عادي
ألغت النجاح التلقائي وأعادت توزيع الأوزان وخففت الأعباء

التقييم.. ردم لفجوة الاختبارات ومعالجة للفاقد التعليمي

23:08 مساء
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
لا شك في أن التطوير ركيزة أساسية لتحقيق التميز في مجالات العمل بمختلف أنواعها، والتعليم من القطاعات التي تحتاج دائماً إلى التطوير، بسبب المتغيرات المتلاحقة التي يشهدها، وتعد المستجدات التي تم إدخالها مؤخراً على سياسة التقييم، أداة فاعلة لسد فجوة اختبارات الطلبة في جميع مراحل التعليم خلال الفصول الدراسية الثلاثة.

ويرى خبراء التعليم أن التعديلات الأخيرة في سياسة التقييم، تعد خطوة جادة على طريق تقييمات الطلبة في المرحلة المقبلة، للوقوف على المستوى الحقيقي لتحصيلهم العلمي في مختلف المراحل، ما يتيح للقائمين على التعليم المدرسي فرصة المعالجات والتحفيزات.

تربويون ومديرو مدارس، أكدوا أن المستجدات التي شهدتها سياسة التقييم، أعادت الحياة مرة أخرى إلى الفصل الدراسي الثاني الذي ارتكز على الاختبارات التكوينية، لسنوات وافتقد معظم الطلبة الدافعية نحو الدراسة، نظراً للوزن المحدد له، وتواضع الدرجات المتاحة للطالب.

1

وأكد عدد من المعلمين أن التعديلات الأخيرة خلقت نوعاً من التوازن في عملية تقييم الطلبة، وأتاحت الفرصة أمامهم لمتابعة أداء طلابهم منذ بداية العام الدراسي، وتمكينهم من رصد نقاط الضعف للطالب، والعمل على معالجتها بطرائق متعددة، فضلاً عن تمكينهم من التعرف إلى مواطن القوة لدى جموع المتعلمين، وابتكار طرائق جديدة لتنميتها وتطويرها، وهذا ينعكس بالفعل على جودة المخرجات وبناء الأجيال.

وعبّر عدد من أولياء الأمور عن تفاؤلهم خلال المرحلة المقبلة، عقب التعديلات الجديدة في سياسة التقييم التي حققت المساواة في تقييم الطالب في الفصول الثلاثة، من دون انحياز إلى فصل على حساب آخر، وأصبح لأبنائهم فرصة كبيرة للحصول على معدلات مرضية وفق نتائج التقييم الفصلية.

«الخليج» ترصد آراء الميدان التربوي بمختلف فئاته للوقوف على انعكاسات المستجدات التي تم إدخالها على سياسة التقييم، وكيف سيكون لها أثر في العملية التعليمية وجودة المخرجات، فضلاً عن انطباعات فئات الميدان وسبل تطبيق المدخلات الجديدة خلال الفصل الدراسي الحالي.

نظرة تحليلية

في نظرة تحليلية ل«الخليج»، نجد أن مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي أدخلت تعديلات جوهرية على سياسة التقييم للعام الدراسي الجاري 2021-2022، إذ أقرت امتحانات ختامية للفصول الدراسية الثلاثة للطلبة في جميع مراحل التعليم من 1-12، لتكون المعيار الحقيقي الذي تقيس من خلاله الجانب التحصيلي والمعرفي للمتعلمين في كل فصل دراسي، وتطلب ذلك إعادة توزيع الأوزان.

وأصبحت الأوزان لطلبة الحلقتين الثانية والثانوية في الفصل الدراسي الأول لمواد المجموعة 25 بواقع 10% «للامتحان التكويني»، و15% «ختامي»، و40% للفصل الثاني بواقع 10% «تكويني» و30% «ختامي»، فيما تحدد للفصل الثالث 35% بواقع 10% «تكويني» مقابل 25% «ختامي»، بإجمالي 100% بواقع 30% للتكويني، و70% للختامي، ليتم تفعيل تقييمات أداء الطلبة في الفصل الدراسي الثاني، الذي استحوذ على النصيب الأكبر في الأوزان بنسبة 40%.

وفي خطوة جادة نحو التعرف إلى المستويات الفعلية للطلبة، ألغت المؤسسة النجاح التلقائي في الحلقة الأولى، وثبتت اختبارات ختامية لأبناء تلك المرحلة لقياس وتقييم أدائهم في كل فصل دراسي، فباتت الأوزان بواقع 30% للفصل الدراسي الأول (20% تكويني و10% ختامي)، و35% لكل من الفصلين الثاني والثالث، بواقع (15% للتكويني و20% للختامي)، لكل فصل.

