ريّان إلى جنات الخلد

01:50 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

«ريّان» طفل مغربي، حبس أنفاس العالم لنحو خمسة أيام، بعد سقوطه في بئر عمقها 30 متراً، في ضواحي مدينة شفشاون، بشمالي المغرب.
هذا الطفل ذو السنوات الخمس، بوجهه الأسمر الناحل، وعينيه المملوءتين إشراقاً، أوقعه حظه العاثر في تلك البئر، وحبس أنفاس العالم بأسره، وكان الناس يتضرعون إلى الله، لإنقاذه، وها هي المعاناة التي استمرت لخمسة أيام في هذا العمق، مع العمل الذي بذلته فرق الإنقاذ المغربية، التي واصلت الليل بالنهار، مع ترقّب العالم، ومتابعة وسائل الإعلام كافة، والمحاولات المستمرة التي رجونا أن تكلل بإخراج الطفل المنكوب حياً، وأن يعود إلى أسرته وأقرانه ورفاقه كما كان.. سليماً معافى، لكن للأسف الشديد كان قضاء الله الذي لا رادّ له، أن يخرج ميتاً بعد هذه المعاناة المؤلمة، فخمسة أيام لطفل ذي سنوات خمس، من دون شراب أو طعام.. هذه نتيجة محتملة لها.
شهدت الواقعة تعاطفاً كبيراً من جميع أنحاء العالم، وشغلت قصته وسائل الإعلام كافة، ونشر مغرّدون على موقع «تويتر»، صور الطفل وأرفقوها بتدوينات بلغات مختلفة، ودشنوا الكثير من الوسوم، وترقب الملايين في الوطن العربي والعالم أجمع، نهاية سعيدة لمحنة الطفل الذي جلبت قصته تعاطفاً دولياً واسعاً.
الحكومة المغربية وضعت مخططات لإنقاذ ريان، كتوسيع البئر مع الأخذ في الحسبان احتمال سقوط الأحجار والأتربة، وإنزال رجال الإنقاذ، الذي جرى بالفعل، ولكن دون جدوى، بسبب اصطدامهم بعوائق.. والحفر الموازي للبئر للوصول إلى الطفل عبر منفذ، ووضعت السلطات طاقماً طبياً على أهبة الاستعداد، لتقديم الإسعافات الأولية بمجرد انتشال ريان.
هذا الحدث ـ المأساة ـ الذي رجونا نهاية مطمئنة له، يعطينا دروساً في غاية الأهمية.. أن أطفالنا أكبادنا التي تمشي على الأرض.. كما قال شاعرنا القديم حطان بن المعلّى، فهم نعمة وهبنا إيّاها الخالق، عزّ وجلّ، لنكلأهم برعايتنا وعنايتنا واهتمامنا، فلا نتركهم وحدهم يسيرون في أماكن قد يكون فيها خطر، هذا الخطر قد يكون بئراً كالتي هوى فيها ريّان، أو يكون طريقاً عاماً تمرّ فيه السيارات، أو مكاناً يؤوي حيوانات مؤذية، أو سواها من الأخطار.. أطفالنا أمانة في أعناقنا، علينا المحافظة عليها، كأرواحنا.
ملأتنا مأساة ريّان بالألم والخوف، وكان كثير ممن يتابعون الحدث على أحرّ من الجمر، ممن لديهم أطفال يتخيّل أن ريّان ولده وفلذة كبده، فيزداد ترقّباً وأملاً بأن الله سيرعى هذا الطفل البريء.
كارثة الطفل ريان تعيد للأذهان القصص الكثيرة التي يعانيها الأطفال والأذى الذي قد يتعرضون له، وقد يكون هناك أطفال في أماكن كثيرة، يعانون أو واقعون في أخطار، لكن لا أحد يعلم عنهم شيئاً، نرجو لهم جميعاً أياماً مليئة بالهناء، وليتغمّد الله الطفل ريّان بواسع رحمته، وليلهم أهله مزيد الصبر والسلوان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"