عادي

انتقام الغيرة

23:41 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة

كتبت: آية الديب

الثقة هي الجسر الأساسي ولا بدّ من وجودها للتواصل واستمرار العلاقات؛ فالقليل من الغيرة يلهب مشاعر الحب، إلّا أن المبالغة فيها إلى حد الشك، يخنق تلك المشاعر، ويؤدي إلى تشوش العقل، وتدمير العلاقة بين الأزواج، فمتى سيطرت مشاعر الغيرة تخرج الحقائق عن السيطرة.

اشتعلت نار الغيرة بين زوجين، وكانت الزوجة دائمة البكاء للشعور بها، وتسللت مشاعر الشك إلى قلبها، ولاسيما أن زوجها دائم السفر إلى إحدى الدول العربية للعمل هناك، وكثيراً ما يطيل مكوثه فيها خلال سفراته، فضلاً عن عدم تواصله معها ومع أبنائهما خلال السفر، بداعي الانشغال في العمل. فدفعتها غيرتها إلى تتبّعه ومراقبة هاتفه طوال الوقت، وهو ما لاقى الرفض من الزوج وتعددت مشاكلهما.

في البداية تدخل ذووهما لحل هذه المشكلات، حفاظاً على كيان الأسرة وحماية للأبناء من التشتّت الذهني والعاطفي، وما تكاد الزوجة تهدأ، حتى تتكرر مواقف مع زوجها تشعل نار الغيرة في قلبها مجدداً، فكان يستقبل على هاتفه مكالمات كثيرة من شركاء وعملاء له، وأغلبهنّ نساء، وطريقته في الرد والتودد إليهم كانت تثير مشاعر الخوف والشك داخلها، أما هو دائماً ما كان يؤكد أن أسلوبه هذا هو سبب نجاحه في عمله الاستثماري وأن عدم ثقتها به سبب الخلافات الواقعة بينهما.

مع استمرار الوضع ضاق صدرهما، وانتهى بهما الأمر إلى الطلاق الذي دفع ثمنه أبناؤهما، وبعدها لم يتزوج الزوج وحاولت الزوجة التفرغ والانتباه لتربية أبنائها، إلا أنها استمرت حتى بعد الانفصال في تتبع خطواته ومراقبة حساباته على مواقع التواصل، وزاد عدد المعجبات به بعد وقوع الطلاق بينهما.

شعرت الزوجة وكأنها هي من تحزن وتأسى فقط، لما انتهت إليه علاقتهما، وعلى الوضع الذي أصبح فيه أبناؤهما، وأن طليقها سعيد بحياته الجديدة التي تحرر فيها من قيود الحياة الزوجية والرتابة والمسؤوليات، فقررت رفع دعوى قضائية عليه، لتنتقم لسنوات عمرها التي ضيعتها معه.

وطلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها 100 ألف درهم و135 ألف درهم أخرى تعويضاً عن الأضرار التي أصابتها، وأشارت في دعواها إلى أنها كانت زوجته بموجب عقد الزواج الشرعي، قبل طلاقهما، وأنه تسلّم منها 100 ألف درهم لاستثمارها في مدينة في إحدى الدول، وعند مطالبتها له بالمبلغ والأرباح امتنع عن سدادها.

وفي المقابل رفع الرجل دعوى طلب إلزام مطلقته بأن تؤدي له 300 ألف درهم، وأوضح فيها أن هذا المبلغ قيمة قرض كانت قد حصلت عليه مطلقته منه، وأنه أودعه في حسابها البنكي.. فيما أنكرت مطلقته هذا القرض، وأكدت أن هذا التحويل كان نفقة زوجية ومصاريف واحتياجات منزلية، إضافة إلى رسوم تعليم، ومتطلبات لمدارس الأبناء وفواتير للماء والكهرباء، ورسوم لإيجار وأثاث المنزل.

وطلبت توجيه اليمين الحاسمة لطليقها، فحلفها وفقاً للصيغة التي حددتها المحكمة، مؤكداً أنه لم يحصل منها على أيه أموال. وقضت المحكمة في النهاية برفض الدعويين، وأكدت في حيثيات الحكم أن اليمين الحاسمة تحسم النزاع في المسائل التي انصبت عليها اليمين، ومن ثم فإنه بعد حلف الرجل لليمين الحاسمة، يكون النزاع قد حسم بعدم انشغال ذمته بهذا المبلغ للمدعية، فضلاً عن أرباحه.

وأكدت كذلك أن التحويل المصرفي لا يعدّ دليلاً كافياً لإثبات المديونية، لاحتمال أن يكون التصرف الصادر لمصلحة المدعى عليها، لا يحمل على محمل الالتزام مدة قيام العلاقة الزوجية بينهما، وأن أوراق الدعوى خلت مما يساند طلبه ل 300 ألف درهم سوى أقواله المرسلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"