عادي
على هامش الحكاية

تعرّف إلى رواية بطلها كلب متشرد

22:46 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

في رواية غريبة العنوان تحمل مضامين اجتماعية وسياسية، يستمتع القراء وهم يتابعون أحداثها، تبرز «قلب كلب» كواحدة من الأعمال الخالدة للكاتب والمسرحي الروسي ميخائيل بولجاكوف (1891 1940)

كتبت الرواية في عام 1925، في ذروة فترة السياسة الاقتصادية الجديدة في الاتحاد السوفييتي عندما بدت الشيوعية في الانحسار والتراجع. ووصفت الرواية التي لم يستطع كاتبها أن ينشرها في بلده إلا في عام 1987 بأنها مثال واضح على الأدب الهجائي الصارخ، فهي تعري التجاوزات والأساليب الخاطئة التي مورست بعد الثورة الروسية.

وبولجاكوف في «قلب كلب» يوجه نقداً لاذعاً للوصوليين الذين يتعلقون بأحبال الثورة تحقيقاً لمصالحهم الشخصية.

امتازت الرواية بأسلوبها الجميل وهي ما زالت إلى اليوم تجذب القراء بمضامينها وما ترمز إليه من محتوى يحاكي ما نعيشه اليوم. فموضوعها ما زال حيوياً ويتكرر في كل عصر وزمان.

ويطوّر بولجاكوف في هذا الرواية ما اعتقد النقاد أنه يحاكي تقاليد الكاتب الروسي الشهير جوجول؛ الأب الروحي للمدرسة الهجائية الروسية، حيث يجمع في الرواية بين عنصرين: الفنتازيا والواقع.

والرواية تصيب القارئ بالفضول، فيصر على متابعة مجرياتها، وهي تتحدث عن كلب متشرد مريض يقوم طبيب مشهور برعايته، لاستخدامه في أحد الجراحات التي يقوم بها في مكتبه. عمليات الدكتور مشبوهة وغريبة نوعاً ما، ولكن الطبيب على عكس ما يبدو عليه، يقوم باستخدام طريقه الإيحاء أو معاملة الكلب بطريقة جيدة، إضافة إلى إطعامه وتسمينه وعدم التعرض له بالإيذاء قياساً إلى ما كان يحدث من خراب داخل عيادة الطبيب، ما جعل باقي العاملين يتعجبون من هذه المعاملة غير المعتادة.

ومنذ البداية جاءت شخصية الطبيب المشهور مغرورة ملأى بالثقة والغضب، لسانه لاذع مملوء بالسخرية لدرجة اختلاط السخرية بالرموز الكثيرة التي يمثلها مرضى الطبيب. ويفكر الطبيب في إطالة عمر الكلب بزراعة غدة نخامية له وأعضاء أخرى، وعلى الرغم من توقع فشل العملية فإن الكلب ينجو. ومع الأيام نفاجأ بأنه بدأ بالنطق، ثم السير، وفي النهاية انتقلت له عدوى السخرية اللاذعة وأصبح يخالط اثنين من أفضل الأطباء الحاصلين على الشهادات، ويجاريهما في الكلام، ولكن ينقلب الوضع عليهما عندما يبدأ الإنسان الكلب في اتخاذ شخصية خاصة سيئة فيفكران في التخلص منه.

لقد كتب عن الرواية مديح هائل عند أجيال عديدة من القراء، فوصفت بأنها رواية مكتوبة بسلاسة وفيها قدر كبير من السحر، إضافة إلى رمزيتها التي كانت سبباً في منعها في الاتحاد السوفييتي لأعوام.

ويتوقف القراء كثيراً عند التجربة اللمية التي يجريها البروفيسور بريوبراجينسكي وهو يقوم بنقل الغدة النخامية من رجل قتل حديثاً إلى دماغ الكلب شاريك، فيحول من خلالها الكلب اللطيف إلى رجل ذي هيئة دميمة، تتحد فيه طباع الكلب الجائع والذليل، مع مواصفات الإنسان المانح (كليم تشوجونكين) مدمن الكحول، وهو من أصحاب السوابق.

وبطبيعة الحال، فإن اختلاف العامل الوراثي بين الكلب والإنسان يؤدي إلى فشل تربية الكلب «شاريك»، كما يعجز البروفيسور بريوبراجينسكي ومساعده بورمنال في تعليمه قواعد السلوك الحسن وتطوير الآداب الإنسانية لديه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"