عادي
توليفة من أفلام وقصص سابقة

«معاملة ملكية».. أكثر من السذاجة

00:03 صباحا
قراءة 5 دقائق
1

مارلين سلوم
«السذاجة المحببة» هي تلك التركيبة الدرامية الرومانسية العائلية التي ندرك جيداً مدى بُعدها عن الحقيقة، وتحليقها في عالم الأحلام الطفولي والقصص الخيالية الوردية، ورغم ذلك، نُقبل على مشاهدتها لمجرد منح أنفسنا مساحة من الاستراحة الفكرية والنفسية، والاستمتاع ببعض المشاهد الجميلة والعلاقات الإنسانية، ونحن نعلم جيداً ومسبقاً أن النهاية لا بد أن تكون «سعيدة». تماماً وكأننا نهرب من تراكم الأعباء والهموم ومشاكل الحياة، إلى عالم طفولي جميل، لكن بعض المنتجين يستسهلون لدرجة أنهم يجمعون أي توليفة من أفلام وقصص سابقة، ليصنعوا فيلماً أكثر سذاجة من السذاجة نفسها، فيبدو تافهاً، يستجمع سحر الحكايات الخيالية ولقطات من أفلام معروفة، فيصير فيلماً على غرار «معاملة ملكيّة»، أو «ذا رويال تريتمنت» الذي أطلقته «نتفليكس».

الأجيال الجديدة لم تعد تؤمن بحكايات الأمير الوسيم والحسناء النائمة، أو اليتيمة وابنة الطبقة المتوسطة أو المعدومة، ورغم ذلك، يستمر إنتاج أفلام عالمية من هذه النوعية بأبطال يحبونهم ويتابعون أعمالهم أياً كانت، فيعيشون معهم ساعتين، أو أقل من الخيال الرومانسي.

لورا مارانو من نجمات «ديزني» المحببة إلى قلوب الشباب والمراهقين، ومينا مسعود تعلق به الجمهور بعد نجاحه الباهر في شخصية «علاء الدين»، والثنائي الشاب قادر على تقديم عمل جيد يجذب مختلف الأعمار، لذلك تحمس الجمهور لفيلمهما الجديد «ذا رويال تريتمنت» منذ انطلاق الدعاية الترويجية له، ولذلك أيضاً تجده من الأعمال الأكثر مشاهدة الآن على منصة «نتفليكس». ويمكنك مشاهدته لتمضية بعض الوقت من دون توقع ما هو أكثر من ذلك، فلا القصة جديدة، ولا المشاهد غير مألوفة، ولا العقدة منطقية، حتى اللقطة الأخيرة لا تفاجئك بمشهد جديد ولقاء مبتكر بين الحبيبين، بل يبدو أن المخرج ريك جاكوبسون استسهل لدرجة أنه استعار من الفيلم الرومانسي الشهير «امرأة جميلة» (1990) لجوليا روبرتس وريتشارد جير مشهد عودة الحبيب ووقوفه تحت شرفتها، وهي على السلم الخلفي للمبنى.

بلا جهد

الكاتبة هولي هيستر المعروفة بكتابتها المسلسلات التلفزيونية الأمريكية، تخوض ثانية تجاربها السينمائية بهذا الفيلم الطويل الذي لم تبذل فيه أي جهد لابتكار مضمون جديد حتى إن كانت ستضعه في القوالب الرومانسية الأسطورية المعروفة نفسها. الجديد الوحيد الذي اعتمدته، هي مهنة البطلة إيزابيلا أو إيزي كما ينادونها (لورا مارانو) مصففة شعر، يتم استدعاؤها عن طريق الخطأ «بواسطة سيري الهاتف النقال» لتسافر من نيويورك إلى «لافينيا» لتقص شعر الأمير الوسيم توماس (مينا مسعود).

إيزي فتاة محبوبة في الحي الشعبي، تحتفظ بروحها الإيطالية المرحة ولكنتها وطيبة قلبها وتوددها ومساعدتها للناس جميعاً، لا تحب تصفيف الشعر ولكنها تضحي من أجل استمرار عمل والدتها في صالونها «بيلليسيمي»، بعد وفاة والدها المفاجئ قبل خمسة أعوام. محيطها الاجتماعي والدتها المتشددة (أماندا بيلينج) وجدتها المحبة للحياة (إليزابيث هوثورن) وصديقتاها العاملتان معها في الصالون، ديستني (تشيلسي بريستون كرايفورد) ولولا (جريس بنتلي تسيبواه).. يطلب منها صديق العائلة تولي إدارة المركز الاجتماعي مكانه لأنه قرر التقاعد، وإذا لم يجد البديل فسيضطر إلى إغلاقه، لكن والدتها ترفض وهي تخاف تحمّل هذه المسؤولية.

