رسائل كيم

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

أياً يكن الموقف من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، إلا أنه يجيد لعبة التحدي واستغلال اللحظة الدولية لتوجيه رسائل في أكثر من اتجاه، ليؤكد أن تجاهله أمر صعب، وأن بلاده قوية بما يكفي، وأن على الآخرين أن يتعاملوا معه من موقع من يستطيع من خلاله أن يفرض شروطه.

 اللافت أن كوريا الشمالية أجرت خلال الشهر المنصرم أكبر عملية إطلاق صواريخ منذ عام 2017 مختلفة القوة والمدى، إذ قامت بسبع تجارب صاروخية باليستية، آخرها يوم 30 يناير /كانون الثاني الماضي بإطلاق مقذوف «غير محدد» سقط في بحر اليابان، وقبله إطلاق صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت بخمس مرات.

 من الطبيعي أن تكون لعملية الإطلاق المحمومة هذه أهدافها، رغم أنها تنتهك القرارات الدولية المفروضة على بيونج يانج بحظر تجارب الصواريخ الباليستية والتجارب النووية، خصوصاً أنها تجري في ظل انشغال العالم بالصراع الدولي القائم بين كل من روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة والدول الغربية من حهة ثانية.

 يريد كيم الذي تعهد بتقوية دفاعات بلاده، بإطلاق هذ الكم من الصواريخ أن يتحدى تجاهل إدارة الرئيس بايدن له وترفض حتى الساعة الجلوس معه، على عكس الرئيس السابق دونالد ترامب الذي عقد معه ثلاث قمم، ليقول لواشنطن إنه موجود، وتجاهله له تكلفة.

 وكان كيم أعلن في عام 2018 وقفاً اختيارياً لاختبارات الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، لكنه بعد فشل اجتماعاته مع ترامب عاد في عام 2019 ليعلن عدم التزامه بذلك، بل إن حزب العمال الحاكم كان قد أعطى توجيهات قبل أشهر «للنظر بشكل فوري في مسألة إعادة تشغيل جميع الأنشطة التي تم تعليقها بشكل مؤقت»، فيما يرجح أنه إشارة إلى استئناف التجارب النووية أيضاً.

 هذه التجارب تحمل رسائل متعددة الاتجاهات، أولها إلى الولايات المتحدة للضغط عليها من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، علاوة على الحاجة إلى اختبار منتجاتها من الأسلحة الحديثة لمعرفة قدراتها العملية، وثانيها إلى جارتها كوريا الجنوبية التي تستعد لانتخابات رئاسية يوم التاسع من شهر مارس /آذار المقبل، لتحذير الرئيس المقبل من اتباع سياسة مجابهة معها، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم مرشح حزب «قوة الشعب» المعارض، اليميني يون سوك يول على منافسه الأقوى مرشح الحزب الديمقراطي الحاكم لي جيه كيونج.

 كما أن إطلاق هذه الصواريخ رسالة إلى مجلس الأمن الذي يفرض عقوبات على بيونج يانج، مفادها أن هذه العقوبات لن تؤثر في عزمها على مواصلة تعزيز قدراتها طالما أنه يتم تجاهل مطالبها برفعها.

 لعل الصين لا تكون راضية عن هذه التجارب، لكنها تغض الطرف عنها طالما أنها «لم تتجاوز خطوط الصين الحمراء»، وطالما هي تشكل عنصر ضغط على الولايات المتحدة التي تخوض معها حرباً كونية اقتصادية وسياسية وتقنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"