عادي
بصدارة التجارة والاستثمارات

الإمارات وتركيا.. علاقات استراتيجية وخارطة طريق مستقبلية

01:26 صباحا
قراءة 5 دقائق
1
1
محمد بن زايد وطحنون بن زايد ومنصور زايد وجانب من حضور جلسة المباحثات مع الجانب التركي (أرشيفية)

إعداد: محمد الماحي
خطت العلاقات الإماراتية التركية خطوات كبيرة إلى الأمام على المستويات السياسية والاقتصادية خلال الفترة الماضية، وشهدت نقلة نوعية تزامنت مع زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتركيا، تلبية لدعوة وجهها له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتكون هذه الزيارة محطة رئيسية في طريق تعزيز العلاقات بين البلدين، وفتح صفحة جديدة ترتكز على المصالح المشتركة.

وعكست المواقف التي تم التعبير عنها خلال الزيارة، إماراتياً وتركياً، توجهاً عميقاً لتطوير علاقات التعاون، ورفدها بكل ما من شأنه تنميتها وتفعيلها وإحداث نقلات نوعية في مسارها.

بفضل الرؤية الحكيمة لقيادة دولة الإمارات وحرصها الدائم على بناء علاقات إيجابية مع كافة دول العالم، وتعزيز التعاون في المجالات المختلفة، قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في تطوير نموذجها الاقتصادي بنهج استباقي ليكون أكثر مرونة واستدامة وانفتاحاً على العالم، وقامت بتحرير الاستثمار وفتح التملك الأجنبي للشركات بنسبة 100%، وإحداث تطورات شاملة في منظومة التشريعات الاقتصادية لتسهيل ممارسة الأعمال وتعزيز جاذبية الدولة لأنشطة الأعمال والمشاريع الريادية والمواهب والابتكارات، وأصبحت وجهة سياسية واقتصادية حيوية على خريطة العالم تستقبل بحفاوة على أراضيها القيادات السياسية والإقليمية والدولية، وتسعى إلى تقريب وجهات النظر معهم حول مختلف القضايا، بما يحقق الاستقرار والازدهار للجميع.

التنمية والازدهار

وتشهد العلاقات الإماراتية التركية تطوراً مستمراً في العديد من القطاعات الحيوية، ويعكس هذا التطور حرص قيادة البلدين على تطوير العمل المشترك والتطلع إلى خلق مزيد من فرص التعاون الثنائي، بما يحقق التنمية والازدهار للبلديين والشعبيين الصديقيين، حيث اتفق الجانبان على تطوير آلية لزيادة الربط بين مجتمعي الأعمال والتنسيق بين الكيانات والوكالات الاستثمارية في البلدين لتبادل المعلومات والسياسات التجارية، وفرص المشاريع الجديدة وتشجيع الاستثمارات الإماراتية في الأسواق التركية، خاصة في قطاعات الصناعة والإنتاج الزراعي والسيارات والطاقة المتجددة والخدمات المالية والسياحة، والعقارات والبنية التحتية، وكذلك جذب الشركات التركية التي تركز على الابتكار والتكنولوجيا واستقطاب المواهب إلى أسواق الإمارات في مختلف القطاعات الاستراتيجية، مع تشجيع مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين في الأنشطة الاستثمارية، وتطوير حلول تأمين وتمويل مشتركة لدعم الشركات المصدرة في البلدين، وتشجيع الشركات على التعاون من خلال أسواق رأس المال الإماراتية والتركية.

شراكة متكاملة

وترتبط دولة الإمارات وتركيا بشراكة متكاملة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، حيث وقّع مصرف الإمارات المركزي، والبنك المركزي التركي، مؤخراً اتفاقية ثنائية لمبادلة العملات بين الدرهم والليرة التركية، وهناك اهتمام واضح من قيادات الدولتين للاستمرار في دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة واسعة من التعاون المثمر بين الجانبين، حيث بلغ حجم القيمة الاسمية لاتفاقية المبادلة بين الإمارات وتركيا 18 مليار درهم، و64 مليار ليرة تركية.

وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون المالي والتجاري بين البلدين، وتسري مدتها 3 أعوام، مع إمكانية تمديدها من خلال اتفاق مشترك.

ويعكس توقيع الاتفاقية حرص الدولتين على تعزيز التعاون الثنائي في المسائل المالية، لا سيما في المجالات التجارية والاستثمارية.

وتؤكد اتفاقية المبادلة الموقعة، التزام مصرف الإمارات المركزي والبنك المركزي التركي بتعزيز التجارة الثنائية بالعملات المحلية، من أجل دفع العلاقات الاقتصادية والمالية بين دولتينا إلى الأمام.

وفي 25 نوفمبر من العام الماضي وقعت مجموعة موانئ أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي، اتفاقية شراكة استراتيجية لاستطلاع الفرص الاستثمارية وتطوير وتشغيل الموانئ وتنسيق الجهود المشتركة لدراسة عدد من المشاريع الاستثمارية في القطاع اللوجستي في تركيا، كما أبرم سوق أبوظبي للأوراق المالية، اتفاقية شراكة مع بورصة إسطنبول، بهدف تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الطرفين وتطوير قطاع الخدمات المالية في الإمارات وتركيا.

