تحقيق: محمد الماحي
رصدت مدارس خاصة تدخّل أولياء أمور، أثناء شرح المعلمين والمعلمات الحصص الدراسية «عن بعد» وإعطائهم ملاحظات على أدائهم، وعلى جدول الحصص الأسبوعي، وعلى نظام التعلم عن بعد.
وقالت الإدارات المدرسية أن هناك تدخلاً من أولياء الأمور في الحصص الافتراضية عندما تقدم المعلمة أو المعلم حصته للطلبة، مشيرة إلى الضغوط النفسية التي يواجهها المعلم في هذه الأثناء.
أوضحت أن بعض أولياء الأمور يعلق قائلاً: «أستاذ أعطِ فرصة لولدي»، «أستاذ ولدي ما فهم أعد الكلام»، «أستاذ هل اطّلعت على واجب ولدي»، لافتة إلى أن المعلم أصبح عليه العمل بشكل مضاعف، حيث يقدم الدرس للطالب وولي أمره وبالتالي لا يستطيع التركيز.
وحثت أولياء الأمور على متابعة أبنائهم دون التدخل في عمل المعلم، لافتة إلى ضرورة إعطاء المعلم فرصة لكي يقدم دروسه حسب الخطة الموضوعة دون إرباكه.
وعممت مدارس خاصة عبر رسائل فورية لأولياء الأمور بأن حصص التعلم عن بعد مراقبة من وزارة التربية والتعليم.
الثقة كاملة
وتحدث عدد من المعلمين والمعلمات عن بعض المواقف التي واجهتهم مع أولياء أمور طلبتهم، وأكدت المعلمة في مدرسة خاصة في الشارقة، ريم محمد، أنها فوجئت بدخول ذوي طلبة يتلقون التعليم المباشر عبر منصة «تميز»، وبقائهم طوال الحصة الدراسية، الأمر الذي جعلها تطلب منهم الخروج، حتى تتمكن من شرح المواد بشكل فعال لطلبة التعليم «عن بعد».
ويقول سعيد نوري من مدرسة عجمان الخاصة، إن قرار التعليم الحضوري كان له أثر إيجابي في الآباء والطلبة، إلا أن آباء طلبة استعادوا مقاعدهم الدراسية، مستمرين بالدخول إلى منصة «تيمز» لمعرفة ما يدور في الحصة خلال اليوم الدراسي.
ولفت إلى أن التصرف «قد يكون صادراً عن نيّة طيّبة، وهي معرفة الدروس التي تعطى للطالب خلال اليوم الدراسي، من أجل مراجعتها، وحل الواجبات الخاصة بها، إلا أن مسؤولية ولي الأمر تبدأ بعد انتهاء اليوم الدراسي، وعلى ذوي الطالب أن يعطوا المعلم الثقة كاملة، دون مراقبته أو تصيد أخطائه».
صعوبة المناهج
وقال تربويون ل «الخليج» إن تدخل آباء الطلبة أثناء الحصص الدراسية، ومناقشة المعلمين والمعلمات بشأن أدائهم، وصعوبة المناهج الدراسية، والمشكلات التقنية التي تحدث أثناء الحصص الافتراضية خلال التعليم عن بعد مرفوض، لأنه يربك المعلمين المعلمات، وينال من وقت الحصص الدراسية على حساب الطلبة، مؤكدين أن الجهة المخولة مراقبة المعلم أثناء الحصص الدراسية هي إدارة المدرسة، وفق بنود وأسس تخص الجانب التربوي والتعليمي لدى وزارة التربية.
دور المعلم
وأكد علي سيف حميد الجنيد، أن «وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي اختارتا المعلمين بعناية، وتم اختبارهم واختيار الكفء منهم لهذه المهنة، وعلى ولي الأمر أن يعطي المعلم الصلاحية التامة، والثقة العالية، فلا يصح أن يكون هناك قبطانان لسفينة واحدة».
وأشار إلى أن «الطلبة في مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية، صغار في السن، وليس لديهم الإدراك الكامل لتصرفاتهم، ولابد أن تصدر منهم أخطاء، وهنا سيأتي دور المعلم في تعليمه وتوجيهه بطرق تربوية معتمدة، ومراقبة من إدارة المدرسة»، مؤكداً أن «التعليم الهجين الذي فرضته جائحة كورونا لا يمشي بخط سير ثابت، وعلى ولي الأمر أن يكون أكثر مرونة مع النظام التعليمي والمعلم، خصوصاً أن التحديات التي تواجه هذه الأجيال مختلفة عن تحديات جيلنا».
ويتفق الخبير التربوي يوسف الحوسني مع ماسبق ويضيف إليه: «إن مراقبة ولي الأمر أبناءه أثناء الحصص الدراسية الافتراضية سلوك غير صحيح، لأن ولي الأمر قد يحكم على المواقف التي تحدث أثناء الحصص دون علم ودراية بالأسس التعليمية والتربوية المتبعة، لافتا إلى أن«الجهة المخولة مراقبة المعلم أثناء الحصص الدراسية هي إدارة المدرسة، وفق بنود وأسس تخص الجانب التربوي والتعليمي لدى وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي».
تحمّل المسؤولية
أما الخبير التربوي مانع النعيمي، يرى أن مشاركة وتدخل أولياء الأمور في الحصص الافتراضية تحدث مشاكل في سير العملية التعليمية، حيث يشكو بعض المعلمين والمعلمات من دخول بعض أولياء الأمور عليهم أثناء الحصة خاصة في منصة «تيمز» مما يجعل المعلمين تحت ضغط نفسي كبير.
وقال:« رسالتنا لأولياء الأمور: تعاونوا مع المعلم بتوفير الهدوء التام أثناء شرح الدرس ليحصل أولادكم على فائدة أكبر،علموا أولادكم الثقة بالنفس والحديث عما يزعجهم بالحصة لمعلميهم».
وتابع: كيف سيكون لديكم أولاد أقوياء الشخصية وهم ينظرون لكم وأنتم تقاطعون دروسهم وتتحدثون عنه في حصتهم، شجعوا أولادكم على الالتزام وتحمّل المسؤولية وحلّ الواجب بأنفسهم، اغرسوا فيهم روح المرونة وكيفية التعايش مع الظروف الفجائية، اغرسوا فيهم حب الاستطلاع وشغف التفكير والبحث عن الحلول بدلاً من التذمر من الصعاب، تعاونوا مع المعلمين لأنكم المشرفون الآن على تعليم أولادكم».
