عادي

«كورونا».. ضيف ثقيل

00:50 صباحا
قراءة 4 دقائق
أطفال أمريكيون صحبة ذويهم يصطفون لإجراء فحوص كورونا في مدرسة ابتدائية شمال غربي العاصمة واشنطن(أ.ب)
3232

كتب - بنيمين زرزور:

باتت متابعة أخبار الوباء، كل صباح، عادة متأصلة في سلوك المتفائلين والمتشائمين، على حد سواء، في ما يتعلق بالخلاص منه، ولا يزال السؤال الأهم: إلى متى تستمر القيود، وهل يعجز العالم بإمكاناته المالية وخبراته الأكاديمية وتقنياته المتطورة، عن الفكاك من هذا الكابوس؟

تنذر الأرقام والإحصاءات التي نطالعها يومياً، بخطورة بالغة تلوح في أفق كل من يتهاون في المواجهة بعد أن تجاوز عدد الإصابات 369 مليون حالة على مستوى العالم، قضى منهم ما يقرب من ستة ملايين شخص نحبهم، وشفي أكثر من 288 مليون مصاب. بينما عانت بعض الدول التي تراخت في إجراءات المواجهة، انتكاسات كانت عبرة لغيرها.

ولا يزال هناك من يدعو إلى تشديد القيود لمواجهة المتحورات الجديدة التي تطل برأسها بين الحين والآخر، والتي شكلت امتداداً للأزمة وتكريساً للمعاناة، فضلاً عن التقارير البحثية التي تنقل العالم من الأمل إلى التوتر المبرر يومياً. فقد زادت شحنة التفاؤل بالخلاص بعد «أوميكرون»، المتحور الأحدث في السلسلة، حتى إن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، تجرأ وأعلن نهاية الوباء هذا العام.

لكن هذا لا يعني أن السحابة ستنجلي قريباً، إذ يمكن لبعض المتحورات الجديدة أن تقلب حسابات الجميع تماماً كما فعلت «دلتا»، و«أوميكرون»، وحتى «كورونا» النسخة الأساسية منها، لن يغيب كلياً وسيظل مصدر تهديد للكثيرين.

إلا أن دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكي، خلصت إلى نتائج مغايرة تماماً لما كان مسلّماً به قبل متحور «دلتا»، وقالت الدراسة إن هناك دليلاً على أن اللقاحات تحمي بشكل أفضل من حالات «أوميكرون» الحادة، مقارنة بالعدوى السابقة. لكن من الواضح أن كلاهما يمنح مناعة كبيرة.

وثبت أن اللقاحات التي تم تطويرها حتى الآن، رغم أنها أقل فاعلية في منع انتقال العدوى مع كل متغير جديد، كانت فعالة بشكل مذهل في الوقاية من الإصابات الشديدة التي قد تؤدي إلى الوفاة. وبحسب تقديرات صندوق الكومنولث، فقد أنقذت 1.1 مليون شخص في الولايات المتحدة حتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

في قارب واحد

وسيكون الحصول على التعزيزات واللقاحات المحدثة في جعبة الباحثين أمراً حاسماً لتقليل حصيلة وفيات «كورونا»، حيث تتزايد المناعة مع اللقاحات السابقة. وإذا توصل العلماء إلى لقاح فعال ضد أنماط الفيروسات التاجية يوقف انتشارها تماماً، فربما يمكننا دفع «كورونا» من فيروس مستوطن إلى عابر.

وفي أحدث التطورات على صعيد اللقاحات، أعلنت شركة «ميرك أند كو» عن الشروع في إجراء دراسات مخبرية على عقار جديد اسمه «مولنوبير»، قد يكون أشد فاعلية في مقاومة المتحور الأخير «أوميكرون» سريع الانتشار.

وفي حين أن محاولة إقناع الناس بالتطعيم يجب أن تظل أولوية، فإن عزل الأقلية غير الملقحة لا يجدي نفعاً. لقد وصلنا عبر طرق مختلفة إلى أننا جميعاً في القارب نفسه، إلى حد ما، في الوقت الحالي.

لكن هناك من يصر على أنه حتى بعد انخفاض الإصابات عن مستوياتها القياسية الحالية، فمن غير المرجح أن تتمكن الولايات المتحدة - ومعها العالم - من القضاء تماماً على فيروس كورونا الذي يسببها. ولن يأتي يوم ليس فيه وباء، بل حالات تحت السيطرة، ولن تكون المستشفيات في خطر كبير لاكتظاظها بالمرضى.

ومع التغيير في أنماط التحور نرى الآن انتقالاً أكثر شمولاً وانتشاراً على مستوى العالم. وهذا يجعل إعلان نهاية الوباء أكثر صعوبة، لأن نمط الانتشار بالكامل قد تغير، وربما لا تزال هناك جيوب لم تمر بنوع الموجات التي مرت بها بقية العالم. وبينما تتحدث الحكومات عن معززات اللقاحات، فقد حان الوقت للتعامل مع استيطان الفيروس الذي يعني أن المرض منتشر في أوساط السكان ولكنه لا يؤثر في عدد كبير منهم بشكل مثير للقلق، كما هو الحال عادة في الجائحة.

فيروس مستوطن

وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية، قبل أيام، إنه يجب على العالم أن يقبل بحقيقة أن فيروس كورونا سيكون موجوداً معنا في المستقبل المنظور، حتى لو كان من الممكن إنهاء مرحلة الجائحة الحادة هذا العام.

وحتى في أوائل عام 2020، عندما كان الوباء في بداية تفشيه الخطير، توقع المسؤولون في منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا الجديد قد يصبح فيروساً مستوطناً آخر في مجتمعاتنا، ولن يختفي أبداً.

ويقول الدكتور أنتوني فوتشي مستشار الرئيس بايدن الصحي إن: «ما نأمل في الوصول إليه هو مستوى منخفض من انتشار الفيروس بحيث أنه حتى لو لم يتم القضاء عليه تماماً، لن يكون له تأثير كبير في الصحة العامة أو في الطريقة التي ندير بها حياتنا».

وبغض النظر عن الآراء التي تطمئن أو تزيد من مخاوف وقلق الناس، فقد انقسم العالم على الصعيدين، الرسمي والشعبي، حول التعامل مع الوباء وقيوده وآفاق الخلاص منه.

ودعت عدد من الدول إلى رفع القيود كلياً، كما في بريطانيا التي باشرت عملياً التخلي عن فرض الكمامات وقوانين التباعد الاجتماعي، أو جزئياً كما في النمسا وفرنسا اللتين تستعدان لدخول مرحلة جديدة من التعامل مع الوباء باعتباره يحمل مخاطر لا تثير القلق، أو تستدعي كل ذلك الاستنفار.

على الطرف الآخر، لا تزال دول أخرى تعلن عن موجات تفشّ متتالية يتخللها ارتفاع في أعداد المصابين يومياً، كما هو الحال في روسيا التي سجلت، الأسبوع الماضي، قفزة غير مسبوقة في عدد الإصابات بلغت 113122 إصابة في يوم واحد، وإندونيسيا التي سجلت 11588 إصابة في يوم واحد، وهي الأعلى منذ أغسطس/ آب.

ومنذ منتصف الشهر الجاري، فرضت أوتاوا وواشنطن إلزامية تلقي التطعيم الكامل ضد كورونا على سائقي الشاحنات الذين يعبرون الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، وهي الأطول في العالم، وتبلغ نحو 9 آلاف كيلومتر. وندد بعض سائقي الشاحنات بهذا الإجراء، وأيّدهم في موقفهم هذا الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"