التوازن يبدأ بالسؤال

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

فكرة التوازن بين الحياة والعمل ليست جديدة، فقد ولدت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث سعى جيل طفرة المواليد (الأربعينات) إلى تحقيق التوازن بين جوانب الحياة المختلفة، وهي التجارب التي شجعت قادة الموارد البشرية على إعادة تقييم هذا المصطلح، خصوصاً مع اهتمام الأجيال الجديدة بإيجاد مسار وظيفي يدعم أسلوب الحياة، ليتحول التركيز على تحقيق التكامل بين الحياة والعمل، بعيداً عن الضغوطات التي قد يفرضها السعي غير الواقعي لتحقيق «التوازن».
أحد الأمور التي أدرجتها منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض في 2022، هو الإجهاد النفسي الوظيفي، محصلة للمعاملة غير العادلة في بيئة العمل وضغوط العمل، عدم وضوح طبيعة الدور الذي يضطلع به الموظف، أو عدم الحصول على التشجيع الكافي أو ضغوط العمل، وفق أطر زمنية غير واقعية. وهناك ثلاثة أمور تستوجب التدخل المباشر من المؤسسة وهي: استنزاف الطاقة الجسدية والذهنية، النظرة السلبية والسوداوية لبيئة العمل، وفقدان متعة التعامل مع الآخرين.
على النقيض، فإن تلبية توقعات الموظفين فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين الحياة والعمل، من خلال تطبيق أنظمة الساعات المرنة والعمل عن بعد، قد تكون لها عواقب أخرى تتمثل في: ضبابية الحدود بين وقت العمل ووقت الأسرة، سهولة الوصول عبر الأجهزة الذكية تحد الخصوصية والحرية، المرونة قد تعني بالنسبة للبعض انخفاض الالتزام بالعمل ما يعني تراجع الأداء المهني.
ربما من أهم النقاط التي يجب أن يلتفت لها المدراء، هي أن أي حالة تراجع وظيفي عند الموظف هي نتيجة تراكمات، مهم الانتباه لها ومعالجتها من خلال التركيز على العلاقة التعاملية بين الموظف والمسؤول، وتقديم الدعم الفردي والجماعي. كذلك حلول مثل اللوائح الواضحة للعمل المرن والعمل من المنزل، السياسات الصديقة للحياة الأسرية، أنظمة التقدير وأنظمة تعزيز الأمان النفسي في بيئة العمل، بالإضافة إلى الالتفات إلى الفروقات بين الأجيال وسماتهم المختلفة، التي تتطلب نظرة جديدة لطرق قياس الأثر وتقييم الأداء الوظيفي.
كل ما سبق ذكره قد يكون عصياً على التطبيق في مجتمعاتنا العربية، حيث تغيب الحقائق وتكثر الظنون والفرضيات، من خلال الملاحظات العامة والخبرات الجماعية في قطاعات معينة مثل التعليم، على سبيل المثال. لذا فمن أبرز الأسئلة التي يجب أن نجد إجابات شافية لها بناء على الدراسات العلمية الجادة، هي: كم عدد ساعات الإنتاجية التي نحتاج لتطبيقها بما يحقق أهداف المؤسسات المختلفة؟ هل يتعرض العاملون في قطاعات دون غيرها لخطر الاحتراق الوظيفي؟ كيف ستتأثر أنظمة العمل مع دخول التكنولوجيا والأجيال الجديدة لأسواق العمل؟ ما هي الطرق الأفضل للحكم على أداء الموظف وإنتاجيته؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"