قبل نهاية تطوير المناهج

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

هل بقي من مجال لأفكار متواضعة قد تكون مفيدة في تطوير مناهج العربية في الإمارات؟ إذا كان المشرفون على التطوير قد فرغوا من أداء الأمانة، فإن الآراء تظل لها قيمتها، إن كانت قيّمة، لأن نمط المقرر الثابت على مدى سنوات صار في خبر كان، فلا بديل من أن تكون المناهج مرنة قابلة للتعديل والتنقيح في كل آن وعلى الدوام.
قال القلم: إن الكاريكاتير أقدر على تصوير مصاب العرب في العربية أو مصاب العربية في العرب. تخيّل أن يجعلوك ست عشرة سنة تدرس جميع مستويات العزف على البيانو، نظريّاً، من دون أن تضع ولو لحظة أناملك على أصابع الآلة. جانب من دروس العربية يصبّ في قواعد النحو والصرف، فيظل الدارس يتجنّب الوقوع في حفر الأخطاء، ويحكم على الشيء بأنه غلط إذا لم يكن متوافقاً والقاعدة، من دون أن يشقوا له طريق الوقوع في غرامها. كأنها حركة المرور يخشى غرامات مخالفاتها.
إنها الخطيئة الأدهى في تربية الإحساس بجمال اللغة، لأن الطالب بعد سنوات من مراكمة كراكيب النحو والصرف، سيراها تفتتت وتلاشت وأودى بها النسيان، لثقل دمها وعسر هضمها، وتعقيد صياغتها، ولا يكون قد رأى للعربية بهاء طلعتها، أو خفق قلبه لسنى جمالها، لم يشعر يوماً بأنها هي هو، لم يهف إليها، لم يناجها، ولا هي باحت له بمكنون أسرارها وكنه مهجتها.
كارثة تربوية أن نجعل الدارس يعتقد أن مهمّة مقرّر العربية، هي أن يتعلم الكتابة من دون ارتكاب أخطاء. يا لها من غاية في الدرك الأسفل. الخيبة أن هذا الهدف الزهيد لا يتحقق بعد سنوات الابتدائية والإعدادية والثانوية، إلاّ لقلة قليلة بنسبة ضئيلة. المهارات العالية، والأساليب الراقية، تحتاج إلى تدريب مديد، فأين التأهيل الطويل في مرابع الإحساس بجمال اللغة؟
لم يفت الأوان. على واضعي المناهج أن يجروا دراسة ميدانية معمّقة، على ألف طالبة وطالب في الأقل، من زوايا متعددة، للإلمام بالواقع وإدراك ضرورات المستقبل. في غير هذه الحالة، معذرة، لن يكون لتطوير مناهج العربية معنى أو جدوى.
لزوم ما يلزم: النتيجة الضرورية: خطة التطوير يجب أن تستفيد إلى أبعد الحدود من وجود مجمع اللغة العربية في الشارقة، فحدائق المشورة قطوفها دانية.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"