العنصر الأهم

وفي وقفة مع المستشارة والخبيرة التربوية علياء الشامسي، أكدت أهمية التطوير المستمر في سياسة تقييم الطلبة في مختلف مراحل التعليم، ومهما تعددت أنواع المناهج في الإمارات، واتسمت العملية التعليمية بالمرونة في أدوات وطرائق التدريس، إلا أن التقييم يبقى العنصر الأهم لقياس المستويات الفعلية للمخرجات في جميع الأنماط التعليمية المشهودة.

وفي شرحها ل«الخليج» جوهر التعديلات الأخيرة على سياسية التقييم على الطلبة في الصفوف من 1-12، أفادت بأنها أدوات للتمكين للتعرف إلى أداء الطلبة وتحصيلهم في الفصول الدراسية الثلاثة، فضلاً عن تحقيق التوازن بين محصلة المعارف والعلوم لجميع طلبة الحلقات وتقييمها بشكل تدريجي يمكّن المعلمين من معالجة نقاط الضعف وتعزيز مواضع القوة لدى المتعلمين.

الفاقد التعليمي

وفي وقفتها مع المستجدات التي تم إدخالها على الأوزان للحلقتين الثانية والثالثة، أكدت أنها أعادت ترتيب العملية التعليمية على مدار العام، وفعّلت مجريات التحصيل والتقييم للطلبة في الفصل الدراسي الثاني، الذي كان له النصيب الأقل ضمن الأوزان، وافتقد فاعليته مع غياب الامتحانات الختامية لسنوات عدة، وأسهم في تخاذل بعض المتعلمين، على اعتبار أنه الأقل من حيث الوزن والدرجات، والاستفادة منه في معدلاتهم تعد الأقل مقارنة بأوزان الفصلين الأول والثالث.

وأضافت أن التعديلات تعالج في مضمونها الفاقد التعليمي، وخففت الأعباء على الطلبة في الفصل الثالث، الذي ألزم الطالب بالتقدم للامتحانات الختامية بمقررات الفصول الثلاثة، أو الفصلين الثاني والثالث، وإن كانت تلك العملية تبدو في ظاهرها أنها تراكم معرفي، إلا أنها كانت تشكل أعباء على الطلبة لاسيما الثاني عشر.

وفي وقفتها مع مستجدات الأوزان لطلبة الحلقة الأولى، أكدت أنها خطوة إيجابية، معتبرة أن إلغاء النجاح التلقائي سيمكّن المقيمين من التعرف إلى المستويات المعرفية التي حققها الطالب في هذه المرحلة المهمة التي تغذي الحلقتين الثانية والثالثة، وهنا ستتوفر فرصة كبيرة لمعالجة مستويات الطلبة متدني الأداء، والتعرف إلى المواد التي تشكل لديهم نقاط ضعف، والأخرى التي يتميزون فيها.

حاجة ماسة

التربويون ومديرو المدارس: المستشارة أميمة حسين، إحسان الضو، وسلمى عيد، ورانيا حجازي، واعتدال يوسف، أكدوا أن تعديلات سياسة التقييم الأخيرة، جاءت في الوقت المناسب، إذ إن طلبة المرحلة الثانوية، لاسيما الثاني عشر، كانوا في حاجة ماسة للانتفاع بأيام التمدرس في الفصل الدراسي الثاني الذي اقتصر على الاختبارات التكوينية التي لا تحقق لهم التطلعات المنشودة في معدلاتهم، فضلاً عن معاناتهم في الفصل الثالث الذي يفرض عليهم نظرية التراكم المعرفة والتركيز على مقررات الفصلين الأول والثالث.

وأفادوا بأن التطوير ضرورة ملحة في ظل وجود أنماط مختلفة للتعليم، فضلاً عن أن المستجدات وضعت معالجات فاعلة لسلبيات النجاح التلقائي لطلبة الحلقة الأولى ووفرت أدوات ممنهجة لتقييم أبناء هذه الحلقة، لاسيما وأن طرائق التدريس والتفاعل الطلابي تختلف بين مدرسة وأخرى، على الرغم من توحيد المناهج الدراسية، مؤكدين أن التطوير الأخير يمكّن المعلمين والقائمين على العملية التعليمية من تحديد المستويات الحقيقية للمخرجات بكل دقة.

