الحمض النووي لماكرون

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

اهتمت وسائل الإعلام بمشهد الطاولة الكبيرة التي جلس عليها الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون، والروسي فلاديمير بوتين، كل واحد منهما على طرف منها، فبدت المسافة بينهما كبيرة جداً، لا تلائم محادثات شديدة الجدية بين رئيسي دولتين مهمتين وفي ظرف دقيق.
كون ماكرون هو الضيف، وبوتين هو المضيف، انصرف المحللون إلى تقديم قراءة سياسية دبلوماسية لاختيار الروس هذه الطاولة بالذات لتجمع بين الرئيسين، وعزوا الأمر إلى رغبة بوتين في إيصال رسالة بليغة لمن يهمهم الأمر بأن الشقة كبيرة بين بلاده والغرب الذي أتى ماكرون موسكو ليمثله، بالنظر لما عرف عن بوتين من اهتمام بالتفاصيل المحيطة بلقاءاته السياسية وحتى الإعلامية.
على سبيل المثال، تداولت وسائل الإعلام، قبل فترة، فيديو له وهو يصطحب كلبه ضخم الحجم، إلى القاعة التي ينتظره فيها وفد إعلامي ياباني، حيث راح يلقم الكلب بالشوكولاتة أو ما شابه، قبل أن يصافح من كانوا ينتظرونه وسط دهشتهم التي عبروا عنها، بقولهم ووسط ابتسامة مرتبكة ومبهمة: «لم نتوقع هذه البداية للقائنا».
توضيحات فرنسية لحكاية الطاولة الكبيرة التي جلس عليها ماكرون وبوتين، تفيد بأن السبب هو أن الرئيس الفرنسي رفض إجراء فحص «كورونا» في موسكو قبل لقائه بوتين، كإجراء يدخل في البروتوكول الصحي الصارم المتبع حالياً في لقاءات الزعماء، لكن اللافت أكثر هو السبب الذي جعل ماكرون يرفض إجراء الفحص المطلوب.
مطلعون على البروتوكول الصحي للرئيس الفرنسي قالوا إن ماكرون وجد نفسه أمام خيارين، إما قبول اختبار «بي سي آر» تجريه السلطات الروسية للسماح له بالاقتراب من بوتين، أو الرفض الذي يعني ضرورة، التزامه بقواعد تباعد اجتماعي شديدة الصرامة، وهو ما فضله ماكرون ومساعدوه مخافة أن يضع الروس أيديهم على الحمض النووي للرئيس، في حال خضوعه للفحص على أيدي أطباء روس.
كل ما يخصّ الرؤساء يصبح شأناً أمنياً وسياسياً لا يحدده الرئيس وحده، بالضرورة، وإنما يخضع لضوابط وتقديرات يحددها الفريق المسؤول عن تلك التفاصيل في دواوين الرئاسة، وهذا ما قالته جهات فرنسية مختصة، وهي توضح ما جرى في موسكو: «للرئيس أطباء يحددون معه القواعد المقبولة وغير المقبولة في ما يتعلق بالبروتوكول الصحي الخاص به».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"