما أن هذا النص لا يستوي مع سلوك هذه الدول تجاه قضايا أخرى ضحية عدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه من قرارات، وتحديداً مثل الأزمات الحالية في فلسطين وليبيا واليمن، جراء صراعات المصالح والنفوذ بين الدول الكبرى، وعلاقاتها الإقليمية.

 لقد اتُّخذت عشرات القرارات في مجلس الأمن خلال السنوات الأخيرة بخصوص الوضع في كل من ليبيا واليمن، كما عُقدت اجتماعات على مستويات مختلفة بين العديد من الدول المعنية بالأزمتين، وتم اتخاذ قرارات بشأنهما، من بينها فرض عقوبات على قوى سياسية ومسلحة تعرقل التوصل إلى حلول سلمية، بل هناك قرارات تدعو إلى تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال فشل العقوبات، لكن لا العقوبات نُفذت، ولا الفصل السابع تم تطبيقه. إذ يوفر الفصل السابع الإطار الذي يجوز فيه لمجلس الأمن الإنفاذ، ويسمح له أن يقرر «ما إذا كان وقع تهديد للسلم أو إخلال به، أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، وأن يقدم توصيات، أو يلجأ إلى القيام بعمل عسكري، أو غير عسكري لحفظ الأمن والسلم الدوليين».

 ورغم أن هاتين الأزمتين تشكّلان، باعتراف المنظمة الدولية نفسها، وبإقرار معظم دول العالم، تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وتم اتخاذ القرارات اللازمة بهذا الخصوص، إلا أن القرارات ظلت حبراً على ورق، ولا يزال العالم يعاني آثارهما وتداعياتهما.

إننا أمام حاجة ملحّة إلى إصلاح و«إعادة تدوير» المنظمة الدولية في إطار الحرص على تعزيز التعاون الدولي، والعمل معاً على تحقيق المصلحة العليا، ومواجهة التحديات التي تواجه البشرية جمعاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"