عادي
تقاوم الإحباطات والخلافات والتجارب الصعبة

الرفقة أولاً.. أوقات جميلة وعلامات حذر

23:55 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: زكية كردي
سواء كنت تنوي حضور حفل موسيقي، أو الخروج في نزهة، أو كنت تنوي أن تقيم حفلاً لمناسبة خاصة، أو حتى السفر، أنت تبحث عن الرفقة، تبحث عن أولئك الأقران الذين يمنحون أوقاتك سحرها الخاص بوجودهم، أولئك الذين عرفتهم لسنوات طويلة وبنيت معهم الكثير من الخطوط المشتركة في الحياة، إلا أن إيجاد هذه الرفقة الطيبة والحفاظ عليها لسنوات طويلة يبدو معادلة شاقة وشائكة بالنسبة للكثيرين في عالمنا المتسارع اليوم، فمعظم الناس يشكون الوحدة في حياة تضج بالعلاقات، ومعظم الناس يغصّون وهم يتحدثون عن الصداقة متوقفين أمام الكثير من علامات الحذر التي تركتها التجارب المحبطة ربما، كما نقرأ هنا..

لا أحد يستطيع العيش دون أصدقاء، حتى وجود العائلة والأبناء لا يغني عن الأصدقاء، حسب روز عبدالحميد، ربة منزل، وتقول: نحتاج إلى الرفقة، وخاصة الذين نكون على طبيعتنا معهم ونشعر بأننا غير مقيدين، والذين تربطنا بهم الكثير من العادات والذكريات على مر السنين، الذين يرتقون إلى مكانة الأهل وتتماهى الحدود بيننا وبينهم، وتصبح متع الحياة مقرونة بوجودهم، وبالطبع تختلف حاجتنا للأصدقاء عن حاجتنا للأهل، إلا أنهم في بعد الأهل يمكنهم أن يكونوا أهلنا وإخوتنا، وتذكر أن الأوقات الصعبة التي مرت بها تحديداً ووجدت أصدقاءها إلى جوارها تجعلها تشعر بعمق بنعمة وجودهم في حياتها.

يوافقها الرأي محمد الصالح، تاجر، فيما يتعلق بضرورة وجود الرفقة في حياتنا، لكنه يصّر على الانتقائية، ويقول: بعض الناس يتسرعون في التقرب من الآخرين وتجدهم محاطين بشبكة كبيرة من العلاقات السطحية، التي تفتقر إلى الصدق والديمومة، والبعض الآخر يضعون السدود حولهم حفاظاً على حدودهم الشخصية نتيجة عدم ثقتهم بالآخرين، وهذا لكون العلاقات الإنسانية شائكة ومعقدة، إلا أن الإنسان بحاجة للتواصل فهو كائن اجتماعي بطبيعته، لهذا من الجميل أن نتعلم التمييز والاعتدال، وأن نعلم أبناءنا هذا أيضاً.

وتعتقد فاطمة مطر، مديرة مركز تجميل، أن وجود الأصدقاء ضروري في حياتنا، وهو من أعظم نعم الحياة، حتى وإن حصلت الخلافات وتقاطعت الظروف، هذا الأمر طبيعي ومتوقع وصحي، فنحن نبحث لأبنائنا عن أقران منذ سنواتهم الأولى لأننا ندرك لديهم هذه الحاجة التي نعجز نحن الكبار عن سدها، فكل إنسان بحاجة إلى أن يكون لديه أقران يلتقون معه بسمات مشتركة بحيث يكون قادراً على الاستمتاع بحياته معهم، وتضيف: إذا تأملنا في معظم أوقاتنا المميزة ومناسباتنا ولحظاتنا الأهم سوف نجد أن وجود الأصدقاء هو ما يمنحها جماليتها، وهذا مختلف عن وجود العائلة، فالعلاقة مع الصديق غالباً ما تكون أكثر أريحية وانسجاماً وحرية، ولا يجب أن تعمينا الخلافات والإحباطات عن هذه الحقيقة.

الحفاظ على العلاقات

المشكلة في الحفاظ على العلاقات تكمن حسب منيرة كاظم، ربة منزل، في أن الناس نوعان، أحدهما معتاد على العطاء والاهتمام بالآخرين، ونوع أناني معتاد على الأخذ فقط، وهذا ما يشكل مأزقاً نفسياً بالنسبة للنوع الأول، فالجميع ينجذب لهذا النوع الطيب الخدوم المعطاء، إلا أنه نادراً ما يجد التقدير الذي يستحقه، بل على العكس فسرعان ما سيجد أنه عرضة للاستغلال، ومطالب دوماً بتقديم الخدمات التي اعتاد من حوله عليها، وهذا ما يجعل البعض يتوقفون كثيراً للتساؤل عن كون هذه العلاقات التي تقوم على استنزافهم صحية حقاً، وتذكر أن التربية ربما تلعب دوراً كبيراً في اندفاعنا في خدمة الآخرين، في حين أن هؤلاء الآخرين يربوننا من جديد ويجعلونا نعيد حساباتنا في كل مرة نقرر فيها تقريب أحدهم إلى حياتنا.

وتعتبر ميساء سواس، معلمة متقاعدة، أن الحساسية المفرطة هي السبب الرئيسي في دمار الكثير من العلاقات، وتقول: الناس اليوم أصبحوا متسرعين في أحكامهم على الآخرين، وبسبب الضغط النفسي الذي تتركه طبيعة الحياة المتسارعة ترى أن معظمهم مستعد مسبقاً لتوقع الأسوأ، أو لإسقاط الأحكام المجحفة في حق الآخر، وكأن الجميع مجهز مسبقاً للتخلي، وهذا ما يعزز انتشار الشعور بالوحدة لدى الناس، كثرة المحاسبة والاعتبارات وسوء الظن، وتذكر أن المجتمع في الماضي كان أكثر بساطة ووضوحاً، وهذا ربما يعود إلى بساطة الناس أنفسهم واتسامهم بالصدق، فالعداوة واضحة كما هي المحبة، والخلافات تجد بسرعة من يتوسط لحلها.

ويؤكد حسام أشرفي، صاحب محل ألبسة، أن طبيعة البشر لا يمكن أن تتغير، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية، لكننا عندما ننظر إلى الماضي اعتدنا أن ننزع عنه الشوائب وننقيه ليبدو دافئاً وجميلاً. ويقول: منذ الطفولة نلاحظ أن هناك أشخاصاً اجتماعيين قادرين على جذب الآخرين حولهم بكل بساطة، وهناك أشخاص انطوائيون يتجنبون الخوض في العلاقات مع الآخرين، بالنهاية كل إنسان ولد بطبيعة تخصه وهو يتصرف تبعاً لتركيبته النفسية، ويكون علاقات محدودة أو عميقة حسب متطلباته، ويضيف بأن الجميع يشكو من الربط ما بين المصالح والعلاقات وهذه الشكوى ساذجة جداً وعادة ما يطلقها الفاشلون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"