عادي

الديوان الملكي المغربي: الطفل ريان أُخرج ميتاً من البئر

18:31 مساء
قراءة 4 دقائق

إغران (المغرب) - (أ ف ب)

أخرجت فرق الإسعاف المغربية الطفل ريان ليل السبت ميتاً من البئر التي ظل عالقاً فيها لمدة خمسة أيام، وفق ما أعلن بيان للديوان الملكي، وذلك بعد أن ظلت الجهود المضنية للوصول إليه تشد الأنفاس في المغرب وخارجه مُنذ الأربعاء.

وأفاد البيان بأن العاهل محمد السادس قدّم تعازيه لوالدي الطفل ريان في اتصال هاتفي «بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياته». وصدر البيان بعد أن أخرجته فرق الإسعاف من النفق الذي استغرق حفره أربعة أيام للوصول إليه.

وجرى إخراجه وسط تكبيرات جمهور من المواطنين الذين ظلوا محتشدين حول مكان الحادث، ودعوات «لا إله إلا الله ريان حبيب الله»، في أجواء جنائزية رهيبة تحت أضواء كاشفة.

كان الطفل البالغ خمسة أعوام سقط الثلاثاء، في بئر بجانب بيت العائلة في قرية إغران قرب مدينة شفشاون في حادث عرضي، وفق ما أوردت وسائل الإعلام المحلية. ومنذ الأربعاء أثارت مأساته اهتماماً وتعاطفاً على نطاق واسع في المغرب وفي العالم العربي وخارجه.

وظلت الآمال قائمة لإخراجه حياً، لكنها تضاءلت مع مرور الوقت، حيث باشرت فرق الإنقاذ منذ الأربعاء عملية معقدة للوصول إليه واجهتها عدة صعوبات، بحسب ما أوضحت السلطات المحلية طوال الأيام الماضية.

كما ظل والداه متمسكين بالأمل في ملاقاته حياً بحسب ما نقلت عنهما وسائل إعلام محلية الجمعة. وقد شوهدا قبيل إخراجه بلحظات عند مدخل النفق، حيث بدا الأب منهاراً يرتدي جلباباً صوفياً من الطراز المغربي التقليدي، بينما ظهرت الأم أكثر ثباتاً، بحسب مراسلي فرانس برس.

وقد رافقا معاً جثمان ريان في سيارة الإسعاف التي نقلته إلى مستودع الأموات. وقال الملك إنه أصدر تعليماته السامية لكل السلطات المعنية، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبذل أقصى الجهود لإنقاذ حياة الفقيد، إلا أن إرادة الله تعالى شاءت أن يلبي داعي ربه.

عملية معقدة

عصر السبت تمكنت فرق الإسعاف من دخول النفق الذي جرى حفره في عملية معقدة، على أمل إنقاذ الطفل مرفوقة بفريق طبي، وظل الترقب سيد الموقف إلى أن أعلنت وفاته ليلاً.

ولم يكن ممكناً إلى حدود تلك اللحظة «أن نجزم بأي شيء حول الحالة الصحية» للطفل، وفق ما أوضح المسؤول في لجنة الإنقاذ عبد الهادي الثمراني لفرانس برس، مشيراً إلى أن الكاميرا المثبتة فوق البئر كانت «تظهره مستلقياً على جانبه ولا نرى سوى ظهره».

وعملت فرق الإنقاذ على تزويده بالماء والأوكسجين خلال الأيام الأخيرة، لكنها لم تتأكد من أنه استعملهما، حسب مراسلي فرانس برس.

وساد اعتقاد الجمعة بأن العملية اقتربت من نهايتها. لكن العمل تباطأ ولجأ المنقذون إلى الحفر اليدوي طوال الليلة الماضية، بسبب مخاوف من انهيار للتربة وبعدما واجهتهم صخرة «أخرتنا كثيراً» فجر السبت، حسب الثمراني الذي أشار أيضاً إلى المخاوف «من انهيار البئر».

وتخلصت فرق الوقاية المدنية من الصخرة بعد ثلاث ساعات مستعينة بأدوات كهربائية صغيرة، لتفادي إحداث شقوق قد تؤدي إلى انهيار حوالي البئر. كما عملت على حفر نفق أفقي يمتد إلى ثلاثة أمتار تقريباً أملاً بالنفاذ منه لإخراج الطفل، وذلك بعد دراسة تقنية لمهندسين طوبوغرافيين وأخصائيي الوقاية المدنية لطبيعة التربة، بهدف تأمين جنباته.

«ريان حبيب الله»

وظل الكثير من الأشخاص متجمهرين في محيط الموقع، بينما وضعت القوى الأمنية التي عززت انتشارها في المكان حواجز للحيلولة دون عرقلتهم لجهود فرق الإنقاذ. ورددوا تكبيرات وبدا بعضهم باكياً في اللحظات التي تلت إخراج الطفل، وفق ما أظهرت القناة الثانية العامة في بث مباشر. إضافة إلى عبارة «ريان حبيب الله» التي تستعمل عادة لتشييع الشهداء. بينما سعى آخرون إلى التطوع لمد يد العون للمنقذين خلال الأيام الماضية.

وقال أحد سكان القرية حفيظ عزوز لفرانس برس ظهر السبت: «نحن متضامنون مع هذا الطفل العزيز على كل المغاربة وفي العالم أيضاً، رجاؤنا في الله أن يخرج» من البئر.

وحاول متطوعون من أبناء القرية وفرق الإنقاذ في البداية النزول إلى البئر لانتشال الطفل، لكنّ قطرها الضيق حال دون ذلك. وجرى التفكير أيضاً في توسيع قطر البئر، لكن المخاوف من انهيار التربة جعلت المنقذين يعدلون عن هذا الخيار، ليتم العمل على حفر نفق مواز وسط صعوبات، وحذر شديد، لتفادي أي انهيار.

«محدودية الآليات»

على الرغم من هذه التعقيدات، نبّه المسؤول في وزارة التجهيز أحمد بخري إلى «محدودية الآليات التي لا تتجاوز قدرتها حفر 20 متراً في اليوم».

وأضاف لموقع هسبريس المحلي الجمعة: «كان بالإمكان النجاح في إنقاذه في أقل من 48 ساعة» لولا «صعوبة وصول آليات بقدرة حفر أكبر تصل إلى 100 متر في اليوم» إلى موقع الحادث.

ويثير الحادث متابعة وتعاطفاً على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، في المغرب وخارجه. وغرد مدونون من بلدان كثيرة مثل الجزائر والعراق واليمن وكندا والولايات المتحدة بلغات متعددة للتعبير عن رجائهم إنقاذ الطفل.

وكتب أحدهم على تويتر: «الملايين عبر العالم يحبسون أنفاسهم في هذا السباق مع الزمن لإنقاذ ريان»، بينما وجه مدون آخر التحية لفرق الإنقاذ «الأبطال الحقيقيون واصلوا هكذا العالم أجمع يعول عليكم».

وأعاد إلى الأذهان حادثاً مماثلاً في إسبانيا عام 2019، حين سقط طفل يبلغ عامين عرضاً في بئر، انتهى بمأساة إذ عثر عليه ميتاً بعد 13 يوماً من عمليات البحث، مسبباً حزناً كبيراً في البلاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"