ليبيا أمام خيارين

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تعيش ليبيا أزمات متداخلة ومتشابكة تحول دون التوافق بين مكوناتها السياسية والعسكرية، وتقف حجر عثرة أمام كل الحلول التي قدمت محلياً وإقليمياً ودولياً للوصول إلى تسوية سياسية من خلال خريطة طريق وضعت العام الماضي، ولم تنفذ بنودها، وخصوصاً ما يتعلق بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة أواخر العام الماضي.

 أمام هذا الواقع يبدو أن المشهد الليبي يواجه حالة انسداد قد تقود نحو مزيد من الانقسام الذي يهدد حالة الأمن الهشة، خصوصاً أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يرفض الانصياع لقرار البرلمان بتكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا تشكيل حكومة جديدة بديلة، بعد انتهاء مهمة حكومته التي فشلت في الوفاء بالتزاماتها في إجراء انتخابات تشريعية يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثم إجراء انتخابات رئاسية، كما فشلت في تحقيق الوحدة الوطنية، وتوحيد المؤسسات الأمنية، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وحل الميليشيات المحلية والقبلية.

 إصرار الدبيبة على التمسك برئاسة الحكومة، ورفض تسليم موقعه لرئيس وزراء آخر مكلف، يهدد بوجود حكومتين، وتكريس حالة الانقسام، ما يعني فتح الساحة مجدداً أمام جولة عنف جديدة، قد تقضي على كل أمل بتسوية سياسية ممكنة، وربما تفتح الباب أمام صراعات داخلية بين أبناء المنطقة الواحدة؛ باعتبار أن الدبيبة وباشاغا هما من الغرب الليبي. قد يخطئ الدبيبة في حساباته بعد أن حصل باشاغا على تزكية من المجلس الأعلى للدولة، وانسحاب المرشح الآخر خالد البيباص لمصلحته، وهذه الخطوة ضيّقت من مساحة المناورة أمام الدبيبة الذي يحاول تحريك الشارع لمصلحته، متهماً البرلمان الذي اختار باشاغا لخلافته، بأنه «يحاول مع الكيانات السياسية الأخرى التمديد لأنفسهم»، طارحاً شعار «لا للتمديد.. نعم للانتخابات»؛ بل إنه اعتبر وصول باشاغا إلى مطار معيتيقة قادماً من طبرق؛ حيث اجتمع البرلمان، بأنه «محاولة لدخول طرابلس بالقوة».

 إذا كان الدبيبة يتهم الآخرين بمحاولة التمديد لأنفسهم، وحرمان الليبيين من حق اختيار السلطة السياسية، فإنه شخصياً يتحمل جزءاً من المسؤولية في إفشال الانتخابات، لأنه انخرط في الاصطفافات السياسية المحلية والدولية، وسعى من دون وجه قانوني أو دستوري إلى خوض الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أن خريطة الطريق التي كان كُلف بتنفيذها كانت تحظر عليه الترشح إلا في حال استقالته من منصبه قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات، كما فعل قائد الجيش خليفة حفتر الذي ترك منصبه، ليترشح لمنصب الرئاسة.

 نحن الآن أمام مشهد ليبي جديد مفتوح على أكثر من احتمال، فإما أن يستقيل الدبيبة من منصبه ويقبل بتكليف باشاغا الذي سيواجه مهمات معقدة من أبرزها إجراء الانتخابات، وحل الملفات الأخرى التي فشل الدبيبة في حلها، من خلال وضع خريطة طريق جديدة، وإما أن يصر الدبيبة على موقفه الرافض لتسليم منصبه، وهذا يعني وجود حكومتين، وبدء مرحلة جديدة من الصراع السياسي، وربما الأمني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"