وتؤمن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات بأن تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لن يسهم فقط في الحفاظ على المصالح المشتركة، ولكن أيضاً في ازدهار المنطقة وتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين، لذلك تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الثنائي، منها 10 اتفاقيات ومذكرات تعاون أمنية واقتصادية وتكنولوجية.

الظروف الاستثنائية

وتعود نشأة العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات وتركيا إلى فترة تأسيس الاتحاد، وأخذت في التطور والنمو عبر السنوات. ففي 1984 وقعت الدولتان اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني فتبعتها عدة اتفاقيات عززت التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، حيث بلغت قيمة التجارة بينهما في النصف الأول من عام 2021 أكثر من 26.4 مليار درهم بقفزة نمو 100%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأعلنت دولة الإمارات مؤخراً تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي في تركيا، يركز على الاستثمارات الاستراتيجية وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

وبحسب تقرير لوزارة الاقتصاد فقد بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وتركيا، خلال العقد الماضي، نحو 329 مليار درهم (89.6 مليار دولار)، ونمت بنسبة 21% خلال عام 2020، لتصل إلى 32.7 مليار درهم (8.9 مليار دولار)، مقارنة بما قيمته 26.8 مليار درهم (7.3 مليار دولار).

وتوزعت التجارة الخارجية غير النفطية، بين التجارة المباشرة 88.5%، بما قيمته 28.9 مليار درهم، والمناطق الحرة 11.5% بما قيمته 3.7 مليار درهم.

وفي نوفمبر من العام الماضي، قدمت دولة الإمارات 36.7 مليون درهم (10 ملايين دولار أمريكي) للمساهمة في دعم مراحل إعادة التأهيل لبعض المناطق التركية التي تضررت من حرائق الغابات والفيضانات التي اجتاحتها. وأعربت الإمارات في هذا الصدد عن تضامنها مع الشعب التركي في هذه الظروف الاستثنائية، مؤكدة حرصها على المساهمة في توفير الدعم المناسب للتخفيف من حدة التداعيات الإنسانية والأضرار الناجمة عن الفيضانات شمالي البلاد، وحرائق الغابات جنوب غربي تركيا.

فرص كبيرة

العلاقات الاقتصادية الإماراتية التركية قادرة على تقديم فرص كبيرة ومتنوعة لإقامة شراكات جديدة في مختلف مجالات التجارة والاستثمار، حيث بلغ عدد الشركات المؤسسة برأس مال إماراتي في تركيا 400 شركة، ويعتبر قطاع العقارات على رأس الاستثمارات الإماراتية، وتأتي تركيا في المرتبة 11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، فيما تمثل دولة الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً. ويعد الذهب والحلي والمجوهرات أهم سلع التبادل التجاري بين البلدين على مدى السنوات العشر الماضية.

وتتمتع الروابط التجارية والاستثمارية بين دولة الإمارات وتركيا بآفاق واسعة للنمو، خاصة في ظل التنوع الاقتصادي والسياسات التجارية المنفتحة للبلدين وموقعهما الاستراتيجي المتميز، حيث بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا نحو 18.4 مليار درهم في نهاية عام 2020، حيث تستثمر الشركات الإماراتية في العديد من القطاعات الحيوية بالأسواق التركية، منها النفط والغاز والخدمات المالية، والتصنيع والسياحة والبناء والطاقة المتجددة.

وفي المقابل بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليار درهم، وتركز استثمارات الشركات التركية في الدولة على قطاعات البناء والتشييد والعقارات والقطاع المالي والتأمين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.

حقبة جديدة من تعزيز التعاون الاقتصادي

تشهد العلاقات الإماراتية التركية حقبة جديدة من تعزيز التعاون الاقتصادي، وكانت آخر الاستثمارات الإماراتية في تركيا ما قامت به شركة «فينيكس» الإماراتية للسكوتر، بعد استحواذها على شركة «بالم» التركية الرائدة في مجال النقل الخفيف (السكوتر الكهربائي) في 2 أغسطس من العام الماضي، مقابل 43 مليون ليرة تركية (نحو 5 ملايين دولار).

وفي 19 نوفمبر 2019، أعلنت مجموعة شركات «ياشار» Yaşar Holding التركية صاحبة العلامة التجارية بينار «Pınar» المتخصصة في صناعة منتجات الأجبان والألبان، عن استثمار مباشرة في العاصمة الإماراتية أبوظبي لبناء مصنع خاص بتصنيع الأجبان بقيمة 30 مليون دولار.

يذكر أن جناح تركيا في إكسبو 2020 دبي، الواقع في منطقة الاستدامة، صمم تحت شعار «صُنع المستقبل من أصل الحضارات» ليجسد التاريخ الفريد للأناضول، ويبرز الطبيعة والاستدامة في البلاد.

والجناح مستوحى من أحد المظاهر الأولى للهندسة المعمارية الضخمة في تركيا، ويهدف إلى تقديم تجربة فريدة للزوار، مع تسليط الضوء على منظور تركيا للمستقبل. ويمكن للزوار استكشاف المنتجات التركية، فضلاً عن الصناعات البارزة وقطاعات الخدمات وبيئة الاستثمار القوية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"