عادي

عذب الكلام

22:09 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

الإبداعُ في البلاغةِ، أنْ يكونَ الكلامُ مُشتملاً على جُملةٍ من المُحَسّنات البديعيةِ، كقول ابنِ حجّاج:

قُلْتُ ثَقَّلْتُ إذْ أَتَيْتُ مِراراً

قالَ ثَقَّلْتَ كاهِلِي بالأَيادِي

قلتُ طَوَّلْتُ قالَ لا بلْ تَطَوَّ

لْتَ.. وأَبْرَمْتُ قالَ حَبْلَ ودادِي

شملت أفعال «ثقّلت» و«طوّلت» و«أبْرَمْت» على استعارات وتشبيهات متعدّدة.

دُرر النّظم والنّثر

قال ابن الفارض

(بحر الكامل)

قلْبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي

روحي فِداكَ عَرَفْتَ أمْ لَمْ تَعْرِفِ

لَمْ أَقْضِ حَقّ هَواكَ إنْ كُنْتُ الذي

لَمْ أقضِ فيِه أسىً ومِثْليَ مَنْ يَفي

ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نَفْسِهِ

في حُبّ مَنْ يَهْواهُ لَيْسَ بِمُسرِف

فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقدْ أسْعَفْتَني

يا خَيبَة المَسْعَى إذا لَمْ تُسْعِفِ

يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي

ثَوْبَ السِّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ

عَطْفاً على رَمَقي وما أبقَيْتَ لي

مِنْ جِسميَ المُضْنى وقَلْبي المُدَنَفِ

فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي

والصّبْرُ فانٍ واللّقاءُ مُسَوّفي

لَمْ أَخْلُ مِنْ حَسَدٍ عَلَيْكَ فَلا تُضِعْ

سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرْجِفِ

واسْأَلْ نُجومَ اللّيلِ هَلْ زارَ الكَرَى

جَفْني وكَيْفَ يزورُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ

لا غَرْوَ إنْ شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها

عَيْني وسَحّتْ بالدُّموعِ الذُّرَّفِ

وبما جرَى في مَوْقفِ التّوديعِ مِنْ

ألمِ النّوَى شاهَدْتُ هَوْلَ المَوْقِفِ

إنْ لَمْ يَكنْ وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ بِهِ

أَمَلي وَمَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تَفي

فالمَطْلُ مِنْكَ لدَيّ إنْ عَزّ الوَفا

يَحْلو كوَصَلٍ مِنْ حَبيبٍ مُسْعِفِ

من أسرار العربية

الأسماء المثناة:

الأبْرَدان: الغداةُ والعَشي. الأبْهَمان: السّيلُ والحَريق. الأخْضَران: الْعُشْبُ والشَّجَرُ. الأحْمَران: الذّهَبُ والزّعْفران. الأصْغَران: القَلْبُ واللّسانُ. الأَكْبَران: الهِِمّةُ والنّفْسُ. الأفُقان: المَشْرِقُ والمَغْرِبُ. الأكْذَبان: الظّنُّ والسَّرابُ. الأكْثَرانِ: الشّجَرُ والرَّمْلُ. الأطْيَبان: الصِّحّةُ والشّبابُ. الأمَرّان: الفَقْرُ والهَرَمُ. الأجْوَدان: البَحْرُ والمَطَرُ. الأعَزّان: الأهْلُ والوَلَدُ. الأعْمَيان: النّارُ واللّيْلُ. الجِدّان: شاطئا النّهْرِ. الدّاران: الدُّنْيا والآخِرةُ. الأحْدَثان، الأجَدّان، الجَديدان، الصَّرْفان: اللّيْلُ والنّهارُ. البَدْران، الأزْهَرانِ، السِّراجان، القَمَرانِ: الشّمْسُ والقَمَرُ. الهَاديانِ: الْعَيْنُ والأثَرُ.

هفوة وتصويب

يقولُ بعضُهم: «أحْنى رأسَه خَجلاً» أي أمالَهُ، وهي خطأ، والصَّوابُ: «حَنَى». ويقالُ: حَنَى يَدَهُ يَحْنِيها حِنَايَةً، بالكسرِ: لَواها. أما مَعْنى «أحْنى» عَطَف، يقال «أَحْنى الأبُ على ابْنِهِ»، أي غَمَرَهُ بِعَطْفِهِ وحُبّهِ؛ ومنْ قَبيل المَجاز نقولُ: حَنَتِ المرْأةُ على أوْلادِها حُنُوّاً، إذا لَمْ تَتَزوّجْ بعدَ وفاةِ أبيهم.

ويقولُ آخرون: حَرَمَهُ منَ الإرثِ، فيعدُّون الفعلَ «حَرَم» إلى المفعول الثاني بحرف الجرِّ «مِن»، وهي خطأ، والصّوابُ: «حَرَمَهُ الإرْثَ» بِنَصْبِ مَفْعولَيْن. لأن «حَرَمَ» يتعدى إلى مَفْعولين، من دون حرف الجرّ. وقد أجاز بعض اللغويين «أحْرَمَهُ الشّيْء» أي «حَرَمَهُ إيّاه»؛ قالَ ابنُ النّحاس:

وآلى عَلى أنْ لا أُقيمَ بأرْضِهِ

وأحْرمَني يوْمَ الفِراقِ وَداعَهُ

أمثال العرب

ازْرعْ جَميلاً ولَوْ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ

فَلا يَضيعُ جَميلٌ أيْنما زُرِعا

إنََّ الجَميلَ وإنْ طالَ الزَّمانُ بهِ

فَلَيْسَ يَحْصدُهُ إلّا الذي زَرَعا

البيتان لأبي الفتح البستي، يشدّد فيهما، على أنّ فِعلَ الخَيْرِ لا يضيعُ، مهما طالَ الزّمانِ، ويدعو إلى زَرْعِ الفعل الطيّب، أيْنما حَلّ المرءُ، فالماءُ يَنْفعُ أيْنما وقعَ.. ويقول: لا تَبْخَلْ بِشيءٍ أنتَ تَمْلِكُهُ وكُنْ مُتساهلاً معَ الحَياةِ، فسيَكونُ الطريقُ أمامَكَ معبّداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"