عادي
على هامش الحكاية

تعرف إلى أشهر لوحة تكرم اليد العاملة

10:58 صباحا
قراءة دقيقتين
7

الشارقة: «الخليج»

الشعور بالامتنان لقاء موقف إنساني صدر عن أحدهم نحو الآخر، قد يكون ملهماً وحافزاً كبيراً للإبداع، بسبب ما يتركه هذا الموقف من أثر في حياة الأفراد، وهذا ما حدث بالضبط مع الفنان الألماني الشهير ألبريخت ديورر (1471 – 1528).. الذي رسم واحدة من أشهر لوحاته وأكثرها رواجاً، وهي لوحة (يدان مرفوعتان بالدعاء) وأنجزها في عام 1508، ولهذه اللوحة قصة عاطفية ومؤثرة، تحكي عن علاقة ديورر بأخيه الذي فضل أن يذهب للعمل في المناجم، كي يوفر مصاريف التحاق شقيقه ديورر بأكاديمية الفنون الجميلة في نوريمبيرج بألمانيا.. فقد كان ألبريخت واحداً من 18 شقيقاً يعولهم أبوان ينتميان للطبقة الاجتماعية الفقيرة. وكانت العائلة لا تملك المال الكافي لتحقيق رغبة ألبريخت في دراسة الرسم.

ما يميز اللوحة، هو تلك الرشاقة في تفاصيل اليدين، خاصة أيادي شريحة عمال المناجم، فهؤلاء، وبعد سنوات كثيرة يمضونها في العمل، يصاب معظمهم بهشاشة العظام، فتصبح أصابعهم رفيعة، وكأنها ناتئة أو ملتوية من شدة الإجهاد الذي يقع عليها، بعض هذه الأيادي تصبح نافرة الشرايين، فتميل ألوانها للصفرة، وهذا بالضبط ما استشعره ديورر، وهو يتأمل أصابع شقيقه، فكانت لوحته «يدان مرفوعتان بالدعاء».. التي أنجزها ديورر وكأنه عالم في دراسة تشريح الجسد وشكل ووظائف الأعضاء، فباتت من أكثر الأعمال رمزية، وأكثرها انتشاراً واستنساخاً في العالم، بل إنها صارت «أيقونة» فنية يشار إليها بالبنان، ومن أكثر اللوحات اقتناءً في المتاحف العالمية.

وقد اكتسبت اللوحة إلى جانب براعة الفنان ديورر في رسم تفاصيل اليدين، طقساً روحانياً لدى شريحة هائلة من الناس في المشرق العربي وفي آسيا وإفريقيا، وفي أوروبا نفسها.. فاليدان المرفوعتان بالدعاء، لهما رمزية خاصة من هذه الناحية، لذا فنحن نجد أنها كثيرة الظهور في البيوت والمكاتب، وعلى بطاقات التهاني خاصة في المناسبات الدينية وعلى الميداليات، والتذكارات، وكذلك الكتب والملصقات وغيرها.

بل إن العديد من الأفراد يعمدون إلى نقش صورتها على أجسادهم تيمّناً وتبرّكاً برمزيّتها الدينية أو الروحية.

نظراً لرمزيتها الروحية، أمر أحد النبلاء الألمان بوضعها في أحد الأديرة، ويقال إن الدير تعرض في ما بعد إلى حريق أتى على كافة موجوداته، ولم تنج من التلف سوى هذه اللوحة.

كان الرسام الألماني ألبريخت ديورر رساماً مبدعاً، تنقل بين مدن عدة مثل كولمار، بال وستراسبورج، والبندقية، غير أن فترة الثراء الفني له، كانت في نورنبيرج، حيث برع في فن التصوير الزيتي، وأنجز رسومات تخطيطية ومائية تميزت بها كافة أعماله.

ما يمكن الإشارة إليه أيضاً بشأن هذه اللوحة الفنية البارعة، أنها تحولت على مدار القرون الخمسة اللاحقة، إلى تحفة فنية كبيرة، وبمرور السنوات، باتت مصدر إلهام للكثير من الفنانين والناس العاديّين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"