تقليم أظفار «الإخوان»

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

منذ انتخابه رئيساً لتونس في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بأغلبية شعبية كاسحة بلغت أكثر من 72 في المئة، عانى الرئيس قيس سعيّد تسلط جماعة الإخوان على مفاصل الدولة التونسية، وتحكّمها بالسياسات العامة الداخلية والخارجية، وكان يرى ويتابع أمام ناظريه كيف أن بلاده تحولت إلى غابة من الفساد والمحسوبيات والسقوط في مهاوي الفقر والبطالة والعجز الاقتصادي وضعف بنية الدولة وانهيار الخدمات، ومحاولة ربط تونس بمحاور إقليمية مشبوهة، إضافة إلى الفلتان الأمني وتصاعد ظاهرة الإرهاب والتطرف.

 كان الرئيس التونسي يراقب كل ذلك، ويصبر وينتظر لعل الأمور تتحسن، وتعود «حركة النهضة»عن تغوّلها أو تعيد حساباتها وتتراجع. لكن عندما أدرك أن لا أمل في ذلك، وأن الحركة الإخوانية ماضية في غيّها، تحرك لإنقاذ البلاد من قبضة التسلط مستنداً إلى التأييد الذي منحه إياه الشعب التونسي باعتباره مؤتمناً على الدستور وعلى سيادة واستقلال البلاد.

 وكان يوم 25 يوليو/ تموز الماضي، حداً فاصلاً بين عهدين، عهد الإخوان وعهد سيادة القانون، حيث اتخذ قراراً جريئاً بتجميد عمل البرلمان وحلّ الحكومة، وهما المؤسستان الأساسيتان للنظام، وقد خضعتا لسلطة الإخوان منذ تفجر ثورة الياسمين.

 وكان لا بدّ أن تتواصل عملية تطهير أجهزة الدولة من الفساد وأدوات الإرهاب، فتم إلقاء القبض على نور الدين البحيري، نائب راشد الغنوشي ووزير العدل الأسبق بشبهة الإرهاب، ثم بقرار الرئيس سعيّد الأخير بحل المجلس الأعلى للقضاء واعتباره «في عداد الماضي»، لدوره في بيع المناصب، ووضع القضاء في خدمة الولاءات الحزبية الإخوانية، والتستر على الإرهاب، وذلك حماية لسير القضاء واستقلالية السلطة القضائية، باعتبار أن العدل هو أساس الحكم، وأن تقدم المجتمعات لا يتحقق إلا بالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وصيانة القانون والحقوق. 

 هناك شبهات في دور المجلس الأعلى للقضاء طوال سنوات خضوعه لجماعة الإخوان في التستر على جرائم وعمليات إرهابية كان لحركة النهضة دور بارز فيها، مثل اغتيال المناضلين محمد البراهمي وشكري بلعيد عام 2013. وكانت أصابع الاتهام تشير إلى دور الجهاز السري للحركة في عمليتي الاغتيال، وتحديداً إلى المسؤول عن الجهاز مصطفى خذر الذي كان اعتقل في الخامس من يوليو/ تموز الماضي، كما اعتقل عامر البلعزي الذي أخفى المسدس الذي اغتيل به البراهمي وبلعيد، وكذلك محمد العكاري لمشاركته في جريمة الاغتيال.

 سنوات ثقيلة مرت على تونس، ظن «الإخوان» أن البلاد دانت لهم والعباد صاروا مجرد أرقام في حساباتهم، ليصحو الشعب على حقيقة هذه الجماعة التي خدعوا بها ذات يوم وأعطوها ثقتهم في انتخابات 2011.

 ها هو الرئيس سعيّد ينتفض، وينفض الغبار عن وجه تونس من خلال تقليم أظفار الإخوان واحداً بعد الآخر، كي تعود تونس خضراء، وكي تستعيد ثورة الياسمين ألقها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"