عادي
تفرضه التطورات ويتطلب تحديث المناهج

التعليم بالمهارات «ضرورة إلزامية» لا تقبل بدائل

00:03 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
التطورات المتسارعة في ميادين العلم منذ ظهور «كوفيد19»، جعلت التعليم القائم على المهارات «ضرورة إلزامية» لا تقبل المساومات أو البدائل، لاسيما أن الأعوام القليلة الماضية تعد شاهد عيان على الفجوة بين المناهج التي يدرسها الطلبة والتقييمات.

طلبة وأولياء أمور أكدوا أن المناهج التي تدرّس على مدار العام، لا علاقة لها بالامتحانات وأدوات تقييم الطالب، التي تركز على المهارات دون الالتفات إلى الدروس الإثرائية الموجودة في المناهج، الأمر الذي أثر سلباً في حصيلة المتعلمين المعرفية، ومعدلاتهم التي تمكّنهم من مواصلة التعليم في المرحلة الجامعية، مطالبين بتطوير المناهج ومواءمتها مع الامتحانات وأسئلتها.

عدد من المعلمين أكدوا أن تطوير طرائق التدريس وفق احتياجات الطلبة المهارية، ضرورة ملحّة، لمواكبة المتغيرات والمستجدات التي ينبغي أن تشهدها المناهج، مطالبين بأهمية دمج المعلم في عملية تطوير المناهج وتمكينه من الأدوات المهارية، ليتسنى له تأهيل الطلبة وفق أساليب حديثة.

1

الإثراء

تربويون أكدوا أن الإشكالية في المناهج الحالية تكمن في اعتمادها على الإثراء أكثر من المهارات، في وقت تأتي الامتحانات التقييمية مستندة إلى قياس المهارات لدى المتعلمين، ما يضع الطالب في حيرة كبيرة بين التركيز على المنهاج الذي يدرسه على مدار العام، أو البحث عن طريقة لتنمية مهاراته.

خبراء أكدوا أهمية سد الفجوة بين المناهج المتاحة حالياً، والتقييمات التي تستند إلى المهارات بنسبة تتجاوز 85%، موضحين أن المواءمة بين المناهج والتقييمات ضرورة ملحة، بحيث تكون إثرائية أو مهارية أو كلتيهما، على أن يتلقى الطالب علومه ومعارفه وفق مسار واضح وصريح.

«الخليج» تناقش مع خبراء ومتخصصين وتربويين، ماهية التعليم القائم على المهارات، وكيفية مواءمة المناهج والتقييمات، لتحقيق جودة المخرجات وفق المتغيرات والتطورات المشهودة حالياً، وحل إشكالية الطلبة في الامتحانات وتجنب عبارة «الأسئلة من خارج المنهاج».

خالية من المهارات

البداية كانت مع عدد من المتعلمين في المرحلة الثانوية، إذ أكد كل من خلود محمد وليلى وائل ومحمد إيهاب وخالد إبراهيم وحمدان بو سالم، أن ما يدرسونه على مدار العام الدراسي في الكتب خالٍ من المهارات، ولا علاقة له بالامتحانات تماماً، إذ إنها تستند إلى أسئلة عالية المستوى تركز على المهارات ولا تهتم بالمنهاج الذي درسوه، ما ينعكس سلباً على أداء الطالب ومعدلاته في مختلف المواد لاسيما العلمية.

وقالوا إن المعلمين يركزون على الانتهاء من المقررات، وفق المتوافر في الكتب، وعلى الرغم من المذاكرة والمراجعة لما درسوه، فإنهم يتعثرون أمام أسئلة لا يعلمون كيفية فك رموزها في الامتحانات، أو بأية طريقة يتعاملون معها، وكل ما يعلمونه عنها بحسب آراء المعلمين أنها أسئلة مهارية تفاجئ المعلم مثل المتعلمين تماماً.

وطالبوا بعودة نماذج التدريب على الأسئلة الامتحانية، التي تمكنهم من التعرف إلى نوعية الأسئلة، سواء كانت من المناهج، أو تركز على قياس المهارات المختلفة وكيفية التعاطي معها، لاسيما في مواد «اللغة العربية والرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء» التي تحتوي دائماً على أسئلة غامضة، وتحتاج إلى مهارات خاصة، للإجابة عنها، لاسيما أنها تستند إلى الاستنتاج والتفكير والتحليل، وقد تحمل أكثر من إجابة في الوقت ذاته.

معاناة كبيرة

لم تختلف وجهات نظر أولياء الأمور عن الطلبة، إذ أكد كل من مها صابر وميثاء معروف وحمد عبد الله وإيهاب زيادة وميسرة محمد، أن هناك معاناة كبيرة منذ سنوات بسبب إشكالية ما يدرسه الطلبة من مناهج طوال العام الدراسي، وما يأتي في الامتحانات سواء كانت فصلية أو ختامية، إذ إن الطالب ليس لديه القدرة على التعامل مع الأسئلة الامتحانية على الرغم من دراسته للمنهاج كاملاً، ومع تكرار الأمر أدركنا أن المشكلة تكمن في المهارات التي باتت مطلباً ملحّاً، ليس في التقييمات فحسب؛ بل في الوظائف المستقبلية.

وطالبوا المسؤولين عن التعليم بأهمية تطوير المناهج وفق نوعية الأسئلة وأدوات التقييم، لتمكين الطلبة من الانطلاق في التعليم وفق نظام واضح ومعلوم، أفضل من الصدمة التي تصيب الطلبة في كل لقاء مع الامتحانات، وانتقادات أولياء الأمور مع كل مرة تعلن فيها نتائج أبنائهم.

