أين العرب؟

01:16 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في خضم الصراع الحالي بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي من جهة أخرى، وما يمكن أن يكون له من تداعيات جيوسياسية مهمة على مستوى العالم، ومن بينها منطقة الشرق الأوسط، وفي قلبها المنطقة العربية، يبدو أن الدول العربية، كما هو حالها في الأزمات الكبرى، تقف موقف المتفرج أو المراقب بانتظار ما تحمله نتائج هذا الصراع، من دون أن يكون لها موقف كي لا تكون ضحية من بين الضحايا.
شواهد التاريخ الماثلة أمامنا تؤكد أنه في نهاية كل صراع بين الكبار، كانت منطقتنا العربية تدفع ثمناً باهظاً من سيادتها وجغرافيتها، من خلال تقاسم النفوذ وتقسيم الكعكة.
كان ذلك بعد الحرب العالمية الأولى من خلال معاهدة «سايكس بيكو» التي قسمت الدول العربية، ووضعتها تحت الانتدابين البريطاني والفرنسي، وكان وعد بلفور إحدى ثمرات هذا التقسيم الذي وهب فلسطين لليهود ثمناً لما تعرضوا له من أذى وتمييز واضطهاد في أوروبا.
وبعد الحرب العالمية الأولى خاضت العديد من الدول العربية نضالات مريرة ضد الاستعمارين الفرنسي والبريطاني، ودفعت آلاف الشهداء ثمناً لاستقلالها، ومع ذلك ظلت هدفاً للمؤامرات والاعتداءات بهدف استنزاف قدراتها والحؤول دون تحقيق وحدتها أو ما تحتاج إليه من تنمية وامتلاك لوسائل القوة، لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجهها.
وبعد سقوط القطبية الثنائية مع تفكك الاتحاد السوفييتي، تربعت الولايات المتحدة على قمة النظام الدولي، حيث تعرضت منطقتنا العربية لأعتى موجة من التخريب والإرهاب من خلال ما سمي ب«الفوضى الخلاقة»، حيث تعرض العراق لاحتلال أمريكي أنتج إرهاباً تكفيرياً مدمراً، ضرب أكثر من بلد عربي ولا يزال، وأدى إلى ما أدى إليه من تطرف وخراب وتدمير وتهجير وتقسيم.
كانت منطقتنا العربية على مر التاريخ هدفاً لكل مستعمر وطامع؛ لأنها تقع في قلب العالم، وفيها ومن حولها أهم البحار والممرات البحرية التي تؤمن للعالم شرايين الاقتصاد والتجارة، عدا عن امتلاكها لثروات الطاقة التي يسيل لعاب العالم عليها، وأيضاً هي أرض الأنبياء والرسل والرسالات السماوية التي كانت ذريعة لغزوات الفرنجة التي استهدفت أرضنا.
إننا على أعتاب مخاض نظام دولي جديد سينبثق من الصراع الحالي، أكان سلماً أو حرباً، والمنطقة العربية نظراً لأهميتها الجيوسياسية التي أشرنا إليها، لن تكون بمعزل عن تداعيات هذا الصراع ونتائجه؛ بل قد تكون من أكثر المناطق تأثراً.
وهنا نسأل: هل يدرك العرب ذلك؟ وهل أعدّوا العدة وما يلزم من وسائل حماية وردع كي لا يدفعوا أي ثمن؟
واقع الحال يقول إنهم مع الأسف لا يمتلكون القرار ولا الموقف، وما زالوا قيد خلافات حتى في قضايا ثنائية، ولا يستطيعون تأكيد موعد قمة من المفروض أن تكون حاسمة في مثل هذه الأوضاع الدولية الحبلى بالمتغيرات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"