وسائل جديدة

وقالوا إن التعليم القائم على التكنولوجيا يعتمد أدوات تقييمه لقياس مهارات الطلبة في مختلف المعارف والعلوم، وهنا تدعونا الضرورة إلى إيجاد وسائل نوعية جديدة، لتأهيل الطلبة للارتقاء بمهاراتهم، ومعالجة جوانب الضعف لديهم، مطالبين بتوفير نماذج تدريبية متخصصة، للمعلمين، تساعدهم في تدريب طلابهم على أسئلة المهارات في مختلف الأنماط التعليمية المتاحة.

تحقيق التوازن

من جانبهم، أكد المعلمون: ريبال غسان العطا، وأحمد حسن، وايمان علي، وبهاء مراد، وبدوي حمدان، أن السياسة الجديدة في التقييم، حققت التوازن في عملية تقييم الطلبة، إذ حققت المساواة في قياس مستويات المتعلمين في مختلف مراحل التعليم بدقة وحيادية من خلال إخضاع الجميع لاختبارات ختامية مركزية.

وقالوا إن فرص الآن متعددة ومتنوعة أمام المعلمين لمعالجة نقاط الضعف التي يعانيها الطلبة في بعض المواد الدراسية، فضلاً عن وجود فاصل زمني بين كل فصل دراسي وآخر، لتكوين رؤية حول المستوى الفعلي لتحصيل كل طالب، موضحين أن التقييم الدوري لكل طالب في نهاية كل فصل يعد أداة مؤثرة في دافعية المتعلمين نحو التعليم والالتزام والمواظبة ومتابعة دروسهم بجدية مطلقة، فضلاً عن ميزة التحكم والتعديل والتطوير في المستوى التي باتت متوفرة لجميع فئات الطلبة بمختلف مراحل التعليم.

تقييمان للطلبة

وأضافوا أنه أصبح لكل فصل دراسي تقييم تكويني، وهناك أيضاً التقييم الختامي الذي يأتي مركزياً في مختلف مراحل التعليم، ويضم التقييم التكويني النشاطات الكتابية والاختبارات القصيرة، إذ يخضع طلبة الصفوف من الأول إلى الثاني عشر، إلى ثلاثة اختبارات قصيرة ونشاطين كتابين خلال كل فصل، تحت مظلة 5 موجهات تدير عملية التقييم، تركز على إلزام المعلم بإعداد التقييم التكويني، على أن تتضمن النشاطات الكتابية والاختبارات القصيرة، وتكون مفردات الاختبارات القصيرة موضوعية، وتكون الاختبارات من متعدد، وعلى المعلم تحديد اليوم والوقت الأنسب للتطبيق خلال الأسبوع المقرر.

أدوات التقييم

أولياء الأمور: فاطمة الزهراء علي، رانيا الشاذلي، فاطمة السيد، وحمد حمدان، أكدوا عدم معرفتهم بالتطويرات التي تشهدها أدوات التقييم لأبنائهم، ولكن الأمر يقتصر على الامتحانات الدورية ونهاية العام، فضلاً عن دراسة المقررات التي تحددها الوزارة، وجميعها أسس تستند إليها العملية التعليمية في جميع المراحل، ولكن مع وجود امتحانات ختامية للفصل الدراسي الثاني أصبح لأبنائهم فرصة كبيرة للتعرف إلى مستوى أدائهم ومعدلاتهم في هذا الفصل الذي كان يفتقر إلى أدوات التقييم. وقالوا إن إدارات مدارس أبنائهم أبلغتهم أن الفصول الدراسية الثلاثة أصبح لديها امتحانات ختامية بجانب التكوينية التي يؤديها الطلبة خلال الفصل الدراسي، موضحين أن توزيع الأوزان الجديدة الخاصة بكل فصل دراسي، يشكل قيمة جديدة حققت المساواة في أيام التمدرس كافة، من التعليم والتقييم، ومنحتهم فرصة كبيرة للتعرف إلى مستويات أبنائهم المعرفية كل فصل على حدة.

قياس المستويات

أفاد أولياء أمور بأن طرائق وآليات قياس مستويات أبنائهم، تختلف من عام لآخر، فتارة تربط بامتحانات النهاية، وأخرى تحاكي الاختبارات الفصلية، وثالثة تركز على مهارات الأبناء، مؤكدين أنه في السنوات الثلاثة الأخيرة، جاءت الامتحانات بعيدة تماماً عمّا يدرسه الطلبة في المناهج، بحجة أنها بُنيت لقياس المهارات، مطالبين القائمين على التعليم بتوفير نماذج تدريبية يدركها المعلم، ويفهم ماهيتها الطالب حتى يتسنى له التعامل مع الامتحانات، لاسيما في ظل الأنماط التعليمية المتنوعة هذا العام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"