لا بدّ من الضرائب.. ولكن

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

أما وقد تقرر فرض ضريبة على أرباح الشركات في الإمارات، من منتصف العام المقبل، فإن هذا يعني نهاية جهود الإمارات لإبقاء أسواقها بعيدة عن الضرائب على الشركات.

حاولت الإمارات ونجحت على مدار العقود الخمسة الماضية، في إبقاء قطاع الأعمال في أسواقها معفياً من الضرائب، في الوقت الذي كانت بلدان العالم ومحيطنا الإقليمي، تفرض الضرائب وتزيدها سنوياً لتمويل موازنات الحكومات، فضلاً عن تعزيز مبدأ الشفافية في حركة الأموال عند القطاع الخاص.

الضرائب على الشركات استحقاق دولي تبنّته المؤسسات الدولية على نطاق جغرافي عريض في العالم، ووقعت لأجله الاتفاقات الإقليمية وأيضاً الثنائية الخاصة بالإعفاءات الضريبية والازدواج الضريبي، وهي اتفاقات عملت الإمارات على إبرامها مع العشرات من دول العالم.

مفاوضات الإمارات مع المجموعات الدولية حول هذا الملف، لم تكن سهلة واستمرت لسنوات، حيث حرصت على أن تكون الضريبة في حدها الأدنى عالمياً أي عند 9 في المئة في مقابل نسب تتجاوز العشرين في المئة في أكثر من نصف دول العالم، ما يعني أن الإمارات رغم الضرائب على الشركات مازالت تتمتع بمزايا تنافسية في هذا الشأن.

لا يعرف بعد حجم العائدات التي ستجنيها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية من ضرائب الشركات، لكنها من المؤكد ستكون بعشرات المليارات سنوياً، فإذا كانت أرباح الشركات المساهمة العامة مثلا تصل إلى 75 مليار درهم سنوياً، فإن الضرائب عليها ستكون بحدود 7 مليارات لوحدها فما بالك عندما نضيف شركات القطاع الخاص بأكملها.

هذا يعني أن دخل الحكومة لتمويل الموازنة العامة سيرتفع بشكل كبير، وأن الإنفاق سيتوسع أيضاً، ويعني في المحصلة أن عجلة الاقتصاد ستزداد سرعة بسبب حجم الأموال التي سيتم ضخها في شرايين الاقتصاد وقطاعاته المختلفة.

في مقابل ذلك فإن الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية معنية بتخفيض الرسوم التي تفرضها على خدماتها في المرحلة المقبلة، لأن بقاءها كما هي في ظل وجود ضريبة على الشركات وأخرى على المبيعات يعني ارتفاع تكاليف الإنتاج إلى مستويات تجعل الأرباح غاية صعبة، والتنافسية ضعيفة بشقيها الإقليمي والعالمي.

الآن، ومع قرار تطبيق الضريبة، فان على وزارة المالية والجهات المختصة الإسراع في وضع اللوائح التنفيذية لضمان الاستعداد المبكر من قبل الشركات لتطبيق آليات الضريبة، وعلى هيئة الضريبة تسهيل آليات السداد والمراجعات بما يضمن ألا تمثل الضريبة الجديدة عائقاً أمام سهولة ممارسة الأعمال، وبالتالي تنافسية بيئة الأعمال في الدولة. وكذلك، فإن وزارة الاقتصاد والدوائر المعنية أمامهم استحقاق حماية المستهلك، وأمامهم مهمة التشدد في منع استغلال الضريبة لرفع الأسعار بما يؤثر في القدرة الشرائية للمستهلك أو ما يهدد تنافسية أسواق التجزئة أمام الأسواق المنافسة. 

الإمارات قبلة الشركات العالمية ومنصة لانطلاق الشركات الناشئة، ورغم هذه الضرائب ستبقى الإمارات الأكثر جاذبية في نطاق جغرافي واسع بسبب بنيتها الأساسية وتسهيلاتها وبيئتها الاستثمارية وأسلوب الحياة الذي توفره للمستثمرين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"