مخيبة للآمال

في وقفة مع عدد من المعلمين، أكد إبراهيم القباني ووفاء الباشا وحنان شرف وعاطف حسن، وهاني حمزة، أن المعلم يجتهد ويضع خططاً للانتهاء من المنهاج، ولكن في معظم الأحيان تأتي الأسئلة الامتحانية مخيبة للآمال، ليضيع معها كل الجهود المبذولة، وتضعهم في موقف محرج مع الطلبة. وأفادوا بأن بعض الامتحانات تضم أسئلة بعيدة تماماً عن محتوى المنهاج الدراسي، الذي درسه الطلبة، حيث إن الدروس التي نقوم بشرحها للطلبة على مدار العام، لم يأت منها سوى فقرات قليلة، ما أصاب مجتمع المعلمين بإحباط شديد، فضلاً عن الأسئلة الغامضة التي تأتي في امتحانات الرياضيات والفيزياء واللغة العربية، التي تبتعد عن المناهج تماماً.

مهارات مطلوبة

وطالبوا بدمج المعلمين في عملية تطوير المناهج وتقييم الطلبة، فضلاً عن توفير دورات تدريبية على النماذج الجديدة من أسئلة الامتحان، حتى يتسنى لهم تدريب الطلبة وتأهيلهم على التعامل مع مختلف أنواع الأسئلة، التي تتماشي وتوجهات القائمين على التعليم، وتشمل المهارات المطلوبة في طلاب المدرسة الإماراتية، مؤكدين ضرورة وجود نماذج مماثلة لأسئلة الامتحانات، بهدف تدريب الطلبة عليها قبل الانخراط في الامتحانات بمدة كافية، فضلاً عن أهمية اعتماد الأسئلة على قياس مهارات الطالب في الدروس التي تعلمها خلال دراسته.

لا خلاف

لا خلاف في تطوير منظومة الامتحانات والتقييم، والارتقاء بمستويات الأسئلة التي تقيس مهارات الطلبة، ولكن ينبغي أن توائم المناهج الدراسية التي يدرسها الطلبة على مدار العام الدراسي، هذا ما أكدته الخبيرة التربوية نور أبو سنينة، التي أوضحت أن التعليم بالمهارات يشكل أهمية كبيرة في المرحلتين الراهنة والقادمة، حيث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسوق العمل ووظائف المستقبل،

وقالت إن أي تطوير يرتقي بالورقة الامتحانية ونظم التقييم، يهدف إلى تحسين المخرجات وجودتها، ولكن ينبغي أن دمج المعلمين في تلك العملية، ورفده بجميع الأدوات التي تمكنه من أداء رسالته وتأهيل الطلبة للامتحانات مهما كانت الطريقة المطروحة عبرها، لتفادي «عنصر المفاجأة» الذي ينعكس سلباً على المعلم ويدعو إلى التشكيك في قدراته أمام طلابه، مؤكدة أهمية سد الفجوة بين ما يدرس في المناهج، وما يأتي في الورقة الامتحانية لقياس مستوى المهارات لدى الطلبة.

توجه عالمي

كشفت دراسات وإحصاءات حديثة أن 75 مليون وظيفة في 20 اقتصاداً رئيسياً تستبدل بها التقنيات الناشئة العام الجاري 2022، فضلاً عن إنشاء 133 مليون وظيفة جديدة، عبر تطورات التكنولوجيا المشهودة، وهناك مزيج من المهارات التي ينبغي أن يمتلكها طلبة اليوم، استعداداً لسوق العمل المستقبلي، إذ تضم المهارات التقنية والرقمية اللازمة لمواكبة التحول الرقمي الحالي، فضلاً عن مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، التي ستكون ركيزة أساسية لأصحاب المناصب الرفيعة في سوق العمل.

وتشير التوقعات إلى نمو الوظائف في العلوم والبحوث والهندسة والتكنولوجيا بمعدل ضعف سرعة نمو الوظائف الأخرى (6٪ مقابل 3٪)، مدفوعة بالعوامل المتعلقة بوتيرة الاستثمار في البنية التحتية والابتكار الرقمي، كما أن المهارات الناعمة التي تضم التفكير النقدي وحل المشاكل وغيرها تؤدي دوراً كبيراً في تحديد نجاح الخريجين وقدرتهم وكفاءتهم، لاسيما أن التوجه السائد عالمياً يركز على تنمية المهارات والتعلم مدى الحياة.

الحل الأمثل

أفاد خبراء وتربويون بأن برنامج دعم المهارات الذي أطلقته مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، ويستهدف طلبة الصفوف 4-12، لا يكفي لدعم الطلبة وتعزيز مهاراتهم بالقدر الذي يمكنهم من التعاطي مع التقييمات، ولا يفي منفرداً بتمكين الطلبة من النواتج التعليمية الضرورية للمراحل الدراسية التالية. مؤكدين أن مناهج المهارات على مدار العام تعد الحل الأمثل لتمكين الطلبة والاتقاء بمستوياتهم الإثرائية والمهارية.

لا يجوز

أكد عدد من التربويين أن تدريب الطلبة على التعامل مع أسئلة الامتحان يشكل ضرورة «إلزامية»، لاسيما إذا كانت تأخذ أشكالاً جديدة متغيرة، تشمل موضوعات مختلفة ومتنوعة، موضحين أن قياس مهارات الطلبة اتجاه مهم في تلك الفترة، مع وجود التطورات والمتغيرات المتسارعة في قطاع التعليم، ولكن لا يجوز إهمال محتوى المناهج، أو تقليص الاهتمام به في الامتحان من دون علم المعلم والطالب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"