لغة مرئية في «إكسبوجر»

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

توقفت، جمالياً وثقافياً، عند عبارة وردت في إحدى المواد التعريفية بالمهرجان الدولي للتصوير (إكسبوجر) تربط التصوير الفوتوغرافي باللغة ضمن عبارة ذكية دالة هي «اللغة المرئية». وبالفعل أوجد المهرجان الذي انطلق في الشارقة عام 2016 لغة جمالية مرئية أو بصرية. وأضيف إلى ذلك أن المهرجان أوجد لغة ملوّنة، إن جازت العبارة، أساسها التصوير الفوتوغرافي الذي أصبح اليوم جنساً فنياً يوازي في فلسفته وثقافته ومصطلحاته، فنوناً تاريخية أخرى مثل الرسم والنحت والحروفية والخط والزخرفة، وغيرها من مكوّنات جمالية لها هي الأخرى لغاتها المرئية.
المهرجان الدولي للتصوير (إكسبوجر) جمع في فضائه الجماعي هنا في الشارقة كبار رموز التصوير في العالم، وأكثرهم اجتهاداً في التقاط الصور الفوتوغرافية التي تمثل ذاكرة الكائنات والأشياء وقصصها وحكاياتها وفنّياتها الفطرية من طبيعة وحياة برية، و«بورتريه» وصور صحفية.
المهرجان أوجد أيضاً لغة إبداعية فوتوغرافية مشتركة بين الشعوب، فكل كاميرا هي خزان صور حضارات وثقافات وبشر وحيوات إنسانية متلاقية على المحبة والجمال في كل أرجاء المعمورة.
المهرجان أيضاً، مكمّل ثقافي لأطياف العمل الفني والإبداعي الأدبي والتشكيلي والمسرحي في الشارقة؛ أي بكلمة ثانية، يلتقي المهرجان في أهدافه ومفرداته منذ 2016 وحتى دورة 2022، مع مفردات مشروع الشارقة الثقافي بشكل عام؛ المشروع الذي يرفع من شأن الكلمة والكتاب والصورة.
الصورة نقطة ارتكاز في جوهر المهرجان الدولي للتصوير في الشارقة، وعند هذه النقطة أسمح لنفسي بأن أكرر ما يقال دائماً عن الصورة، وبخاصة الصورة الصحفية، والصورة كما يقال، تعادل ألف كلمة.
عالمنا اليوم هو عالم الصورة بامتياز، عالم الكاميرا الفوتوغرافية، والكاميرا الفيديوية، لكن هذه الصورة لكي تعادل ألف كلمة، ولكي تكون صورة عالمية إنسانية ذات لغة مرئية ومؤثرة، لا بد لها من عينين اثنتين: عين بشرية هي عين المصور، وعين آلية أو عين مادية هي عين الكاميرا. 
وحين ترى هاتان العينان المشهد البشري أو المشهد «الشيئي» الجامد بفطنة وذكاء، يتحوّل هذا المشهد فعلاً إلى «نص» فوتوغرافي له لغته المرئية.
الصورة لا تولد فقط من عين الكاميرا؛ بل تولد قبل ذلك من عين المصور الذي يحوّل المشهد الفوتوغرافي إلى كائن حي.
لكي تكون الصورة عالمية وتعادل ألف كلمة، ولها لغة مرئية، لا بد من مصور مثقف: أولاً عينه مثقفة، رائية نافذة حنونة، وثانياً: شخصيته في حد ذاتها شخصية مثقفة قارئة في الفنون والأدب والفلسفة؛ بل حتى الأسطورة، فكم من مصور  وهذا نادر  تحوّلت صورته الفوتوغرافية إلى أسطورة أو لنقل أيقونة مشتركة لبني البشر.
المهرجان الدولي للتصوير في الشارقة رافد جمالي وفكري وإبداعي رفيع المستوى، حين يريد المرء أن يضيف إلى ثقافته عنصراً تشكيلياً فيه لون ولغة ومعنى وإيقاع، هي معاً من بين مكوّنات الصورة ذات الألف كلمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"