في المقابل، وفي جهة بعيدة (لا نعرف تحديداً مكانها على الخريطة) يعيش توماس أمير لافينيا حياة الرفاهية، لا يعرف شيئاً عن شعبه وممنوع عليه دخول الحي الفقير الواقع على الجهة الأخرى من السكك الحديدية، إذ قيل له إنهم متمردون ومجرمون. ولافينيا هي مملكة خيالية تشبه جينوفيا التي سبق أن رأيناها في فيلم «يوميات أميرة»، ومملكة ألدوفيا في فيلم «أمير عيد الميلاد»، ودائماً يأتي الطرف الآخر من نيويورك إلى ما يمكن تسميته بمملكة الأحلام. وككل القصص، مكتوب على الأمير الزواج من فتاة لا يعرفها فقط، لأنها وريثة الثري لورين (فينيكس كونولي) الآتي من تكساس والمفروض أنه هو من سينقذ المملكة من الإفلاس. ويستعد الأمير للزفاف الأسطوري، ويطلب من إيزي أن تتولى تصميم الشعر وماكياج العروس وأهلها، فتحصل على فرصتها الذهبية لإنقاذ عائلتها والصالون من الإفلاس وتحقيق حلمها بالسفر حول العالم.

مغامرات جميلة

تذهب الفتاة مع صديقتيها ديستني ولولا إلى لافينيا، وتبدأ المغامرات الجميلة، وتتطور العلاقة بين الفتاة الشعبية البسيطة والأمير الجاهل لكل شيء، حتى عدد العاملين في حديقة القصر، وهذه النقطة شددت عليها الكاتبة أكثر من مرة كأنها الدليل القاطع على التباعد بين الطبقتين: الأسرة المالكة والعاملين في القصر. في المقابل، نجد الخادم والتر مساعد الأمير ومربيه (كاميرون رودز) ودوداً على عكس ما نرى هذه الشخصية عادة في مثل هذه الأفلام، متجهمة وصارمة وتدافع عن التقاليد بشراسة، بينما والتر هنا يلعب دور الوسيط بين الأمير والبطلة، ويشجعه على كسر التقاليد والخروج معها واكتشاف مدينته، ومن ثم التمسك بحبه وعدم تضييع فرصة السعادة عليه. وربما أرادت الكاتبة هولي هيستر التغيير أيضاً بجعل العروس الأمريكية شقراء جميلة لكنها غير متمسكة بالأمير، بل تنتظر أي فرصة لرفض الزواج منه، ليس حباً برجل آخر، بل لتحقيق حلمها بتأسيس مشروعها التجاري الخاص.

ليس منطقياً أن يكون الأمير الحيوي الشاب الظريف المثقف يخشى عبور السكة الحديد لاكتشاف ما يسمونه حي «أوبر داي جليز»، أو «فوق المسارات»، على الجانب الآخر من المملكة التي يعيش فيها ويحبها، ولولا الفتاة الغريبة لما تجرأ واختلط بالناس البسطاء. ولا الحجة التي اخترعتها المؤلفة منطقية، حيث على الأمير الزواج من ابنة ثري من تكساس لإنقاذ المملكة من إفلاس تسبب به الملك بسبب سوء إدارته المالية والاقتصادية، بينما يرفض إطلاع ابنه الوحيد توماس على أي من الأعمال والشؤون الإدارية دافعاً به نحو المرح والتفاهة باستمرار.

طبيعة خلابة

المخرج جاكوبسون لم يتفنن كثيراً لكنه أضاف للعمل لمسة فنية استعراضية بلوحات راقصة وأغنية جميلة في الحي الشعبي في لافينيا، وتصوير خارجي في طبيعة نيوزيلاندا الخلابة، وألوان مبهجة وأزياء بعيدة عن البهرجة، علماً أن زي الأمير توماس يوم زفافه يعيد إلى ذاكرة الجمهور الزي الذي ظهر به نفس البطل مينا مسعود بشخصية علاء الدين (2019).

مينا مسعود ولورا مارانو شكلا ثنائياً ناجحاً متناغماً في الأداء، هما أجمل ما في الفيلم بعفويتهما ورشاقتهما والبهجة التي تشع من وجهيهما، يشدان الجمهور فيتابع العمل لساعة و36 دقيقة بلا ملل، ومينا يستحق فرصة أقوى للانتقال من أحلام الطفولة وأجواء أساطير «ديزني» والأمير الآتي على صهوة الحصان، ليقدم جوانب أخرى من موهبته، خصوصاً أنه يملك الكاريزما الكافية والكاميرا تحبه كما يقولون، وكذلك الجمهور.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"